الوقت- منذ زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى السعودية ونحن نشهد كل يوم مخططات واتفاقيات جديدة، فهذه المرة اعلنت الرياض انها بصدد تأسيس تحالف اسلامي عسكري تحت ذريعة مكافحة الارهاب، وتقديم الدعم للقوات المحاربة للارهاب في سوريا والعراق. وبحسب اعلان السعودية فان التحالف المزمع تأسيسه سوف يضم 34 الف شخص من الدول الاسلامية التي حضرت زيارة ترامب للسعودية.
ولكن مثل هذا المشروع سوف يواجه تحديات وعقبات عديدة، وقد لا يبصر النور في ظل الاحداث التي تعصف بالمنطقة، فحتى الان لم يتم تحديد الدول التي سوف تشارك في هذا التحالف ولا حتى ميزان الفعالية فيه، في الوقت الذي التزمت فيه الدول التي اجتمعت في السعودية بالصمت حيال التحالف ولم تبدي اية دولة اسلامية رغبتها او نيتها المشاركة فيه.
ومن ناحية أخرى فان تأسيس التحالف الاسلامي المزعوم يحتاج الى احداث مؤسسات جديدة تستطيع اجراء قوانين التحالف ومراقبة اعماله ومشاريعه، اضافة الى ايجاد التنسيق اللازم بين القوات المشاركة فيه. كما لايمكننا أن نتجاهل الجانب المادي وتامين نفقات قوات التحالف وتخصيص نصيب كل دولة في اعداد الميزانية المالية، فحتى الان لا احد يعلم ان كانت السعودية والدول الخليجية هي التي سوف تتحمل الاعباء المادية للتحالف، ام أن الاعضاء المشاركة سوف تتحمل مسؤولياتها المالية التي سوف تفرض عليها.
وخلال السنوات الماضية لم تكن السعودية راضية عن نتائج التحالف الدولي الذي تقوده امريكا في محاربة "تنظيم داعش الارهابي"، وانتقدت الرياض واشنطن عدة مرات بشأن عمليات التحالف الدولي، وبناءً عليه لايمكن التنبوء ان كانت السعودية سوف توافق على تأسيس تحالف جديد تحت قيادة امريكا، وفي حال وافقت لايمكن التنبؤ ايضاً الى اي مدى سوف تتمكن امريكا من تأمين مصالح دول التحالف في المنطقة وخصوصاً تلك التي تتعارض مع مصالحها. فاعلان السعودية بأن سوريا والعراق سوف تكونان المسرح الاول لعمليات التحالف الجديد يضع التحالف وقياداته امام تحد كبير جداً، وذلك باعتبار ان كل دولة مشاركة في التحالف سوف تسعى الى حفظ مصالحها في سوريا والعراق بالدرجة الاولى، فكيف سوف يتمكن قادة التحالف الجديد ضمان مصالح جميع الاعضاء؟
اما التحدي الاكبر امام الرياض وتحالفها الجديد هو العدوان السعودي على اليمن، فالسعودية اثبتت فشلها في قيادة 10 دول ضمن تحالفها ضد اليمن، فكيف سوف تتمكن من قيادة وادارة تحالف جديد يشمل اكثر من 50 دولة، والجميع يعلم ان السعودية طوال العامين الماضيين لم تحقق اي هدف من اهداف حربها على اليمن، فكيف سوف تنجح في سوريا والعراق مع اخذ القوات المقاتلة على الارض بعين الاعتبار، وبناءً على ذلك لايمكن التوقع بعدد الدول التي سوف توافق على مشروع التحالف الجديد. خاصة مع وجود منافسة قوية سعودية تركية مصرية على قيادة العالم الاسلامي.
المحلل السياسي فهمي هويدي كتب في مقالة له، ان ترامب خلال سفره الى السعودية نجح في ايجاد مشروع تحالف عسكري لاهل السنة من اجل الوقوف في وجه ايران، مؤكداً ان حضور ايران في المنطقة سوف يفشل مخططات التحالف ومساعيه لتحقيق مصالح اعضائه، واوضح هويدي ان عدم اشراك ايران في هذا التحالف باعتبارها من اهم القوى التي يعمل لها حساب في المنطقة، يثبت عدم جدية السعودية في الالتزام بالاهداف التي اعلنت عنها، صحيح ان هذا التحالف سوف يوجد للحد من نفوذ ايران في المنطقة الا ان طهران واذرعتها الامنية قادرة على كبح جماح الاجراءات العسكرية للتحالف.
وفي ظل تنامي قوة جديدة في المنطقة قد تكون قادرة على قلب موازين القوى فلن تقف روسيا مكتوفة الايدي حيال التحالف الاسلامي، كونها دولة لها ثقلها وتأثيرها وحلفائها في المنطقة، فهي لن تسمح لامريكا وحلفائها بالتحرك بحرية في المنطقة. ومن المتوقع ان يكون رد موسكو على المشروع الجديد عن طريق زيادة دعمها لمحور المقاومة، من اجل حماية المصالح الروسية في المنطقة.
ومن خلال ما سبق وبحسب التقارير والمعلومات، يتبين لنا ان امريكا تسعى الى ايجاد تحالف عسكري اسلامي لتزج به في حروب الوكالة التي تنتهجها من اجل جر الدول العربية الى النزاعات والحروب وضرب الاستقرار فيها وتجزئتها مما يضمن امن الكيان الاسرائيلي، ولتغدوا بعد ذلك الدول العربية والاسلامية سوقاً للاسلحة الامريكية ومركزاً لتأمين مصالح واشنطن في المنطقة.