الوقت- بقيت اياماً وأنا متردد في الكتابة عن بيان الأزهر وسفاهة ما
صدر عنه بشأن أبطال الحشد الشعبي الذين يقدمون دمائهم وأرواحهم لتطهير صلاح الدين
والأنبار وغيرها من أرض العراق المدنسة بالتكفيريين والبعثيين القتلة.. لكن ما
أثارني هو نية شيخ الأزهر زيارة العراق واللقاء بعلمائنا.
بداية أقولها لا تتوقعوا من هذا النوع من المشايخ ووعاظ السلاطين
خيرا.. أن الأزهر الذي كنا نأمل منه أن ينصفنا في مواجهة موجة التكفير والذبح التي
نتعرض لها على يد الوهابية والتيمية، ليس أزهر الثورة العرابية ولا تقريب الأمام
محمود شلتوت وغيره من أعلام الجهاد والتقريب، أنه أزهر مصافحة الصهاينة والارتماء
بحضن الحكومات الخليجية.. أزهر التبرير لظلم الحاكم وعدم شرعية الخروج عليه.. أزهر
شرعية استقدام القوات الاستعمارية والسفارة الصهيونية في وسط "المحروسة"
وحرمة السفر الى طهران!
وبغض النظر عما قاله الدكتور محمد البرادعي بشأن حيثيات بيان الأزهر
الطائفي بأمتياز تجاه الحشد الشعبي العراقي والمليارات الثلاثة التي استلمتها السلطات
المصرية بالعملة الصعبة لانقاذ خزانتها الخاوية لقاءه، فأن البيان يشكل حلقة من
الدعاية الاعرابية التي تديرها السعودية والامارات وقطر، ضد حركة التحرر والمقاومة
التي يشكل بعض المكون الاسلامي عمودها الفقري، وهدفها المزيد من الاقتتال والتناحر
بين أبناء الأمة العربية والاسلامية والشعب العراقي بالتحديد، من أجل رفع معنويات
الأرهابيين وخاصة البعثيين منهم وعرقلة انتصارات القوات العراقية والحشد الشعبي
الذي يمثل القوة الأساسية المواجهة للأرهاب في العراق.
أن موقف الأزهر ـ وأنا على يقين مما أقوله ـ لا يتعلق بالوضع العراقي
والدفاع عن سنته الذين أصابهم أكثر الضرر من سياسات القوى الأقليمية الرجعية
والطائفية والأرهاب الممول من تركيا والسعودية وأخواتها والأردن، بل ينبع من
المستنقع الطائفي الذي يدفع اليه البعض الأزهر بفعل مال السحت الخليجي.. وهو جزء
من موقف تلك البلدان الممولة للارهاب والملطخة أيديها حتى المرفق بدماء السنة
والشيعة والمسيحيين والايزديين وكل من يعارض سياساتهم من باكستان وافغانستان حتى
حدود الجزائر حاليا!
الأزهر يا سادتي.. يتعاون مع الوقف السني في العراق لتدريب وتدريس
كوادره ومنحهم الشهادات الجامعية، لكنه يرفض قبول الشيعة!
والأزهر شكل لجنة محاكمة وتوبيخ لبعض العلماء والقراء لانهم زاروا
ايران رسمياً وقرأوا الآذان وفقاً للمذهب الشيعي، ومن العلماء الذين أثار الأزهر
عليهم ضجة لأنه زار ايران، العلامة الدكتور أحمد كريمة!
هذا الأزهر نفسه لم ينبس ببنت شفة حول مصافحة شيخه الطنطاوي لرئيس
دويلة الصهاينة ولزيارة المفتي السابق الشيخ علي جمعة للقدس المحتلة!
والأزهر وعلى لسان شيخه الحالي هو الذي وصف الوهابية السعودية التي
تعتبر مصدر الافكار التكفيرية والارهابية في العصر الحديث والتي قمعها والي مصر
محمد علي باشا بتأييد الأزهر آنذاك، وصفها أحمد الطيب بالاسلام المعتدل والوسطي!
والأزهر اليوم هو الذي يرفض الاعتراف بأن هناك مصريين أختاروا مذهب
أهل البيت (عليهم السلام)، لكنه لا يرفض التبشير الوهابي، والتسنن الأموي الذي
يغزوا أرض الكنانة والمدعوم بالبترودولار والسلطة.
والأزهر هو الذي يؤلف رئيس تحرير مجلته الرسمية، التيمي الطائفي
الكريه محمد عمارة كتابا في تكفير الشيعة، تحت عنوان: "الأزهر والشيعة..
الفصل بين الحق والباطل" ومحمد عمارة هذا يعتبر من مصادر معلومات أحمد الطيب
والقرضاوي على حد سواء حول التشيع!
الأزهر وسلطات الأزهر تمنع الايرانيين والعراقيين من السفر والسياحة
الى مصر، وممارسة حق الشيعة منهم بزيارة المساجد والمواقع الدينية التي يجلونها
ويحترمونها ومنها مشهد رأس الحسين (ع) ومسجد السيدة زينب (س) وقبر السيدة نفيسة
(س) وقبر الصحابي الجليل مالك الأشتر النخعي المعروف في مصر بالسيد العجمي (رض)،
لكنه لا يمنع آلاف الصهاينة من التجوال بحريتهم في مدن مصر وزيارة قبر حاخامهم ابو
حصيرة والاحتفال عنده!
