الوقت- كثيرة هي الإشارات على إزاحة ولي العهد السعودي، وزير الداخليّة، الأمير محمّد بن نايف. فمع استمرار النزاع الخليجي - الخليجي لليوم الثاني عشر على التوالي، لا يزال ولي العهد السعودي، ورئيس المجلس السياسي غائباً عن المشهد السياسي المتأزم، مقابل سطوع واضح لنجم ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
قد لا يكون دور بن سلمان بالأمر الجديد على المشهد، إلا أن اللفات في تفاصيل المشهد الحالي هو الغياب التام لولي العهد عن الأزمة السياسية حتى عن اللقاء الذي عقده الملك السعودي مع أمير الكويت راعي الوساطة الخليجية، والذي أقرّ بصعوبتها وتعقيدها.
قصقصة جوانح
واللاف اليوم في ظل الأزمة القائمة جملة من المتغيّرات والمفارقات داخل البيت السعودي حيثّ تضمّن القرار الملكي الأخير الصادر عن سلمان بن عبد العزيز رسالة واضحةً بتحجيم حضور وصلاحيات ولي العهد السعودي محمد بن نايف وزير الداخلية وعزله عن المشهدين السياسي والشعبي في المملكة. فقد أصدر الملك سلمان صباح اليوم السبت، أمرا ملكيا بتحويل "هيئة التحقيق والادعاء العام" التابعة لوزير الداخلية إلى"نيابة عامة" ووضعها تحت إشراف سلطات الملك، وإزاحة مدير الأمن العام وإحالته للتقاعد .
استمرار النهج السياسي في عزل بن نايف، الذي يعيش حالة تنافي على كرسي ولاية العهد مع بن سلمان، تحت عباءة الإصلاحات، يتزامن مع غياب تام لولي العهد عن المرحلة الأدقّ في المشهد السياسي السعودي خصوصاً، والخليجي بشكل عام. قد يبرّر البعض غياب بن نايف لصالح بن سلمان في الملفات السابقة لأسباب تقنية، في اليمن بسبب ترؤس الأخير ولوزراة الدفاع، في روية 2030 بسبب ترؤسة أيضاً لرئاسة مجلس الشؤون الاقتصادية، ولكن ما هو تبرير غيابه عن المشهد السياسي الداخلي والخارجي؟ لماذا لم يتدخّل في الأزمة الخليجية رغم أنها تنضوي ضمن صلاحيات مجلس الشؤون السياسيّة والأمنيّة؟
يجيب المدوّن السعودي الشهير مجتهد على هذه التساؤلات حيث تحدّث في وقت سابق عن الأزمة الخليجية على الخلافات الداخلية بين آل سعود.
وقد أوضح مجتهد في تغريدته حينها أن ولي العهد، محمد بن نايف، غير راض عمّا جرى، إلا أنه "مشلول تماما ودوره في الأحداث صفر".وتابع: "والمباحث تستلم توجيهات بخصوص ما له علاقة بقطر من الديوان مباشرة".
لم يكتفِ مجتهد بذلك، بل أكّد أن ابن سلمان استنتج من قرارات قطر أن ابن نايف أضعف من أن يقاوم قرار عزله، وأن العائلة أعجز من أن تعترض، ولهذا لا يستبعد أن يفعلها قريبا". ما يعزّز هذه الرؤية هو ما كشفته مجلة "إيكونوميست" التي ألمحت إلى جانب بارز بطبيعة علاقة ابن سلمان بابن عمه ابن نايف، موضحةً إن العلاقة باتت واضحة حيث يعامل ابن سلمان، ولي العهد "ابن نايف" باستخفاف، كما أن الكاتب البريطاني الخبير بالشرق الأوسط ديفيد هيرست، رأى أن الهجوم وفتح جبهة حادة مع قطر يعد رسالة أخرى ذات طابع شخصي لمحمد بن سلمان.
وبين هذا وذاك تبقى الذريعة لعزل بن نايف، بالحسنى أو بالقوّة، بالحسنى أي بناءً على طلبه كما فعل الأمير مقرن بن عبد العزيز كي لا يتمّ الأمر بالقوّة عبر تهمة سياسيّة تدفع به إلى السجن ربّما. اليوم، وفي ظل الأزمة الخليجية، يتحدّث البعض عن اعداد بن سلمان سيناريو لاتهام بن نايف بالتخابر مع قطر، كما حصل مع الرئيس المصري السابق محمد مرسي، تمهيداً لعزله وربّما زجّه في السجن، خاصّة ان جسمه الأمني يحمل هذا الاتهام، فهل يطالب الأمير السعودية الأمني المحنّك بعزله الحسنى أم يستمر في المواجهة الصامته، التي ليست في صالحه زمنيا؟
تبقى هناك عقدة أمام بن سلمان وهي الاستخبارات الأمريكية " ”CIAالتي تميل نحو بن نايف، وقد كرّمته قبل أشهر. ليس ذلك فحسب، بل بن نايف الذي يمتلك علاقات وثيقة مع العديد ومن أجهزة الاستخبارات العالميّة، "لا يزال يحمل سلاسل الدولة العميقة – فهو يسيطر على وزارة الداخلية وأمن النظام الداخلي وجهاز مكافحة الإرهاب وأجهزة الاستخبارات، ناهيك عن رجال الدين، والقضاة في المحاكم وعملية الصناعة الدينية في المملكة"، وفق موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
باختصار، المشهد السعودي يتوجّه نحو تتويج محمد بن سلمان ملكاً، بانتظار الزمان والمكان المناسبين في نظر الملك سلمان، أو بن سلمان. هذه قناعة راسخة لدى أغلب الخبراء والسياسيين العرب والغربيين على حدّ سواء. وهذا ما يفسر دعوة رؤساء الدول لـ"بن سلمان" بدلاً من بن نايف في مناقشة الملفات مع السعودية.
ربّما ينجح بن سلمان في ذلك، لنستيقظ في صباح يوم هادئ على قرار سعودي مفاجئ، على شاكلة القرارت السابقة كعزل الأمير مقرن وقطع العلاقات مع قطر و..، وربّما الظروف الصحيّة تقطع الطريق على الملك السعودي الحالي كما حصل مع الملك السعودي السابق عبدالله بن عبد العزيز الذي غدر به المرض قبل تنصيبه لابنه متعب بن عبدالله كولي للعهد.