الوقت- نزل فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية برداً وسروراً على الأحزاب اليمنية المتطرفة في أوروبا، والتي زادت شعبيتها في الفترة الأخيرة بشكل كبير، مما جعل انتصار ترامب وما يمثله من مبادئ وأفكار زلزال سياسي ضخم سيؤدي بطبيعة الحال الى احدث تغييرات جذرية في التضاريس السياسية العالمية.
وعلى الرغم من الحديث السابق على أن ظاهرة دونالد ترامب، الذي لا يحظي بدعم من المؤسسة الحاكمة في أمريكا، ظاهرة فردية،استطاع ترامب اثبات تمرد الناخبين الأمريكيين على تلك النخبة السلطوية التي يتهمها بالفساد والكذب، خاصة وهو ما ظهر جلياً بالتأكيد على أن تاييد ترامب يعتبر تأييد لليمين والتطرف، وأصاب المراقبين والمحللين بموجة قلق عارمة وأثارت المخاوف من أن "موجة ترامب" قد تجتاح مناطق مختلفة في العالم لا سيما اجتياح الأحزاب اليمنية لدول أوروبا، فهل تصح تلك الأخبار؟.
ويعتقد سياسيو اليمين المتطرف الأوروبي أن فوز ترامب إشارة على حقبتهم قد بدأت، وأن السياسات القومية المناهضة للهجرة والعولمة قد تغلبت أخيرا على الإجماع الليبرالي الداعم للعولمة والمؤيد للهجرة، وهو مادفع زعماء اليمين المتطرف الأوروبي للتسابق على تقديم الدعم لترامب والتهنئة لترامب.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في كل من فرنسا وألمانيا وهولندا (عام 2017)، استطاع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية من إزكاء روح النصر لدى نظرائه في الأحزاب اليمنية الأوروبية وخاصة الدول الغربية، وشكل فوز ترامب فرصة جديدة لتنعش امال تلك الأحزاب عن طريق تكرار المطالب اليمنية المتمثلة بمنع الهجرة والحد من التجارة المفتوحة وما الى ذلك من الشعارات التي تتبناها الاحزاب اليمنية الأوروبية.
ففي فرنسا أكدت تقارير اعلامية أن الأوساط السياسية الفرنسية قاطبة أجمعت على أن فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية كان "ريحا جرت وفق ما تريده الأحزاب اليمنية المتطرفة"، وعلى وجه الخصوص زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية المعارضة مارين لوبان التي اعتبرت "إن فوز ترامب، خير دليل على أنه إذا ما أراد الشعب شيئا، سيحققه وأنه قادرا على استعادة حقه في تقرير مصيره رغم حملة التشويه مهما استمرت"، وجعل انتصار دونالد ترامب في السباق الرئاسي الأمريكي، القيادات السياسية في فرنسا على يقين من حجمها الحقيقي، وهو ما دفع رئيس الوزراء الفرنسي السابق جان بيار رافارقال ان إنه يرجح فوز لوبان إذا ما خاضت انتخابات الرئاسة الفرنسية المقبلة.
وفي بريطانيا الخارجة حديثاً من تصويت أفضى لتأييد خروجها من الاتحاد الأوروبي، أعاد فوز ترامب الثقة لنايجل فاراج رئيس حزب الاستقلال البريطاني (حزب يميني دعا للتصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي)، الذي اعرب عن رغبته بالحصول على الجنسية الأمريكية للعمل مع صديقه ترامب، بالرغم من أن هذا مستبعد، وسافر فاراج للولايات المتحدة ليهنئ ترامب بنفسه على الفوز، وكان قد ظهر مع ترامب فى إحدى الفعاليات الانتخابية فى ولاية مسيسيبى فى أغسطس الماضى ليروى نجاح حملة الخروج من الاتحاد الأوروبى.
وفي ألمانيا، كان لفوز ترامب صدى كبير أيضاً، وخاصة أن ألمانيا تعاني من مشاكل كبيرة وصلت الى مرحلة انفراط عقد الأحزاب الحاكمة والداعمة للمستشارة انجلينا ميركل، وكانت رئيسي حزب البديل من أجل ألمانيا AfD فراوكه بيتري أكبر الرابحين داخلياً من انتصار اليمن الأمريكي، والتي اعتبرت أن نتيجة الانتخابات هذه مشجعة بالنسبة لألمانيا وأوروبا لأن ترامبلديه أوراق التغيير السياسي في يديه، معرباً عن حاجته لاستخدام هذا لإعادة تشكيل العلاقات عبر الأطلسي وإنهاء الصراعات الكبرى في أوكرانيا وسوريا مع روسيا.
واشارت رئيسة حزب AfD المعارض للاتحاد الأوروبي والمناوئ لعمليات إنقاذ اليورو أن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية "نقطة تحول سياسية". وقالت "حان الوقت لكي يستطيع الشعب المضطهد من قبل الطبقة الحاكمة، وفي الولايات المتحدة كذلك، أن يسترد صوته"، وأضافت بيتري أن "الشعب الأمريكي يريد أن يبدأ بداية سياسية جديدة. وبعد فوز ترامب يجب إعادة ترتيب العلاقات العابرة للأطلسي من جديد. ويجب إنهاء النزاعات في أوكرانيا وفي سوريا بالتوافق مع روسيا". ووصفت بيتري نتيجة الانتخابات بأنها "تمنح الشجاعة لألمانيا ولأوروبا، لأن ترامب لديه في الواقع أوراق للتحول السياسي".
وفي هذا السياق تسألت صحيفة دير شبيغل ذائعة الصيت، في تقرير لها بعنوان "هل يجب أن نخاف؟"، إلى أنه لا داعي لخوف الأوروبيين من فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، بل يجب أن يتحلوا بالصبر والقوة، بينما خصصت صحيفة "دي تسايت" صفحة الأولى بالكامل لانتخاب ترامب، وعنونت تقريرها بـ”يا إلهي”، وأرفقته بـ"تمثال الحرية" ملفوفًا بعلم الولايات المتحدة الأمريكية.
أما في هولندا التي من المقرر أن تشهد انتخابات مفصلية العام المقبل، اعتبر النائب الهولندي وزعيم أقصى اليمين كيرت فيلدرس (الذي قاد سابقاً حملات لمنع النقاب فى بلاده وأنتج فيلم "فتنة" فى 2008 والذى ربط بين الإسلام والعنف) إن الأمريكيين بفوز ترامب "يستعيدون بلادهم، وكذلك سنفعل نحن".
في حين أنعش فوز ترامب اليمين في النمسا، واعتبر هينز كريشيان ستراتش زعيم حزب الحرية النمساوي المنافس القوي على مقعد الرئاسة إن اليسار والمؤسسة السياسية الفاسدة، التي تعتبرها نفسها شديدة التفوق، تلقى العقاب الآن وتتلقى ضربة تلو الأخرى من قبل الناخبين وطردوا من مواقع عدة بسبب انعدام مسؤوليتهم".
اليمين المتطرف في أيطاليا احتفل بفوز ترامب ايضاً، وقال بيبي جريللوا زعيم حركة خمس نجوم في إيطاليا:"يطلقون علينا ألقاب مثل شعوبيين وغوغائين ومعادين للشواذ جنسيا ومؤيدين للتفرقة الجنسية، وهم لا يدركون أم الملايين لم يعودوا يقرؤون صحفهم أو يشاهدون ما يبثونه من برامج تلفزيونية".