الوقت- منذ قيام ما يسمى بدولة إسرائيل، كانت البنية الأساسية لذلك الكيان تقوم على العنصرية ونقض القوانين والأعراف الدولية، بل وعلى هتك كل الحرم الإنسانية التي تقدسها كافة الشرائع السماوية. كيف لا؟ وقد أسس الكيان على أجساد الفلسطينيين قبل أراضيهم، وبتواطؤ ودعم دولي شرع لهم انتهاك كل الحرمات منذ اللحظات الأولى لولادة تلك الفكرة المشؤومة.
الأطفال بدورهم ليسوا مُستثنين من هذه العنصرية والإجرام الإسرائيلي، فإذا ما نظرنا إلى الاعتقالات التعسفية التي تطال القاصرين من أبناء الشعب الفلسطيني وأساليب التعذيب الممنهجة التي يتبعها الاحتلال بحقهم، ندرك مدى بشاعة هذا العالم الذي نعيش فيه والذي تتغنى الدول المتقدمة فيه باحترامها لحقوق الإنسان وفي المقابل تدعم الكيان الإسرائيلي بشكل مطلق.
تبدأ قصة العنصرية ضد الأطفال الفلسطينيين منذ الولادة، حيث أن الأمهات من أهالي 48 الفلسطينيين يُفصلون أثناء الولادة وأطفالهم عن بقية الإسرائيليين. لتبدأ قصة العنصرية ضد ذلك الطفل المولود حديثا قبل أن يفتح عينيه على هذه الدنيا.
وما إن يصل الطفل إلى سن البلوغ حتى يصبح ملاحقا من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، كيف لا؟ وهو بنظرهم المخرب الذي قد يحطم كيانهم الغاصب.
القصص كثيرة عن الاعتداءات التي طاولت أطفال فلسطين، فقصة الشاب الذي لم يبلغ 16 عاما محمد أبو خضير لا تزال شاخصة في الأذهان، وهو الذي خُطف غربي القدس على أيدي مستوطنين عام 2014، حيث قتلوه ومثلوا في جسده قبل حرقه.
الاعتقال الإداري
منذ اغتصاب فلسطين، كان الاحتلال يعتقل الأطفال تحت حجج مختلفة، ومنها رمي الحجارة باتجاه الجنود الإسرائيليين وآلياتهم. ولكن بعد الانتفاضة التي بدأت عام 2000 ازدادت شدة الاعتقالات وقساوتها من جهة، وخرج الاحتلال بفن جديد للاعتقالات سمي بالاعتقال الإداري، الذي يسمح له باعتقال أي كان من الفلسطينيين إن في الداخل أو من فلسطينيي قطاع غزة والضفة الغربية دون تقديم أي مبرر أو اتهام واضح، ويسمح بمدة اعتقال تصل إلى 6 أشهر غالبا ما يتم تمديدها، وقد تم اعتقال الكثير من الأطفال في ظل هذا القانون بعضهم تحت 14 عاما.
تشير إحصاءات أعلنتها مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان أن أكثر من 300 طفل فلسطيني موجودين في معتقلات إسرائيلية منذ بداية عام 2017 الجاري.
وبالعودة إلى السنوات الماضية، فتشير الأرقام إلى 400 و470 طفل اعتقلوا بين عامي 2015 و2016 ميلادي. عام 2014 بلغ الرقم حدا قياسيا وصل إلى 1266 طفلا تحت 18 عاما، مقابل 931 طفلا عام 2013. وفي المجموع فقد بلغ الرقم ما يزيد عن 12 ألف طفل منذ عام 2000 إلى اليوم.
الاعتقالات والتعذيب الممنهج
تقوم قوات الاحتلال باعتقالات بالجملة للأطفال الفلسطينيين، وفي كثير من الأحيان تتبع أسلوب الاعتقال الليلي ودون سابق إنذار ومن دون أي مراعاة يتم تعريضهم لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. كما تجبر سلطات الاحتلال عائلاتهم على دفع مبالغ كبيرة مقابل الإفراج عنهم دون السماح لهم بمقابلتهم أو توكيل محام للدفاع عنهم.
وعن أساليب التعذيب ونقلا عن أطفال عانوا مرارته في سجون الاحتلال يتحدث هؤلاء عن مجموعة أمور أبرزها:
1. سوء الطعام والنظافة والحشرات التي تملأ الغرف
2. وضعهم في غرف مظلمة قليلة التهوءة
3. فقدان الاهتمام الطبي أثناء المرض
4. عدم توفير اللباس المناسب ووسائل الترفيه
5. منع الارتباط بالعالم الخارجي وحتى عائلاتهم
6. الاعتقال في سجون للكبار
7. عدم وجود متخصصين نفسيين
8. الضرب والشتم أثناء الاعتقال والتحقيق معهم وهم عراة.
9. تعريضهم لمهاجمة كلاب متوحشة
10. استخدام الأطفال كدروع بشرية أثناء الهجوم على متظاهرين فلسطينيين
11. عدم معالجة جروحهم بعد تعريضهم للضرب أثناء التحقيق
هذه المعلومات تؤكدها الصحافة الإسرائيلية نفسها، حيث كتبت خبيرة الشؤون الفلسطينية في صحيفة هآرتس "عميره هاس" مؤخرا تقريرا يتحدث عن المنهجية التي يتبعها الإحتلال في اعتقال الأطفال الفلسطينيين.
كما أشارت "هاس" في تقريرها إلى أن 60 % من الأطفال المعتقلين يتعرضون للعنف، و10 % منهم يسمح لهم بالتشاور مع محام. كما أن لوائح الاتهام غامضة غالبا، وهناك من الأطفال من لم يبلغ 12 عاما.
وتقول "هاس" نقلا عن شهود أن معظم الأطفال يخرجون من السجون بحالة نفسية مزرية، وكثير منهم يتركون الدراسة وبعضهم يتحول إلى شخصية منزوية اجتماعيا. ونقلا عن منظمة حقوقية جمعت شهادات أكثر من 450 قاصرا اعتقلوا بين عامي 2013 و 2016، تبين أن 96 % منهم تم تكبيلهم بأربطة بلاستيكية محرمة، و81% تم اقتيادهم معصوبي العيون، و60% تعرضوا لعنف جسدي، و49% تعرضوا للشتيمة وألفاظ بذيئة.
ختاما وبالعودة إلى ما تقدم في بداية هذا التقرير والبنية التي أٌسس عليها الكيان الإسرائيلي، يصبح من المبرر له كل ما يفعله على رغم وجود أكثر من 27 معاهدة دولية تضمن حقوق الطفل. والسبب أن هذا الكيان أُسس ليكون خارج القوانين الدولية بمباركة دولية.