الوقت - صال الملك وجال بأسطوله الجوي لجذب المستثمرين من الشرق الآسيوي إلى مملكته، عله يتفادى الأضرار التي لحقت ببلاده نتيجة السياسة الفاشلة للسعودية في العديد من القضايا والتي كان أهمها "النفط"، لتستيقظ المملكة بعد عامين من الإصرار على اتباع نفس النهج على فقدانها أهم ما تملك "السيطرة على أسواق النفط".
ولتفادي هذا الأمر الذي أصبح أمراً واقعاً كان على المملكة أن تجد حلولا سريعة لواقعها الإقتصادي المتدهور جراء سياستها المتبعة وزيادة انتاج النفط بالإضافة للحروب التي مولتها أو شنتها على جيرانها.
إيجاد حلول
وصلت السعودية لقناعة تامة بأن زمن الإعتماد على عائدات النفط قد ولى إلى غير رجعة، وبيع أسهم شركة أرامكو يفسر هذا الكلام بشكل كبير. كما أن زيارة الملك سلمان إلى آسيا كانت تهدف بشكل أو بآخر إلى جذب المستثمرين لشراء هذه الأسهم، وتعد شركة هونغ كونغ للبورصات والمقاصات من أكبر المنافسين لهذا العرض.
من جهة أخرى تقوم المملكة بإصلاحات مالية كبيرة، تتضمن زيادة في الضرائب وفي رسوم تأشيرات السفر الخاصة بالوافدين، بالإضافة لقطع المعونات على المياه ومنتجات الطاقة وتقليص عدد مشاريع الأشغال العامة في قطاعات النقل والإسكان والرعاية الصحية.
وتسعى الحكومة لزيادة عدد أيام السنة 11 يوما إضافيا مما يمكنها من تشغيل الموظفين عدد أيام أكثر دون زيادة الرواتب، هذا الأمر سيتم عن طريق تحويل التقويم المستخدم من التقويم الهجري "354 يوم في السنة" إلى التقويم الميلادي "365 يوم في السنة".
وتعمل السعودية في الوقت الحالي على تطوير قطاعات لا تعتمد على النفط كالطاقة المتجددة وصناعة الألبان.
خطط فاشلة
في خضم معركة الإنتاج اتبعت السعودية سياسة زيادة الإنتاج لتتحول على اثرها إلى ضحية للأسباب التالية:
أولاً: رفضت الرياض قطع إنتاج النفط أمام تآكل حصتها في السوق، وتبنت عوضاً عن ذلك خيار زيادة منتجاتها في عام 2016، في محاولة منها لإخراج إيران والولايات المتحدة من المنافسة، وخاصة بعد أن علمت بالضغوط المالية التي يتعرض له البلدان، لكن النتيجة جاءت معاكسة لتطلعات المملكة.
ثانياً: كلف تدهور أسعار النفط الناتجة عن زيادة الانتاج، المملكة خسائر فادحة وأضرار مالية كبيرة، فبين عامي 2014 و2016، انخفضت احتياطات السعودية من 764 بليون دولار إلى 536 بليون دولار، وهو ما يؤذن بإفلاس خزينة المملكة خلال نصف عقد من الزمن في حال استمرّت الوتيرة على هذا النحو.
ثالثاً: ظهور تحدٍ جديد للرياض تمثل بصناعة النفط في الولايات المتحدة وبحلول عام 2015، وبعد مرور عقد من الابتكارات التكنولوجية كجهاز رصد الزلازل عن بعد، وأتمتة العديد من الوظائف البترولية، خسرت السعوديّة زعامة الإنتاج العالمي للنفط.
رابعاً: نتيجة للضغوط الكبيرة التي تتعرض لها المملكة، خاصة بعد حربها على اليمن وتكاليفها الباهظة، قررت الرياض في العام الماضي إيقاف معركة النفط، ليواجه هذا القرار برفض بقية أعضاء "منظمة الدول المصدرة للبترول OPEC" قطع الإنتاج.
مأزق كبير
تعقدت الأمور الإقتصادية أكثر وأكثر ولم تجد المملكة حلاً أمامها لإنقاذ الإقتصاد سوى بالتخلص من ملايين العمال الأجانب وإحلال العمالة المحلية مكانهم، لكن حتى هذا الحل لن يكون مجدياً للأسباب التالية:
أولاً: القطاع الخاص يعتمد بنسبة 80 بالمئة على العمالة الأجنبية، وهذا سيدخل المملكة بورطة كبيرة في ظل غياب وجود الخبرات الكافية لدى أبناء السعودية.
ثانياً: نظام التعليم السعودي ما يزال يغلب عليه الطابع النظري والتركيز على التعاليم الدينية والتاريخية دون المواد العلمية والتطبيقية، وبالتالي سيكون من الصعب جداً أن يحل السعوديون الملايين من العمال الأجانب في القطاع الخاص خلال فترة قصيرة في وقت لا يتمتعون فيه بالتأهيل والخبرة.
ثالثاً: أغلب العمال الأجانب يعملون في مجالات تعوّد غالبية السعوديين على ازدرائها لأنها من وجهة نظرهم لا تليق بهم مثل أعمال النظافة والمطاعم والفنادق والخدمات المنزلية، أما القسم الآخر فيشكل عماد قوة العمل في البناء والصناعة والتجارة والنقل والصيانة والخدمات الصحية. ومن هنا فإن الاستغناء عن الملايين منهم بسرعة سيعرّض قطاعات بكاملها للانهيار.
وبناءاً على كل ما تقدم سيكون من الصعب جداً بل من المستحيل كما يرى المحللون الاستراتيجيون، على المملكة تحقيق أهداف "رؤية 2030" الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط. وعلى ضوء ذلك يمكن تفسير مخاوف وشكاوى رجال أعمال سعوديين مؤخرا من سياسات الحكومة الحالية التي أدت حسب قولهم إلى تراجع أعمالهم بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل والطاقة وانخفاض القوة الشرائية للسكان حسب وكالة رويترز للأنباء.