الوقت- تشكل زراعة وتجارة المواد المخدرة مصدر مالي مهم للجماعات الارهابية المسلحة في أفغانستان، كما تشكل في الوقت ذاته مصدر مهم لدول حلف الناتو لا سيما واشنطن التي تمول بعض انشطتها الاستخباراتية عن طريق تجارة المخدارات الافغانية.
ووصلت فيه زراعة أنواع المخدرات في أفغانستان الى درجة من الازدهار حتى باتت جزءاً رئيسيا من الاقتصاد الوطني، إذ تشكل هذه الزراعة نسبةً كبيرةً من الدخل القومي الأفغاني وفقاً لبعض التقديرات، فيما تؤكد الاحصائيات ان زراعة المخدرات بأنواعها ازدهرت بشكل كبير بعد سيطرة القوات الأمريكية على البلاد وانهيار نظام حركة طالبان التي كانت قد تمكنت من ضرب هذه الزراعة إلى حدٍ كبير خلال فترة حكمها.
وتقدر اليوم مساحة الأراضي الأفغانية التي تسغل لزراعة المواد المخدرة وتحديداً الخشخاش بأكثر من ألفي هكتار، و85 بالمائة من تلك الأراضي تخضع لسيطرة الجماعات الارهابية المسلحة وخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية، مما يعني أن الطرق التقليدية في مكافحة هذه الزراعة لم تجد نفعاً.
أرقام وأحصائيات
وفي هذا السياق تشير احصائيات الأمم المتحدة الى أن قيمة إنتاج المخدرات الذي تشرف عليه طالبان بمبلغ 150 مليون دولار، من قيمة إنتاج أفغانستان الكلي من المخدرات الذي يقدر بمبلغ 2.8 مليار دولار حسب مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة.
وبحسب أخر احصائية أعدها الكونغرس الامريكي في تقرير حمل عنوان "المخدرات والمتمردون والإرهاب" فان القوات الدولية في أفغانستان أنها ستدمر فقط إنتاج المخدرات الذي له علاقة بطالبان أي أن كل جبروت القوات الموجودة في أفغانستان والتي يتجاوز عددها 150 ألف سيوجه لتدمير ما نسبته 0،2%، أما الباقي والذي تبلغ نسبته ما يزيد عن 99% فتدميره مناط بالحكومة الأفغانية.
روسيا تتهم الناتو
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اتهم في وقت سابق الناتو بدعم زراعة المواد المخدرة في افغانستان، كما كشف رئيس الهيئة الفدرالية الروسية لمكافحة المخدرات فيكتور إيفانوف أن قادة حلف شمال الأطلسي يشترطون لتدمير حقول الأفيون في أفغانستان صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، فيما لا تكافح قواتهم إلا إنتاج المخدرات الضئيل المرتبط بحركة طالبان.
كذلك أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أسفه لرفض قوات الناتو في أفغانستان التعاون مع روسيا في مكافحة خطر المخدرات، مضيفا "للأسف الشديد نضطر للإقرار بأن شركاءنا الموجودين في أفغانستان، لا يقبلون العمل المشترك المكثف في هذا الاتجاه"، وكلف الرئيس بوتين الأجهزة الأمنية بتكثيف الجهود الرامية للحد من تدفق المخدرات إلى روسيا من الخارج، ومنع بيعها عبر الإنترنت.ويُهرب جزء كبير من الهيروين عبر آسيا الوسطى إلى روسيا ومنها إلى أوروبا مما يزيد مشكلة المخدرات في الأراضي الروسية، و90% من الهيروين المستهلك في روسيا مصدره أفغانستان حسب إيفانوف الذي قال أيضا إن جورجيا –التي خاض ضدها الجيش الروسي حربا في 2008- هي أيضا إحدى طرق تهريب المخدر.
الاستخبارات الأمريكية تمول أنشطتها السرية من تجارة المخدارت
و تنتهج واشنطن سياسة قائمة على التناقض، فهي من ناحية تحارب الإرهاب، كما تزعم، ولكن من ناحية أخرى، ووفقا لبعض المعطيات الاستخباراتية ، فإن الأمريكيين يملكون حصة محددة من تهريب المخدرات الافغانية ناهيك عن حصة ليس بالقليلة من حماية زارعة المخدارات والتجارة بالسلاح في هذا البلد المتحل من أكثر من 16 سنة.
وبحسب تقارير غربية فان وكالة الاستخبارات الامريكية (CAI) تمول عملیاتها خارج الولایات المتحدة من ريع تجارة المخدرات الأفغانية وهذا يفسر الاهتمام الأمريكي البالغ في الحفاظ على الوضع غير المستقر في أفغانستان.
وخلال ثمانينات القرن الماضي، حوّلت حرب الـ CIA الخفية على أفغانستان آسيا الوسطى من منطقة مكتفية من الأفيون إلى أكبر مجهّز للسوق العالمي بالهيروين. وحتى نهاية السبعينات، كان المزارعون القبليون في أفغانستان وباكستان يزرعون كميات محدودة من الأفيون، وخلال عقد الحرب الخفية التي شنتها ضد الاحتلال السوفيتي في أفغانستان، قدمت الـ CIA الحماية السياسية والمعونات اللوجستية لربط حقول الأفيون في أفغانستان بأسواق الهيروين في أوروبا وأمريكا.
كذلك وثق الصحفي الأمريكي"دانيال هوبسايكر" عام 2014، بعد حصوله على سجلات تسجيل إدارة الطيران الفدرالية FAA قصة "الطائرة اللغز" الأمريكية التي ضُبطت في يوليو مع 35 كيلوغراما من الهيروين في مطار خارج سيدني، باستراليا، كانت طائرة تابعة للـ CIA ومُسجّلة منذ 40 عاماً، بعقد بين الـ CIA ودائرة الغابات الأمريكية. وهي طائرة ميرلين بمحرّكين. وهي طريقة تتبعها الـ CIA باستئجار طائرات من جهات أخرى واستخدامها في عمليات مشبوهة تبعد الأنظار عنها.