الوقت- حربُ عقولٍ لا هوادة فيها تخوضها دول وتنظيمات بلا دماء أو أشلاء، يصفها مراقبون بـ"الخطيرة والحساسة"، ومن النوع الجديد، هي الحرب الإلكترونية التي لا تقل خطورتها وأهميتها عن الحرب التقليدية، التي تستخدم فيها الجيوش، والمعدات العسكرية كافة.
شيئاً فشيأ تتغيّر قواعد اللعبة حيث تتحّول الحرب والصراعات من مفهومها النمطي الذي يعتمد على القوّة الخشنة أو العنفيّة، إلى مفهومها الناعم حيث لا صواريخ وطائرات بل أرقام وحسابات تحقّق المُراد تحقيقه في الحروب الخشنة عبر الوسائل التكنولوجية والقوى الناعمة والذكية التي تلعب على العامل النفسي بشكل أكبر من القوى العسكرية المتعارف عليها.
هجمات الأسبوع الأخير
قد يعتقد البعض أن الحديث عن هذه الحرب أمراً مبالغاً فيه، إلا أن مراقبة الهجمات التي صدرت عن "الهاكرز"أو "القرصنة الإلكترونية" خلال الأسبوع الاخير تؤكد واقعيّة الحرب الطاحنة التي تحدث في الفضاء المجاز، إلا أنّه تمرّ على ذاكرتنا بنوعمة دون أن تترك أثراً لها، وهذا أحد أسباب تسميتها بالحرب الناعمة. فيما يلي بعض هجمات الأسبوع الأخير:
روسيا: أكد البنك المركزي الروسي، الجمعة، أن قراصنة الكترونيين (هاكرز) سرقوا 2 مليار روبل، أي ما يعادل 31 مليون دولار، من حسابات لبنوك في البنك المركزي. وقال المسؤول الأمني في البنك المركزي الروسي "أرتيوم سيشيف" إن "الهاكرز حاولوا سرقة 5 مليار روبل ولكن سلطات البنك المركزي نجحت في إيقافهم وغيرت مسار التحويلات". في الوقت نفسه، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي عن إحباط مخطط لأجهزة مخابرات أجنبية يهدف لنشر الفوضى في النظام المصرفي الروسي وذلك قبل أيام من موعد تنفيذه، مشيرا إلى أنه كان من المتوقع أن يحدث في 5 ديسمبر الحالي.
أمريكا: اتهم رئيس مايكروسوفت ويندوز مجموعه سيئه السمعه من الهاكرز تنتمى الى جماعه روسيه انهم استفادوا من وجود ثغره غير صحيحه في نظام التشغيل الخاص بها لقرصنتها. وقال تيرى مايرسون ان الهاكرز يستغلون عله تصيب اجهزه الكمبيوتر من اجل الحصول على بيانات قد تكون حساسه ومهمه. وتم اتهام نفس المجموعه من قبل بتهمه قرصنه شبكه التليفزيون الروسيه والحزب الديمقراطى في الولايات المتحده. في السياق، كشفت وسائل اعلام أمريكية عن اعطاء واشنطن صلاحيات جديدة لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، من خلال اقتحام أجهزة حواسيب متعددة داخل البلاد، وفي أي مكان في العالم، وذلك عبر مجرد الحصول على مذكرة من أي قاضي أمريكي، بما فيهم قضاة الصلح، وذلك بعد إدخال تعديلات جديدة على "المادة 41" Rule 41 من القواعد الاتحادية للإجراءات الجنائية.
الكويت: مطلع الاسبوع الجاري، اخترق "هاكرز" الموقع الإلكتروني لـ"مجلس الأمة" الكويتي، تاركا رسالة أراد إيصالها للنواب الجدد حيث طالبهم بالوقوف ضد النائب الكويتي "عبد الحميد دشتي"، والذي وصفه بـ"عميل إيران"، مهددا الأخير بإظهار مراسلاته مع إيران إن لم يكف عن إساءاته المتكررة للسعودية.
قطر: تعرض موقع الحكومة القطرية الإلكتروني إلى إختراق من قبل هاكرزمصريين وذلك عقب إعلان قناة الجزيرة القطرية عن إذاعة فيلم وثائقي يسيء إلى التجنيد في مصر. ووضع المخترقون على الموقع القطري صورة للجيش المصري مكتوب عليها " العسكرية المصرية شرف " الإنضمام لصفوف جيشنا العظيم حامي الأرض والعرض هو شرف لكل مصري.
السعودية: اتهمت السعودية، الخميس، جهات خارجية، لم تسمها، بمحاولة تعطيل جميع الخوادم والأجهزة لعدة منشآت حكومية بهدف الاستيلاء على معلومات. وقال مركز الأمن الإلكتروني، في بيان له الخميس، إن "المؤشرات تشير إلى أن مصدر هذا الهجوم الإلكتروني هو من خارج المملكة، دون الكشف عنها، ضمن عدة هجمات إلكترونية مستمرة تستهدف الجهات الحكومية والقطاعات الحيوية".
الكيان الإسرائيلي: في ظل الاستنكار العربي والإسلامي لقانون منع الأذان في الداخل الفلسطيني المحتل، تمكن هاكر فلسطيني، من اختراق بث القناة الثانية الإسرائيلية، وبث صوت الأذان ودعاء على دولة الاحتلال الإسرائيلي.
القرصنة.. وجه آخر للحرب الناعمة
قد يستغرب البعض من هذه الإحصائية السريعة للهجمات التي تمّت خلال الأسبوع الأخير، الأمر الذي يؤكد اللجوء إلى ما يعرف بحرب "الهاكرز" أو "القرصنة الإلكترونية"، بالتوازي مع الحروب الأخرة القائمة في المنطقة والعالم.
وكما في الحرب الصلبة، يعمد مهندسو الحرب الناعمة، إلى تشكيل مجموعات وكتائب وأولوية، واستخدام قنابل رقميّة وصواريخ إلكترونية، لأهداف تندرج في إطار الأهداف العليا في الحرب الناعمة، التي لا تقل خطورة عن نظيرتها الصلبة أو الخشنة، أبرز هذه الأهداف:
أولاً: يسعى الطرفان في الحرب الناعمة، وتحديداً عبر "الهاكرز" إلى إبراز مدى تقدمهما العلمي والتكنولوجي للنيل من الخصم دون أن تسقط قطرة واحدة من الدماء.
ثانياً: إن زعزعة الإستقرار، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي تعدّ أحد أبرز أهداف "الهاكرز"، المصطلح الذي يطلق على مجموعة من المبرمجين الأذكياء الذين كانوا يتحدون الأنظمة المختلفة ويحاولون اقتحامها.
ثالثاً: تسعى الدول دائماً لإيصال رسائلها عبر بعض القنوات الخاصّة، وفي حال عدم وجود طريق دبلوماسي، يعد الطريق الناعم للحروب، إضافةً إلى الطريق الخشن، أحد أبرز السبل المعتمدة في عصرنا الرقمي.