الوقت-فاز الرئيس الكولومبي "خوان مانويل سنتوس" بجائزة نوبل للسلام العالمي للعام الحالي 2016، بعد أن اختارته لجنة نوبل النرويجية من بين 376 اسما رشحوا لهذه الجائزة.
أهم رسالة بعثتها هذه الجائزة هي دعم رئيس جمهورية كولومبيا لمتابعة مسار اتفاقية السلام التي عقدها مع جماعة فارك. وعلى الرغم من تفاوت وجهات النظر الشعبية بشأن هذا الإتفاق، إلا أنه لن ينقص من قيمة إتفاق سلام وضع نهاية لحرب دموية دامت أكثر من 50 عاما.
وانتقت لجنة نوبل النرويجية الرئيس الكولومبي "خوان مانويل سانتوس" لينال جائزة نوبل للسلام للعام 2016.
سانتوس الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية تمكن من خلال جهوده الحثيثة مع زعيم حركة فارك، من توقيع اتفاق سلام لينهي بذلك الحرب الأهلية التي أنهكت بلاده لأكثر من 50 عاما.
وذكرت المتحدثة باسم لجنة نوبل النرويجية خلال إعلانها الفائز بالجائزة: الرئيس الكولومبي "سانتوس" اقترب كثيرا من خلال المفاوضات مع فارك من إنهاء أطول الحروب الأهلية في زمننا المعاصر، ولكن خطر وصول الإتفاق الى طريق مغلق مازال قائما. ويجب النظر إلى هذه الجائزة بكونها إشادة بالشعب الكولومبي، الذين رفضوا الإتفاق ولكنهم لم يرفضوا الصلح والهدنة.
وختم هذا الإتفاق الحرب الداخلية المستعرة في هذا البلد بين الحكومة وجماعة اليساريين المسلحة (جيش فارك الإنقلابي)، الحرب التي استمرا منذ 52 عاما وسقط جرائها أكثر من 220 ألف قتيل، علاوة على نزوح قرابة ستة ملايين آخرين. وبهذا تكون قد انتهت أطول حرب أهلية باتفاقية سلام تاريخية في أمريكا الجنوبية.
ووفقا لاتفاق السلام المذكور آنفا، ستنزع حركة فارك السلاح، وستتحول إلى حزب سياسي حيث تُخصص له مقاعد في الكونغرس ليشارك في القرار السياسي بكولومبيا.
وسيتم المساعدة في إعادة بناء وإعمار المناطق المتضررة، ويتوجب على مقاتلي حركة فارك إلقاء السلاح، وعليهم تسليم أسلحتهم في غضون مائة وثمانين يوما. وسيغرم كل من تسبب بأضرار مباشرة، كما وستتم محاكمة كل من ارتكب جرائم قتل سواء كان من طرف الدولة أو من فارك. وسيتم تشكيل دوائر خاصة للسلام في المناطق التي طالها النزاع، حيث يمكن انتخاب أعضاء لا يمثلون أحزابا تقليدية.
وتم هذا الإتفاق عبر جهود الوساطة الكوبية والنرويجية، في اجتماع عقد بالعاصمة الكوبية هافانا، وبحضور أوجه عديدة من زعماء دول وقادة عالميين من بينهم الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وارتدى الحاضرون في هذه المراسم اللباس الأبيض كرمز للسلام، وتم التوقيع على الإتفاق بقلم صنع من رصاصات أفرغ محتواها.
ويعتقد المخالفين لهذا الاتفاق أن الدولة منحت امتيازات كثيرة لجماعة فارك، الأمر الذي دعا الرئيس الكولومبي للتعهد بإعادة النظر ببعض بنود هذا الإتفاق وتحسينها لتصب في صالح البلاد.
وكان من المحتمل مع الرفض الشعبي الذي تعرض له الإتفاق في البداية، أن يُخرج رئيس البلاد من قائمة الفائزين بجائزة نوبل. ولكن لم يحدث هذا الأمر وكانت نوبل من نصيب سانتوس رئيس الجمهورية.
وعلى الرغم مما أثاره عدم الأخذ برأي المخالفين للإتفاق من أجواء عمّتها مشاعر الإستياء وفقدان الأمل. لاسيما وأن البعص من الرافضين للسلام مع فارك قد أكدوا بأن الطريق الذي اختاره الرئيس خاطئ، إلا أن منح جائزة نوبل للسلام لرئيس كولومبيا قطعت الشك باليقين، بأنه لاينبغي الشك أبدا بالخيار الذي اختارته الدولة، والطريق الذي قرروا العبور منه هو الطريق الصحيح.
والملفت بالأمر أن سانتوس أهدى جائزة نوبل للسلام الى ضحايا الحرب التي عصفت ببلاده. معتبرا أن السلام في بلاده أصبح أقرب من أي وقت مضى بعد فوزه بالجائزة.
وشكر الرئيس الكولومبي الجهات المشاركة في مفاوضات السلام، التي أدت إلى توقيع اتفاق بين الحكومة وحركة "فارك" نهاية الشهر الماضي، وقال لشعبة في خطاب تاريخي: أيها الكولومبيون، هذه الجائزة لكم، إنها للضحايا ولكي لا تسقط أي ضحية إضافية ولا أي قتيل، علينا أن نتصالح وأن نتحد.
وكانت الرسالة التي بعثها الإتفاق قد أكدت للكولومبيين بأن إقدام الرئيس سانتوس من أجل إحلال السلام مع فارك كان صحيحا بشكل كامل. الرسالة التي أوضحت بأنه على الرغم من الرفض الشعبي قرر الرئيس الكولومبي دخول الطرف الجيد من التاريخ، ولهذا لابد من حماية ودعم هذه الجرأة التي أقدم عليها سانتوس بشأن عقد إتفاق سلام مع أعدائه.
جائزة نوبل للسلام للعام 2016 جاءت من نصيب "مانويل سانتوس" الرئيس الكولومبي، حتى يستمر في طريق إحلال السلام في بلاده.
والجدير بالذكر أنه كما يعلم الجميع في اتفاقات السلام يتم منح الجائزة لكلا الطرفين المتصارعين، إلا أن ماحدث في كولومبيا جاء خلافا للمتعارف عليه دوليا.
ومثال على ذلك، أحداث السلام بين مصر واسرائيل، تم منح كلا الطرفين جائزة. إلا أن ماحدث في كولومبيا هو حصول الرئيس فقط على الجائزة. وهذا الأمر يبرز لنا بأن مايشغل الرئيس الكولومبي هو السلام والصلح بشكل جدي وليس ورقة الإتفاق فحسب.
القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك): تنظيم يشكل الجناح العسكري للحزب الشيوعي الكولومبي. ويطلق عليه لفظ "فارك"، وهو اختصار لاسم هذه المنظمة باللغة الإسبانية "Fuerzas armadas revolucionarias de Colombia".
ويتراوح عدد المنتسبين للتنظيم بين 12 و18 ألف مسلح، ويمتدون على أكثر من 35% من الأراضي الكولومبية خصوصا في الغابات الكثيفة الموجودة في الجنوب الشرقي من البلاد وكذلك في السهول الواقعة بسفح سلسلة جبال الأند.
وتعتبر حركة فارك نفسها تنظيم يساري ماركسي لينيني، ويقول زعماؤها بأنهم أنفسهم ممثلين لفقراء الريف الكولومبي ضد هيمنة الطبقات الغنية، كما يعلنون رفضهم لتأثير الولايات المتحدة على كولومبيا، ويقفون في وجه خصخصة اقتصاد بلادهم.