الوقت- خرجت تصريحات الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لتجعل من الإتفاق النووي في ذكراه، نموذجا يجب الإحتذاء به. وهو ما يُعتبر شهادة لمصداقية إيران الدولية، وضربة لكل المحاولات التي كان يخرج بها الغرب بين الحين والآخر للترويج لعدم مصداقية إيران. فيما أقفلت هذه التصريحات الباب على المبررات الأمريكية، والتي أخذتها دولة ترامب لتجعلها أساس حملة وهمية ضد طهران من أجل إفراغ الإتفاق النووي من أهميته وإيجاد السبل للتنصُّل منه. كما أن ما جرى، يُشير الى حجم التفاوت في الرؤى بين الأطراف الغربية، فيما يخص مصالحهم الدولية. فلماذا اعتبر الإتحاد الأوروبي الإتفاق النووي نجاحاً تاريخياً؟ وما هو موقف الأمم المتحدة من الشأن نفسه؟ وهل باتت أمريكا تعيش عزلة دولية؟
الإتحاد الأوروبي: الاتفاق النووي نجاح تاريخي
اعتبر الإتحاد الأوروبي الإتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران قبل عامين، مع مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، نجاحاً تاريخياً. وفي رسالة أصدرتها الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للإتحاد "فيديريكا موغريني" بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للاتّفاق النووي مع طهران معتبرة أن الإتفاق النووي الذي تم توقيعه مع إيران يُمثل نجاحاً تاريخياً من أجل أمن المنطقة والعالم أجمع. مضيفة أن الإتفاق دخل حيز التنفيذ قبل 8 أشهر، في حين تُثبت التقارير الصادرة عن وكالة الطاقة الذرية إلى تنفيذ طهران جميع بنود الإتفاق منذ بدء العمل به. وشددت موغريني على أن الإتفاق يُساهم بشكل كبير في المساعي الرامية لمنع انتشار الأسلحة النووية عالمياً. وتابعت أنّ العالم عجز عن السيطرة على الخطر النووي، ويواجه هذه الأيام الخطر نفسه من جديد، في إشارة منها، إلى البرنامج النووي لكوريا الشمالية. وأعلنت موغريني أن الإتحاد الأوروبي سيواصل الإلتزام بالإتفاق المذكور، وسيبذل جهوداً من أجل تطبيقه.
الأمم المتحدة: إيران التزمت بتنفيذ بنود الإتفاق
من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" عن رضاه إزاء تنفيذ اتفاق إيران النووي، داعيا جميع الأطراف الموقعة عليه الإستمرار بالعمل بإخلاص كي يكون الإتفاق مفيدا للجميع. وقال غوتيريش، في بيان بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لتوقيع الإتفاق أن ما جرى يُعتبر نتيجة مهمة في مجال الحد من الإنتشار النووي، فالإتفاق يبعث الأمل في نفوس الجميع ويُبرهن أن هنالك إمكانية لحل جميع المسائل مهما كانت معقدة في هذا المجال عن طريق الحوار والتفاهم والتعاون. معتبراً أن اتفاق إيران النووي هو أفضل الطرق لضمان الطابع السلمي الحصري للبرنامج النووي الإيراني، وهو ما يحقق تطلعات الشعب الإيراني، خصوصاً في ظل التزام طهران بتنفيذ بنود الإتفاق بحسب ما تؤكده تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وطالب جميع دول العالم تقديم الدعم لإيران والدول الراعية لتنفيذ الإتفاق المُلبي لمصالح المجتمع الدولي الأمر الذي تسعى إليه منظمة الأمم المتحدة بالطرق "الدبلوماسية والحوار".
التحليل والدلالات
عدة دلالات تبدو شبه واضحة يمكن الإشارة لها في التالي:
أولاً: من الواضح وجود تباين في الغرب بين أمريكا من جهة والمنظمات الدولية لا سيما الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي. حيث تعتبر الأخيرة أن الإتفاق نجاحاً يجب الإستفادة منه وتعميمه، على عكس ما تجده أمريكا ترامب في أنه بدون فائدة أو جدوى.
ثانياً: لا شك أن ما يجري يؤكد وجود فجوة جديدة في العلاقات الأمريكية الأوروبية، وتناقض في النظرة للمصالح. حيث لا يمكن التقليل من أهمية التصريحات التي أطلقها أمين عام الأمم المتحدة وممثلة الإتحاد الأوروبي. خصوصاً أن كلامهم لم يكن مجرد تصريح في مناسبة توقيع الإتفاق، بل تأكيد منهم على أهمية المضي به وتعميم تجربته.
ثالثاً: تُعتبر التصريحات التي خرجت، دليلاً على التزام إيران بالمعاهدات والإتفاقيات الدولية. وهو ما يُسقط التبريرات والمساعي الأمريكية الدائمة، ويُفشل المخططات الغربية لتشويه صورة إيران لدى الشعوب والمجتمع الدولي.
رابعاً: من الضروري الإلتفات الى التأكيد الذي خرج على لسان الإتحاد الأوروبي حول إمكانية اعتبار الإتفاق مقترحاً لحل الأزمة النووية مع كوريا الشمالية. وهو ما ينقل الإتفاق من مجرد حدث حصل في الماضي باتت تفتخر به الأطراف الدولية، الى خيار يمكن الإستفادة منه كمثال للحد من الإنتشار النووي. الأمر الذي يُناقض أيضاً التصورات التي سعت لها كل من واشنطن وتل أبيب وبعض الدول، في اتهام إيران بنقضها لمعاهدات الحد من الإنتشار النووي.
إذن، خرجت الأصوات الدولية الغربية لتفضح حقيقة التوجه الغربي تجاه إيران. لقد أثبتت طهران التزامها، والواقع الدولي المعقد لا يمكن أن يتجاهل ذلك. وما على واشنطن إلا الخضوع للحقيقة المُرَّة، من جديد. هي نفس الحقيقة التي أخضعت الغرب لتوقيع الإتفاق النووي مع طهران. واليوم، أكدت المنظمات الدولية أن اتفاق الغرب النووي مع إيران ، هو الأمثل، فهل يضع ذلك أمريكا في عزلة دولية؟