الوقت- يعدّ قرار تعيين السفير الأمريكي في روسيا امتحان مباشر للعلاقة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي دونالد ترامب.
ويبدو أن ترامب سار في سياسة سلفه أوباما، وهي في الحقيقة سياسة مراكز صنع القرار في أمريكا، عبر الابتعاد عن روسيا، أو عدم التقارب معها على أقلّ تقدير وذلك من خلال تعيينه جون هانتسمان (جمهوري متشدد ملقب بالكوبرا) سفيرا في روسيا.
يأتي ترشيح هانتسمان لهذا المنصب، الذي يتطلب تصديق مجلس الشيوخ، في وقت وصلت فيه العلاقات الأمريكية الروسية إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب الباردة، وفق ما ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية في وقت سابق.
وقال مسؤول رفيع المستوى في إدارة ترامب إن "اختيار الرئيس الأمريكي وقع على هانتسمان ليصبح سفيراً في روسيا لأنه بارع وقوي ويفهم ما يريده ترامب".
السيرة الذاتيّة
ولد جون مايد هانتسمان الابن في مدينة ريدوود بولاية كاليفورنيا الأمريكية في مارس عام 1960، لأب ملياردير، وتخرج من جامعة بنسيلفانيا ببكالوريس في السياسة الدولية عام 1987.
وكان هاتسمان زائرا دائما للبيت الأبيض مع والده، حيث التقى العديد من صناع السياسة الأمريكية هناك مثل هنري كسنجر عندما كان عمره 11 عاما، وعمل كمساعد في البيت الأبيض في الفترة من عام 1983 إلى عام 1986.
وانتقل وأسرته للعيش في تايوان في 1987 ورجع إلى الولايات المتحدة في 1988 ليشارك في مؤتمر الحزب الجمهوري في انتخابات عام 1988، وتم تعيينه من قبل الرئيس جورج بوش الأب ليصبح سكرتيرا مساعدا في إدارة التجارة الدولية الأمريكية بين عامي 1990 و1991، وقام بوش بترقيته إلى مرتبة سفير لتمثيل الولايات المتحدة في سنغافورة عام 1992، ليصبح أصغر سفير أمريكي في تاريخ أمريكا.
الجمهوري جون هانتسمان (56 عاما)، شغل مناصب عدة من بينها سفير أمريكا لدى سنغافورة (1992-1993)، وحاكما لولاية يوتا (2005-2009)، وسفيرا في بكين (2009-2011). وفي مايو/أيار 2011، أعلن عن نيته الترشح للرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهوري، لكنه خرج من السباق باكرا ودعم ميت رومني، الذي خسر أمام مرشح الحزب الديمقراطي باراك أوباما، خلال السباق الرئاسي. وشغل في السابق منصب رئيس مجلس الاطلسي الأمريكي، وهو منظمة غير حكومية وغير حزبية، هدفها تعزيز القيادة الأمريكية في الساحة الدولية على أساس الدور المحوري لدول الأطلسي في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
ويعد هانتسمان أحد سياسيي الحزب الجمهوري المحافظين، حيث يصف نفسه بأنه من التيار اليميني الوسطي المحافظ، وهو متزوج ولديه 7 أبناء.
الجمهوري المتشدّد
يعدّ الجمهوري المتشدّد هانتسمان ممن لا يريدون علاقات جيّدة مع روسيا. فقد علّق عضو مجلس الشيوخ الروسي "أليكسي بوشكوف" على نية تعيين هانتسمان سفيرا لأمريكا في موسكو، بالقول "إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحيط نفسه بأشخاص لا يريدون تحسين العلاقات مع روسيا، ولا مكافحة تنظيم "داعش" بالتعاون معها، ومنهم على وجه الخصوص، ومن غير المرجح أن يكون جون هانتسمان المقترح لمنصب السفير في موسكو، حمامة سلام.
من جانبه، ذكر موقع فورين بوليسي أن اختيار ترامب لهانتسمان لم يكن بسبب خبرته السابقة كسفير في كل من الصين وسنغافورة، بل لأن عائلة هانتسمان تمتلك العدد من الاستثمارات في روسيا، مما قد يجعل كلمة هانتسمان نفسه مسموعة بشكل أكبر لدى موسكو.
ويقول ترمب إنه يرغب في تحسين العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي تدهورت خلال إدارة أوباما بسبب عدة قضايا، منها ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، ودعم كل بلد لطرف مختلف في الصراع السوري.
سفير أمريكي سابق يوجّه نصيحة لهانتسمان
على صعيد متّصل، نصح توماس بيكيرينغ، السفير الأمريكي الأسبق في روسيا، جون هانتسمان، المرشح لتولي هذا المنصب، بأن يشكل وجهة نظره الخاصة ويسير على ضوئها.
ولفت بيكيرينغ، في حوار أجرته معه شبكة "سي إن إن"، الجمعة 19 مارس/آذار، إلى أن أمريكا وروسيا على مدى زمن طويل علاقات مضطربة، على الرغم من أن سلطات البلدين تعاونتا في بعض المجالات بشكل ناجح للغاية.
وقال بيكيرينغ، الذي تولى رئاسة البعثة الدبلوماسية الأمريكية لدى روسيا بين العامين 1993–1996: "علاقاتنا مع روسيا خلال سنوات طويلة، كانت صعبة، وفي بعض الأحيان شابتها مواجهات، لكن نحن عملنا معا ضد الإرهاب، وعملنا معا إلى حد كبير في أفغانستان"، على حدّ زعمه.
يذكر أن التيار المحافظ في الحزب الجمهوري ومن بينه السفير الجديد في روسيا، من أبرز المخالفين لسياسة ترامب بالتقارب مع روسيا. فقد علّق عضو الحزب الجمهوري المتشدّد جون ماكين في وقت سابق على تكهنات بأن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب يدرس رفع العقوبات المفروضة على روسيا، قائلاً: إنه يأمل أن تعارض الإدارة "هذا المسار الطائش".
وأضاف ماكين، أحد أهم رموز الحزب الجمهوري في مجال السياسة الخارجية": "إذا لم تفعل (الإدارة) ذلك سأعمل مع زملائي على تحويل العقوبات ضد روسيا إلى قانون".