الوقت - واصلت ايران ومنذ نجاح ثورتها الاسلامية، الاستثمار الممنهج في الصناعة التي تعتمد على البحوث والتنمية المكثّفة، مما جعل العدو قبل الصديق يشهد لها بالثورة الفكرية والتقدم التكنولوجي التي تحققه البلاد وعلى مختلف المجالات.
وتحتل ايران الان مرتبة متقدمة جداً من حيث إنتاج العلم بحسب الاحصائيات العلمیة التي تجريها كبريات المؤسسات المتخصصة، سواء من حيث حجم المقالات العلمية العالمية التي تنشر في المجلات المحكمة أو من حيث الاختراعات والتجارب العلمية الفريدة، وتفوقت ايران بذلك في ترتيب الانتاج العلمي والتكنولوجي على كل من سويسرا وتركيا (1) (4).
حيث شهدت ايران خلال السنوات الماضية تقدماً ملحوظاً في إنتاجها العلمي، مما دفع بعض المواقع والمجلات العملية الى القول إن قدرات ايران ازدادت ثمانية عشر ضعفا (2) (3).
ولطالما شكل الانفاق على البحوث العلمية أهمية كبرى للقيادة الايرانية منذ الثورة الاسلامية قبل 39 عاماً، التي واصلت وبشكل فعال بناء القدرات الوطنية في مجالات مختلفة مثل النانو تكنولوجيا، وبحوث الخلايا الجذعية، وعلوم الوراثة، والهندسة الكيميائية، وبحوث الفضاء، والهندسة الزراعية، وأنظمة الاتصالات بالليزر، وعلوم الكمبيوتر والإلكترونيات، وغيرها، وهو ما يسمى علمياً الاستثمار الداخلي الرابح خاصة اذا أدركنا أن الشباب دون الثلاثين عاماً في ايران نحو 60% من نسبة السكان، وشريحة كبيرة منهم من حملة الشهادات الجامعية العليا.
كذلك تشكل ايران قبلة لسكان الشرق الأوسط للسياحة المرضية، اذ يتدفق آلاف المرضى من العراق وسوريا ولبنان وافغانستان وأغلب دول الشرق الأوسط الذين يعانون من أنواع مختلفة من السرطان إلى مركز الدم وزرع النخاع في مستشفى الدكتور شريعتي الذي له بنك من مخزونات الخلايا الجذعية الأكثر تقدما في العالم، بالاضافة الى توافد مئات مرضى الكبد من الشرق الاوسط الى مدينة شيراز (وسط البلاد) المركز الأول لزراعة الكبد في المنطقة.
وفيما يتعلق بزراعة الأعضاء، فان ايران حققت تقدماً كبيراً في هذا المجال، ويتحدث المختصون الإيرانيون عن قفزة كبيرة حققها هذا النوع من الجراحة منذ أوائل الثمانينات، ولا ينكرون دور الحاجة التي نشأت نتيجة الحرب المفروضة على ايران من قبل النظام العراقي من عام 80 إلى عام 88 وكثرة الجرحى والمعاقين في تنمية هذا الجانب من الطب البشري، اذ بمقدور الأطباء الايرانيين الان وبدون الاستعانة بأية مساعدة خارجية توفير العضو المطلوب أو من حيث إجراء العملية الجراحية الناجحة في هذا المجال ابتداءً من الكلية إلى القلب إلى نخاع العظم إلى الكبد وغيرها، وبعد أن كان هذا الجانب يعاني من التخلف أصبح قسم زراعة الأعضاء من الأقسام المتطورة (5).
وتتوقع الأبحاث التي أعدت حول التطور العلمي في ايران أن طهران ستصعد إلى الدرجة الأولى في "مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا في منطقة جنوب غرب آسيا (التي تضم آسيا الوسطى، والمناطق القرغيزية، والشرق الأوسط والبلدان المجاورة)". وتشير الزيادة في الصادرات الإيرانية غير النفطية في الأعوام الأخيرة إلى السير باتجاه تحقيق هذا الهدف.(6)
وفي مجال الأبحاث العملية أيضا، دشنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مطلع العام الحالي أول سفينة ابحاث عابرة للمحيطات، اطلق عليها اسم "الخليج الفارسي"، تابعة لوزارة "العلوم والابحاث والتقنيات" الإيرانية، وتضم سفينة الأبحاث هذه 5 مختبرات متطورة خاصة بأبحاث الفيزياء البحرية، وعلم الأحياء البحرية، والكيمياء البحرية، ويمكن لهذه السفينة أن تبحر لـ45 يوما بسرعة 15 عقدة بحرية ومن دون الحاجة الى الرسو في الموانئ، كما يمكنها أخذ عينات من رسوبات قاع البحر على عمق 3 آلاف متر.
التطور العلمي في ايران أرخى بظلاله بشكل كبير على المنجزات الدفاعية في البلاد، اذ كشفت طهران أوائل الشهر الحالي عن خمسة منجزات تسليحية جديدة هي: صاروخ فجر 5 الموجه، صواريخ منظومة ميثاق 3 المحمولة على الكتف، نظام اطلاق القنابل اليدوية بعيار 40 ملم وعتاد متطور، سلاح مصاف الفردي بعيار 45×5.56 بالإضافة الى مسدس جديد محلي الصنع وخطوط انتاج هذه الأسلحة.
ولم يقتصر الاقتدار العلمي الايراني على هذا الحد خاصة في ظل التطور الكبير الذي تحققه طهران في مجال صناعة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى ضمن نظامها الدفاعي، مما دفع واشنطن للاعتراف بالتفوق الايراني في هذا المجال.
كذلك فان التطور العلمي المطرد للجمهورية الإسلامية الإيرانية، جلب الصداع للكيان الاسرائيلي، اذ لطالما حذر المسؤولون الاسرائيليون من أن طهران تعبر على طريق التكنولوجيا والعلم بشكل سريع جدا وتحقق قفزة تلو الأخرى، وهو ما دفع رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، اللواء هرتسي هليفي، للتأكيد على تضاعف عدد الجامعات وعدد الطلاب الجامعيين في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 ولغاية اليوم بنحو عشرين ضعفاً، معتبراً عدد الطلاب الإيرانيين الذين يلتحقون بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، "وصل إلى حدود السماء".
المراجع
- "China and Iran challenging science "superpowers" of US and Britain". Daily Mirror.
- "Knowledge, networks and nations report". . 28 2011.
- "Iran is top of the world in science growth – science-in-society – 28 March 2011". New Scientist.
- http://www.presstv.com/detail/2013/01/02/281377/iran-ranks-17th-in-science-production
- http://www.aljazeera.net/programs/al-jazeera"زراعة الأعضاء في ايران"
- http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/02/iran-tech-it-sector-post-sanctions-relief-development.htm