الوقت- عندما يرى الناس هذا المشروب وطريقة استخدامه لأول مرة يتعجبون من أمره ويتساءلون عن خصائصه وفوائده، وعندما يشرح لهم العارف بهذه الخصائص تبدأ ملامح التعجب تظهر على وجوههم، وسرعان ما تزداد ثقتهم أكثر وأكثر بهذا المشروب عندما يعلمون بفوائده ويرون صورا للمشاهير ورؤساء العالم وهم يتلذذون به أمثال ليونيل ميسي وماردونا ورئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا ...وغيرهم.
عربيا نجد هذا المشروب ينتشر بكثرة في سوريا ولبنان ويتركز استهلاكه في الساحل السوري وحمص والسويداء بالإضافة إلى بلدات القلمون وخاصة يبرود والنبك، حيث تجمع المتة والتي تعتبر رمز الضيافة التقليدية هناك أفراد العائلة أو الأصدقاء في أجواء من المودة والألفة.
ويستخدمها البعض مع إضافة بعض الأعشاب المحلية والنباتات البرية كالزعتر والميرمية والنعناع البري والزوفا إليها، ما يجعلها أطيب مذاقاً، كما يتناول رواد شرب المتة بعض المكسّرات معها، وقد أصبحت يوماً بعد يوم عادةً متأصلة في العديد من مناطق ومدن وقرى البلدان التي انتشرت فيها.
وفي السابق كان الناس يحتسون المتة في كأس ومصاصة واحدة يتناقلوها فيما بينهم، أما اليوم، فيُخصص لكل شخص كأسُه ومصّاصتُه، بل وأصبح كثيرون يحملون مصّاصاتهم في جيوبهم مثل القلم حيثما ذهبوا.
ومن المتعارف عليه أن المتة وصلت إلى بلاد الشام عن طريق المهاجرين العائدين من أمريكا اللاتينية "موطن المتة" إلى أوطانهم.
ماهي المتة
هي نبات شجري دائم الخضرة يتراوح ارتفاعه بين 4-6 أمتار، وينمو برّياً كما يُزرع كمحصول تجاري للاستهلاك المحلي والتصدير، وتؤخذ المتـَّة من أوراق نبات الفصيلة البراغوانية، واسمها العلمي "Ilex Paraguariensis" أما أصل التسمية، فقد جاء من كلمة إسبانية توصف بها في بارغواي وتعني "القرعة" أو "الجوزة" أو الكأس الذي تُشرب به عشبة المتـَّة، ولها تصاميم مختلفة الأشكال والألوان، ومنها ما يتمَ تزيينه بالفضة والذهب.
وتحتوي المتة على نسبة لا تزيد عن 3% من الكافيين كذلك على المغنيسيوم والبوتاسيوم والمنجنيز وفيتامين سي والحديد والأملاح المعدنيّة والعديد من الفيتامينات المركّبة؛ حيث إنّ المتة تعتبر مشروباً صحيّاً مقارنةً بالمشروبات الأخرى مثل القهوة والشاي والنسكافيه.
المنشأ والإنتاج
يعود الموطن الأصلي للمتة إلى دول أمريكا اللاتينية وتحديدا البارغواي والأرجنتين وتشيلي، ويصفها سكان تلك المناطق بأنها سائل عجيب يبعث النشاط في العضلات والأعصاب ويسكن الألم وعسر التنفس ويهدئ الدماغ، كما انها مدرة للبول وتمنع الجوع وتقوي جهاز المناعة وتذيب الشحوم".
ويصل الإنتاج السنوي من المتّة إلى 300 ألف طن، وتتصدّر الأرجنتين قائمة المستهلكين في العالم بـ 100 ألف طن، إذ يبلغ استهلاك الفرد الأرجنتيني منها 5 كغ سنوياً، وفي الأوروغواي يصل استهلاك الفرد إلى 8 كغ سنويا.
فوائد المتة
1- تفيد المتَّة بالدرجة الأولى في علاج مشاكل عسر الهضم وآلام الرأس والصداع. وهي من مشروبات الطاقة والمنبهات، وتفيد أيضاً في تخفيف الوزن وإذابة البطن بدون أي مضاعفات، وفي تخفيض نسبة السكر في الدم.
2- وتوصف المتة بأنها هاضمة ومغذية ومفرحة ومليّنة، ومن المفضل أن تُشرب بعد الطعام بوقت طويل نسبياً لتسهل هضمه. كما أن الإكثار من شربها لا يُحدث الإمساك ولا يضرّ القلب أو الأعصاب.
3- وتعتبر المتة مانعةً للجوع ومُدرّاً للبول وتعالج احتباسه، وإذا شُربت على الريق فإنها تليّن المعدة والأمعاء.
4- تفيد بعلاج أعراض الرشح والإنفلونزا؛ لأنها تحتوي على نسبة عالية من فيتامين سي.
أساطير
يعتبر شعب الـ "غواراني" أول من شرب المتة، حيث ينتشر هذا الشعب في مناطق الباراغواي وشمال شرق الأرجنتين وجنوب البرازيل.
وتقول أساطير هذا الشعب أن آلهة القمر والغيوم نزلت ذات مرة إلى الأرض لتتفقد أحوالها، وبدلاً من أن يستقبلها المُزارعون فوجئت الآلهة بفهد يحاول الانقضاض عليها، إلا أن رجلاً عجوزاً حكيماً أنقذها منه.
وقد كافأت الآلهة العجوز بأن أعطته نبتة المتة "مشروب الصداقة والسلام" التي لا تنقطع مواسمها ومنافعها مدى الحياة، فأقام لها المُزارعون التماثيل عرفاناً وامتناناً.
طريقة الاستخدام
توضع الأوراق الخضراء المجففة والمطحونة لنبتة المتة مع أعوادها في ربع كأس –سواء كبير أو صغير، لأن من خصائص عشبة المتَّة أن يزداد حجمها في الماء- ثم يضاف إليها الماء الساخن "قبل غليانه" والسكّر حسب الرغبة، أو بدونه.
وتستخدم لشرب المتـَّة مصاصة خاصة، وثمة من يضيف إلى المتَّة قشر الليمون أو البرتقال أو أوراق الملّيسة أو النعناع وبعض المنكهات الأخرى.