الوقت- سيطر تنظيم داعش الارهابي يوم الاربعاء 20 أيارعلى مدينة تدمر الأثرية في وسط سوري بعد اشتباكات دامت اسبوعا كاملا من المواجهات الضارية بين قوات الجيش السوري والمجاميع الارهابية حيث أدت كثافة النيران في الأيام الاخيرة إلى عدم نجاح إعادة التموضع التي حاول الجيش العربي السوري تنفيذها مما أدى الى سقوط المدينة التاريخية (أكبر متحف سوري في الهواء الطلق) ليل الأربعاء الخميس.
وفي التفاصيل فان تنظيم داعش الارهابي وبعد خسارة المواجهة الاولى مع قوات الجيش السوري في مدينة تدمر خلال اليومين الماضيين والتي ادت الى طرده من القسم الشمالي (القريب من الأثار) كاملاً استقدم قوات كبيرة جداً من عناصره من الرقة والسخنة (التي سيطر عليها قبل عدة ايام) بالاضافة الى عدد ليس بقليل من مدينة الموصل العراقية وبعد ذلك شن التنظيم هجمات متتالية ومكثفة وصلت ذروتها منذ ساعات الصباح الاولى ليوم الاربعاء بتوقيت المحلي مما اضطر الجيش السوري الى تأمين انسحاب لمعظم القوات المتواجدة في المدينة والمدينة الأثرية ومحيطهما (والتي يقطنها حوالي 75 الف مواطن من بينهم مهجرين من مدينة السخنة قبل اسبوع من الآن).
تلك الهجمات التي كانت سببا في صعوبة استعادة الجيش العربي السوري لمراكز أخرى كان عناصره انسحبوا منها في الأيام الأولى للهجوم فتراجعت القوات السورية باتجاه مطار "تي فور" شرق حمص فيما قصدت مجموعات أخرى الطريق الأثري إلى مناجم الفوسفات -الصوانة خنيفيس- بعد توجه واضح لتحييد المدينة الاثرية من المعركة فيما فرضته الجغرافيا كأمر واقع في ساعات الاشتباك الأخيرة.
وفي مجريات الساعة الاخيرة من عمر المعركة التدمرية بدأ التنظيم الارهابي بهجوم غير مسبوق من الجهة الشمالية ومن البساتين الجنوبية الشرقية، وكثافة الهجوم أدت الى السيطرة على حاجز "أمن الدولة" بعد اشتباكات مع الحاجز ادت الى استشهاد عدد من العسكريين.
وبعد ذلك تمكنت المجاميع الارهابية من التوغل من القسم الشمالي للمدينة مرة أخرى مسيطرة على الفرن الالي ومديرية المنطقة ومدرسة اذينة تزامنا مع حالات نزوح كثيفة لأبناء المدينة والوافدين إليها باتجاه مدينة حمص.
والى ذلك انتقلت الاشتباكات من الحي الشمالي إلى الحي الأوسط بعد سيطرة "داعش" على ما يعرف بـ "حاجز الفيلات" وحاجز الشبيبة ليشهد وسط المدينة اشتباكات عنيفة لعدة ساعات مترافقا بتفجير "داعش" لعدة سيارات مفخخة مستهدفا بها مراكز تمركز الجيش.
الجيش العربي السوري الذي كان يبسط سيطرته في اليوم الأخير من الاشتباكات على النصف الجنوبي من المدينة والممتد من المشفى الوطني غرباً، حتى مطار تدمر شرقاً، قام بإخلاء الجرحى من المشفى الى مشاف عدة في مدينة حمص، بعد استهداف حاجز قريب من المشفى بسيارة مفخخة تلاه هجوم لما يعرف بـ"الانغماسيين" (الانتحاريين) الأمر الذي جعل الانسحاب من الحاجز أمرا محتما. وفي هذه الاثناء نفذ سلاح الجو في الجيش العربي السوري غارة جوية استهدف بها مبنى المشفى الذي اقتحمه عشرات من عناصر "داعش". وزادت حدة الاشتباكات بعدها على حاجز متحف تدمر الوطني وفرع البادية (العسكري)، وتلة الاشارة والمراصد، ليبقى سلاح الطيران الأكثر فاعلية لتامين انسحاب عناصر الجيش باتجاه المطار والمناجم.
واستهدف سلاح الطيران في الجيش العربي السوري بعدة غارات كلا من" العامرية، الصناعة والحي الشمالي"، والتي تحصن بها عناصر "داعش" الارهابي بعد سيطرته عليها في الأيام الأولى للهجوم.
تساؤلات عدة دارت حول مصير محتويات متحف تدمر ونقلت جريدة "الاخبار" اللبنانية عن مدير عام الآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم أن "مئات التماثيل نقلت من تدمر إلى أماكن آمنة".
واستهدف سلاح الطيران في الجيش العربي السوري عدة مقار ومراكز تجمع بها عناصر تنظيم "داعش" صباح وظهر الخميس كمدرسة هدى الشعراوي ومبنى فرع الامن السياسي ومحيط السجن، وعسكريا أيضا ذكرت "الأخبار" أن الهجوم المضاد أصبح اليوم مأمولاً من خارج المدينة التي انسحب منها الجيش ليل الأربعاء.
تساؤلات أخرى دارت في الشارع السوري حول مصير المعتقلين والسجناء في سجن تدمر المركزي، وفي الوقت الذي اكد فيه مصدر ميداني ان سجن تدمر كان خاليا من النزلاء تماما قبل ايام من انسحاب الجيش العربي السوري من المدينة وأكد المصدر ذاته أن عناصر تنظيم "داعش" ارتكبوا مجزرة بحق 25 مدنيا حال دخولهم المدينة، فيما قاموا باختطاف عدد من عائلات الحريري كركولي (خطاب) آل مليسان وعروق ومن بينهم نساء وأطفال وتم نقلهم إلى مكان مجهول في الرقة.
اذا سقطت مدينة تدمر ولكن المعركة لها جولات وفيها كر وفر وكما قالت ملكة تدمر الكبيرة زنوبيا أو الزباء (كما هي باللغة العربية) عندما وقعت في أسر الروم " بئس ما تاج على رأس خانع ذليل ونعم ما قيد في ساعد حر أبي " فصبراً جميلاً وبالله المستعان.