الوقت- هناك العديد من المنظرين الفلسفيين الاجتماعيين والعلماء الذي نظّروا في الارتباط الجيولوجي والمناخي ببنية وشكل البشر، ومدى تأثير الزمان والمكان والمحيط في هذه المسألة.
وفي هذا الإطار أكد باحثون من جامعة بنسلفانيا الأميركية أن التغيرات المناخية كان لها أثر كبير على أشكال وجوه البشر عبر العصور.
ويعد الأنف بكل أشكاله وأحجامه من السمات المميزة لوجوه البشر سواء كان كبيراً أم صغيراً عريضاً أو حاداً أو بين بين.
والعماء يحاولون استكشاف بعض العوامل التي ساهمت في تطور شكل الأنف البشري، وظهر الجنس البشري في أفريقيا قبل نحو 200 ألف عام ثم هاجر بعد ذلك لأجزاء أخرى من العالم.
وفي عودة الدراسة التي نشرتها مجلة PLOS Genetics العلمية، ذكرت انه "يلاحظ الجميع الاختلاف الموجود بين وجوه البشر المنتمين إلى بلدان وقارات مختلفة، وأكثر ما يلفت النظر هو اختلاف أشكال أنوفهم وأحجامها، فعلى سبيل المثال، أنوف سكان شمال أوروبا تختلف كليا عن أنوف سكان إفريقيا أو جنوب آسيا، لذلك كان من المثير للاهتمام متابعة الأسباب المناخية والوراثية التي أدت لتلك الاختلافات".
وأوضح العلماء ان "خلال الدراسات تبين أن سكان المناطق الحارة أو التي يتميز هوائها بمعدلات عالية من الرطوبة حيث تقل فيه معلات الأوكسيجين، يتميزون بأنوف كبيرة ذات فتحات كبيرة نسبيا، على عكس سكان المناطق الباردة، فأنوفهم أصغر حجما وتتميز بفتحات صغيرة".
وقد كشف الباحثون عن نتائج "بينت أن عددا من العوامل أثرت على أشكال أنوف السكان الأصليين لمختلف القارات والبلدان، وأهم تلك العوامل كانت العوامل المناخية كمعدلات الرطوبة ودرجات الحرارة، وبالإضافة لتلك العوامل لوحظ أن للعامل الجيني تأثيره الملحوظ، حيث أثرت معدلات الاختلاط والتزاوج بين الشعوب على أشكال وجوه البشر".
وأيضاً في دراسة أخرى مشابهة أكدّ الباحثون إن الأشخاص ذوي الأنوف الأصغر ربما يكونوا قد تعايشوا بشكل أفضل وأنجبوا أطفالا أكثر من ذوي الأنوف الأكبر في الأماكن الباردة والجافة مما أدى إلى تضاؤل تدريجي في اتساع الأنف.
واستخدم الباحثون في دراستهم هذه صورا ثلاثية الأبعاد لمئات الأشخاص ممن ينحدرون من شرق آسيا وجنوبها وغرب أفريقيا وشمال أوروبا.
والجدير بالذكر أن الأنوف الأكثر اتساعا شائعة أكثر في الأشخاص المنحدرين من مناطق ساخنة وترتفع فيها نسبة الرطوبة في ماتشيع الأنوف الضيقة الحادة بين من ينحدرون من مناطق باردة وجافة.
والمهمتان الأساسيتان للأنف بالطبع هما التنفس والشم. وبداخلها شعيرات دموية لتدفئة وترطيب الهواء المستنشق قبل أن يصل إلى مناطق أكثر حساسية في الجهاز التنفسي.
ويقول أرسلان زيدي المتخصص في علم الوراثة وكبير الباحثين الذين قاموا بالدراسة التي نشرت في دورية (بي.إل.أو.إس جينيتكس) إن وجود فتحة أنف أضيق قد يساعد على زيادة الاتصال بين الهواء المستنشق والأنسجة داخل الأنف مما يساعد أكثر على تدفئته.
وأضاف “ربما يكون ذلك قد قدم ميزة في الأجواء الباردة. وفي الأجواء الأكثر دفئا فالعكس صحيح على الأرجح”.
وتدعم تلك النتائج بشكل عام ما يعرف باسم قاعدة طومسون التي أرساها عالم التشريح والأنثربولوجيا البريطاني آرثر طومسون (1858-1935) والتي قالت إن من ينحدرون من مناطق باردة وجافة المناخ يميلون لأن تكون أنوفهم أطول وأرفع ممن ينحدرون من مناطق ذات مناخ دافئ ورطب.
وقال زيدي إن أغلب الأدلة السابقة على هذه القاعدة جاءت من قياسات للجمجمة فيما توسعت تلك الدراسة من خلال تحليل الشكل الخارجي للأنف.