الوقت - حرر حزب الله جرود عرسال، قرى المرل، القاع، الفاكهتة، راس بعلبك، اللبدة وغيرها في عملية أمنية استمرت لأيام، فما أهمية هذه المنطقة وكيف ستؤثر على مسار الحرب ضد الارهاب في سوريا؟!
أدت العملية الكبيرة والناجحة التي نفذها حزب الله في القصير، الى وضع الدول الداعمة للمجاميع المسلحة المعادية للحكومة السورية في موقف حرج، ودفعها الى محاولة الحصول على نقطة تمنحها أفضلية استراتيجية، فوقع اختيارها على جرود عرسال على الحدود اللبنانية السورية. واختار الارهابيون وداعموهم جرود عرسال لعدة أسباب منها:
1-سيطر الارهابيون على عرسال في اغسطس قبل عامين أولا؛ لفتح معبر آمن لتهريب السلاح والارهابيين من البحر المتوسط وطرابلس الى الداخل السوري، ودعم العمليات الرامية الى السيطرة على حمص ودمشق، ثانيا؛ لجعل هذه المنطقة نقطة للضغط على حزب الله لمنعه من المشاركة بقوة في الساحة السورية، حيث صوروا للشعب اللبناني أن تدخل حزب الله في سوريا أدى الى انتقال الارهاب للبنان، ثالثا؛ لافتعال ازمة بين الجيش اللبناني الذي يتولى حماية اللاجئين السورين في عرسال وبين حزب الله، وأخيرا اقامة منطقة آمنة لعوائل الارهابيين الذين يقاتلون في سوريا.
وبدوره، فرض حزب الله حصارا عليهم وقطع الاتصال بينهم وبين لبنان وسوريا ليمنع تحقيق الأهداف الأربعة أعلاه.
2- وضع حزب الله خطة لتحرير عرسال في أبريل الماضي، وبعد اجماع لبناني على تحريرها، أعلن الجيش اللبناني عدم امتلاكه القدرات على تطهير عرسال، ليضع مهمة تحريرها على عاتق حزب الله. وكان من المقرر أن يطلق حزب الله عملياته قبل شهر رمضان، إلا أن تطورات المشهد السوري أخرت انطلاق العمليات لشهرين. ومع انطلاق العمليات اصطفت جميع اطياف المجتمع اللبناني –ما عدا المستقبل بقيادة سعد الحريري- حول حزب الله، وهي الحالة المثالية لحزب الله على الصعيد الوطني، وأجهض ذلك جهود الارهابيين لسحب الشرعية عن حزب الله.
وفي عملية عسكرية خاطفة استطاع حزب الله تحرير جرود عرسال، قرى الرمل، القاع، الفاكهته، رأس بعلبك، اللبدة وغيرها، وخاض الحزب جولة سياسية الى جانب المعركة لينجلي الغبار عن نصر لحزب الله بأقل الخسائر السياسية وأقل عدد ممكن من الشهداء.
واكد الامين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أن الهدف من عمليات حزب الله هو تحرير المنطقة وليس اسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى في صفوف "جبهة النصرة" ووجه السيد نصر الله رسالة لقادة النصرة أمهلهم فيها مدة قصيرة لمغادرة المنطقة.
وفي وقت سابق أعلن زعيم جبهة النصرة في عرسال عن استعداد قواته للمغادرة نحو تركيا بشرط ألا يتم تحديد هوياتهم وقادتهم وإلا يسلموا سلاحهم، وتم رفض المقترح، واثمرت المفاوضات التالية لاتفاق يقضي بتسليم جبهة النصرة سلاحها والانتقال الى ادلب مقابل تسليمها أسرى حزب الله والجثامين التي تحتجزها؛ في عملية تعيد الى الأذهان تحرير أسرى المقاومة بعد الانتصار في حرب الـ33 يوما ضد الكيان الصهيوني.
۳- يعد النصر الكبير الذي حققه حزب الله في عرسال حلقة من الانتصارات الكبيرة التي حققتها المقاومة خلال الشهرين الماضيين؛ تحرير الموصل، احباط المخطط الأمريكي في الحدود الشرقية لسوريا، الانتصار في الغوطة الشرقية بدمشق وغرب حمص، هزيمة داعش في تدمر وما حولها، مما يبشر بأن عام 2017 سيتوج بتطور استراتيجي كبير في سوريا.
وتعد هزيمة الارهاب في المدة بين 2014 الى 2017 انجازا كبيرا، حيث تم التخطيط لانشاء هذه الجماعات الارهابية على مدى سنوات وبتعاون اجهزة مخابرات ومنظمات سياسية مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والسعودية.
كما ان احباط مشاريع الاحتلال العسكري الأمريكية وفرض معارك من نوع حرب الـ33 يوما خلال المدة من 2001 الى 2009 كان انجازا كبيرا. حيث أن المستهدف الرئيس من كل هذه الامواج الارهابية التي ظهرت منذ عام 2012 الى 2017 هو الجمهورية الإسلامية في إيران.
وإذا قارنا الانتصار السهل الذي حققه حزب الله في منطقة جرود عرسال ذات التضاريس الصعبة عام 2017 مع الانتصار الصعب الذي حققه الحزب في منطقة القصير ذات التضاريس الأكثر انبساطا، عام 2014؛ عندها سنلمس مدى التطور في قدرات حزب الله خلال هذه المدة.
في معركة عام 2014، اضطر حزب الله للقتال لمدة شهرين وتقديم ما لا يقل عن 800 شهيد رغم انبساط الأرض وسهولة طبيعتها الجغرافية، أما في عام 2017 فاستطاع الحزب الانتصار في منطقة ذات طبيعة جغرافية معقدة خلال اسبوع واحد وبتقديم 25 شهيدا فقط.
وبهذا كانت معركة القصير انتصارا لارادة محور المقاومة على ارادة الولايات المتحدة والبلدان الموالية لها وهذا فتح عظيم.
4- ان المنطقة تشهد اليوم هزيمة للفكر الارهابي ومشروعه، وهذا يكشف أننا نستطيع من الآن فصاعدا اعتبار أن الإرهاب في المنطقة قد هزم فكرا ومشروعا، حتى لو شهدنا بعض العلامات الضعيفة التي تدل عليه.
ومن المهم هنا أن نلتفت الى أن الأمريكان وعملائهم في المنطقة سيكشفون عن خطة جديدة لاشغال المقاومة والثورة الإسلامية، ويجب ألا ننسى أن الهدف الرئيس لأمريكا، اسرائيل، السعودية و.. هو إيران والمقاومة بوجه الاستكبار؛ لذلك يجب ألا نعتبر أن العدو الحاقد سيقر بالهزيمة ويكتفي بها.