الوقت- يحظى الإستيطان في كافة مناطق فلسطين المحتلة بأهمية فائقة بالنسبة للكيان الصهيوني منذ بداية نشأته وحتى الآن ولذلك لم يتنازل هذا الكيان عن تنفيذ هذه السياسة ابدا حيث نجد ان كيان الإحتلال قد إنتهك كافة القرارات والمعاهدات الدولية والأعراف وخاصة القرارات 471 و465 و446 الصادرة عن مجلس الامن الدولي والتي تنص على ضرورة إزالة المستوطنات، كما زادت أهمية الإستيطان في الضفة الغربية بشكل كبير جدا وبات من أركان الأهداف الإستراتيجية للكيان الإسرائيلي.
وخلافا لقطاع غزة الذي يعتبر منطقة مجتزأة وبعيدة يسيطر الإحتلال على المناطق المحيطة بها، نجد ان منطقة الضفة الغربية هي محاذية لمناطق حساسة ولديها موقعية جيوستراتيجية، وان أهم أسباب ذلك هو كالتالي:
- تقع أهم الأماكن المقدسة في فلسطين ومنها المسجد الأقصى ومسجد الخليل وقبة الصخرة، في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
- الضفة الغربية متصلة بمنطقتين أمنيتين وسياسيتين إسرائيليتين هما المنطقة الأمنية التي تضم منشآت ديمونا النووية والمنطقة السياسة والإقتصادية التي تضم حيفا وتل أبيب في جنوب وشرق الضفة الغربية.
- الضفة الغربية تطل على اراضي عام 1948 من 3 جهات وهي متصلة بها.
- إذا قمنا بفصل الضفة الغربية عن أراضي عام 1948 يصبح القسم الشمالي للأراضي المحتلة من ناحية الساحل ومن ناحية تل أبيب ضيقا جدا ثم يكسب عمقا إستراتيجيا شيئا فشيئا في الجنوب، وهذا يعتبر نقصا إستراتيجيا للكيان الإسرائيلي الذي يفتقر الى عمق إستراتيجي في الأساس لأن المسافة بين حدود الضفة الغربية وبين ساحل البحر المتوسط تبلغ في بعض المناطق 13 كيلومترا ما يعني ان عمق أراضي الكيان الإسرائيلي في هذه المناطق هو بهذا المقدار وهذه نقطة ضعف كبيرة لكيان الإحتلال.
- يعيش اكثر من مليونين ونصف مليون مواطن فلسطيني في الضفة الغربية وهذه القدرة السكانية تعتبر كابوسا لكيان الإحتلال ولذلك يحظى بناء المستوطنات في قلب الضفة الغربية وبين هذه الجموع الفلسطينية بأهمية فائقة للكيان الإسرائيلي.
ونظرا لهذه الأسباب التي ذكرناها إتخذت حكومة الإحتلال مؤخرا قرارا ببناء أكبر مشروع إستيطاني في الضفة الغربية لتقسيمها الى 4 مناطق منفصلة، ان المشروع الصهيوني الجديد من المقرر ان يبدأ من مستوطنة أريئيل التي تعتبر أكبر مستوطنة في غرب نابلس وشمال الضفة الغربية، ويصل في النهاية الى مناطق شيلو وعيليه ورحاليم وشفوت بمنطقة الأغوار، كما من المقرر ان يتم في هذا المشروع الكبير توسيع مستوطنة راحيل عبر مصادرة عشرات آلاف الدونمات من أراضي الضفة الغربية.
والجدير ذكره ان هذا المشروع الذي يحظى تنفيذه بأهمية كبيرة في نظرية الأمن القومي للكيان الصهيوني قد تم طرحه على يد وزير الحرب الإسرائيلي الحالي أفيغدور ليبرمن منذ عام 2004 وحينما كان ياسر عرفات لازال على قيد الحياة، ويقضي هذا المشروع بفصل مدن جنين ونابلس ورام الله وطولكرم عن بعضها البعض وبشكل كامل.
اما القضية الأخرى التي تحظى بالأهمية بالنسبة للمشروع الإستيطاني الجديد في الضفة الغربية هو منع تسليح الضفة الغربية التي كان قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي قد طرحه أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة قبل عامين من الآن، حينما قال سماحته "اننا نؤمن بضرورة تسليح الضفة الغربية على غرار غزة وعلى الذين يهتمون بمستقبل فلسطين ان يعملوا من أجل ذلك".
وقد طلب بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية من المجتمع الدولي والإتحاد الأوروبي وبلدان مثل أمريكا وروسيا أن يمارسوا الضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف هذا المشروع في وقت لايدرك هؤلاء بأن الكيان الإسرائيلي الذي إنتظر 12 سنة من أجل تنفيذ هذا المشروع لن يعدل عنه بسهولة وان الطريق الوحيد لوقف هذه السياسة هو العمل على تسليح الضفة الغربية وتفعيل أداء فصائل المقاومة.