أن بيان الأزهر جزء من مسلسل طويل يشترك فيه حكام مصر مع نظراءهم في
مجلس التعاون بالعداء لكل ما هو ثوري وتحرري، بعد أن وقعّ"المصريون"
معاهدة الخيانة في كامب ديفيد، لكن اليافطة التي يتحركون تحتها اليوم هي الطائفية.
والاّ أرجوكم.. لماذا يطلب ملك السعودية الأسبق(فهد) من الأزهر فتوى
استجلاب القوات الأميركية والغربية لضرب النظام العراقي بعد غزوه للكويت، هذا
النظام ورأسه الذي أصبحوا يتباكون عليه اليوم، بينما هم الذين أفتوا ودفعوا وحرضوا
وساعدوا بأموالهم وقواعدهم "ماما أمريكا" على ضربه وأسقاطه.. ترى أين
كان الأزهر حينما غزى الأميركيون العراق عام 2003، هذا الغزو الذي دمر العراق وقتل
جراءه نحو مليون عراقي والذي قلدت السعودية بعده رئيس الولايات المتحدة المجرم بوش
وسام المملكة ورقصوا معه بالسيوف التي ذبحوا بها العراق.. فعلى أي عراق يتباكى
الشيخ "الأكبر" وأي سنته.. أولئك الذين تسلحهم أيران الشيعية أم الذين
يحرر أرضهم الحشد المستجيب لنداء المرجعية في النجف الأشرف؟!
ان فصل موقف الأزهر الأخير تجاه الحشد الشعبي عن موقف الجزيرة القطرية
وشيخها القرضاوي، وموقف السعودية وموقفها أزاء حكومة الأكثرية في العراق بعد 2003،
وموقف الأمارات، حاضنة البعثيين والتي صنفت جميع القوى الشيعية العراقية ضمن
قائمتها الارهابية ولم تدرج فيها أي فصيل بعثي وسني عراقي من القتلة الذين شاركوا
القاعدة ومن ثم داعش في الارهاب والقتل، فلا يمر يوم دون مجزرة في حي شيعي لا يفرق
بين الأطفال والشيوخ والنساء، وبين مدني وعسكري، والذين أحتلوا ثلث مساحة العراق..
لماذا يصمت الأزهر ولا يحدثنا عن كتائب ثورة العشرين وجيش النقشبندية وحماس العراق
والجيش الاسلامي والبعثيين بشقيهم جماعة عزة الدوري ويونس الأحمد وغيرهم من شذاذ
العراق والآفاق؟!
أم أن البلاغ لم يصل الى الآن من مجلس التعاون..ويا ترى ماذا يقول
محمد عمارة عنهم؟!
لماذا لا يحدثنا الأزهر عن الدم السوري الذي يراق منذ أربع سنوات بفعل
الفتاوى التي تصدر من الأسلام السعودي "الوسطي والمعتدل" والقنوات التي
تبث من الرياض والقاهرة والتي قسمت الضحايا في سوريا ما بين نصيرية ومسيحيين
مشركين ومسلمين سنة مرتدين!
وما هو رأيه بالنصرة والجبهة الاسلامية والجيش الحر وأحرار الشام
المنحلة ولواء الشمال ومرتزقة الجنوب الذين يتعاونون حتى مع الصهاينة.. أفتونا
مأجورين؟!
وما هو رأيه بـ72 أسرة لبنانية (أكثر من 60منها شيعية) أخرجتها
الحكومة الأماراتية من أراضيها بعد سنوات من العمل والأقامة في صحراء الأمارات
التي تحولت بفعل نشاط وجهود هؤلاء الى عروس شبه الجزيرة العربية...؟
لماذا يريد مشيخة الأزهر أضعاف الحشد الشعبي الذي هو عزّ العراقيين
وشرف الوطن وحصنه.. نعم، قد يكون هناك بعض الذين ساقهم غضبهم الى ممارسات لانؤيدها
وهم يرون أمثالكم يدافعون عن المجرمين وينسون 1700ضحية في مجزرة سبايكر لوحدها
وضحاياها الذين دفنوا في مقابر جماعية أو القي بهم في دجلة، وقد وثق المجرمون
أنفسهم ذلك فخراً وزهواً، لكن ذلك لا يعني ان الحشد يقوم بذلك ليكون نصيبه كل تلك
الكلمات المسمومة والحاقدة والطائفية بحقه.. فهل يصح أن تتكلم بمثل ذلك عن الجيش
الذي فتح مكة وتتهمه بسبي الحرمات لأن أحد قادته الذي تعرفونه جيداً، أخذ ينادي:"اليوم
يوم الملحمة.. اليوم تسبى الحرمة"؟!
ثم هل لك أن تحدثنا يا فضيلة الشيخ عن مجزرة رابعة ومجزرة النهضة
و5018 قتيل وجريح من الأخوان مقابل 243 قتيل وجريح من قوى الأمن المركزي والمساكن
التي جرى تدميرها على حدود رفح المصرية.. أم ان ذلك شأن داخلي لا يحق لنا التدخل
فيه؟ ولماذا لا تحدثنا في بيان عن حصار الشعب الغزاوي الذي يخنقه نظامك منذ عقد من
الزمان؟!
أن تأتي للتقريب أهلاً وسهلاً بك في العراق وغيره وقلوبنا قبل ايادينا
وبلداننا ترحب بك وتستقبلك، لكن أياك وحذاري أن تتطاول علينا في عقر دارنا وتستغل
أحترامنا للضيف كما فعل مرسي.. تعال وأفتح عينيك جيداً ولا تسد نافذة البصيرة..
فأن تبت تاب الله عليك!