الوقت- يحتاج الكيان الإسرائيلي الى الموارد المالية لحفظ أمنه وكسب مكانة دولية لنفسه ولذلك يسعى هذا الكيان الى تصدير منتجاته من أجل ذلك، وفي هذا السياق تمكّن إستراتيجية بناء المستوطنات وإسكان اليهود هذا الكيان من الإستيلاء على الأراضي والثروات الطبيعية والقضاء على وحدة الأراضي الفلسطينية، كما جعلت هذه الإستراتيجية المجتمع الفلسطيني متأثرا بالسياسات الإستيطانية للإحتلال في الضفة الغربية والقدس وتابعا لها.
الزراعة في المستوطنات
تعتبر الأرض عنصر الصراع الرئيسي بين الفلسطينيين والكيان الإسرائيلي الذي يصادر أراضي الفلسطينيين وخاصة الأراضي الزراعية ويمارس الإستيطان ويسيطر على مصدر الدخل الوحيد للفلسطينيين ويصيب اقتصادهم بالشلل، ان هذا الكيان بصدد زيادة عدد المستوطنين وهذا يتطلب مصادرة المزيد من الاراضي حيث يسعى كيان الإحتلال الى مضاعفة مساحة الأراضي الفلسطينية التي يتم الإستيلاء عليها خلال السنوات الـ 10 القادمة الى 3 أضعاف كما يحرم الإحتلال ايضا الفلسطينين من الإقتراب من اراضيهم الزراعية تحت ذرائع امنية.
ويغرق الإسرائيليون ايضا الأسواق الفلسطينية بمنتجات المستوطنات من أجل إضعاف المزارعين الفلسطينين الذين يجبرون على ترك أراضيهم خائبين وتتحول هذه الأراضي الى أراضي جرداء يستولي عليها المستوطنون بسهولة فيما يتجه الفلسطينيون نحو نشاطات إقتصادية غير مبنية على الإنتاج والتنمية.
أما بناء جدار الفصل العنصري فقد قضى أيضا على الكثير من الأراضي في المناطق الشمالية والمركزية والجنوبية من الضفة الغربية، ان هذا الجدار وفي المراحل الأولى من بنائه تسبب بقطع الملايين من اشجار الزيتون وخسائر لايمكن تعويضها في اراضي الضفة الغربية التي تشكل الاراضي الزراعية 86 بالمئة من مساحتها.
ان 70 بالمئة من أهالي الضفة الغربية كانوا يعملون في الزراعة لكنهم تركوا اعمالهم وأصبح هناك ركود وجمود فيما يتعلق بإنتاج المنتجات الزراعية وسبب ذلك هو تخصيص ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية في الضفة الغربية لمشاريع إسكان المستوطنين.
وحتى عام 2012 وصلت مساحة الأراضي التي يزرعها الكيان الإسرائيلي الى 9.2 دونم ونصف هذه الأراضي تقع في غور الأردن والسهول الواقعة شمال البحر الميت.
ويخصص القسم الأعظم من الأراضي الزراعية في مستوطنات الضفة الغربية لزراعة الخضار والحمضيات ويصدر منتجاتها الزراعية الى دول الإتحاد الأوروبي وأمريكا وتعتبر الزراعة مصدر الدخل الأكبر للمستوطنين في المناطق المحتلة، وتكمن الأهمية الإقتصادية لقطاع الزراعة في توفير المواد الأولية لمعامل الصناعات الغذائية التي تستحوذ على 40 بالمئة من إنتاج المستوطنات الإسرائيلية.
الدور الإقتصادي للمناطق الصناعية
ان أحد مصادر الدخل الأخرى للمستوطنات اليهودية في المناطق المحتلة هي المنتجات الصناعية التي تستهلك في داخل الكيان الإسرائيلي وتصدر الى الخارج أيضا، فمنتجات المستوطنات تشمل المنتجات البلاستيكية والآلات المعدنية والمنسوجات والسجاد ومستحضرات التجميل ووسائل الزينة والمواد الغذائية وهناك مناطق صناعية إسرائيلية معروفة شمال القدس وشرقها وشمالي الضفة الغربية وهضبة الجولان، وهناك 21740 وحدة صناعية في المستوطنات الإسرائيلية يعمل فيها 364400 عامل وان قيمة منتجات هذه المعامل هي 97 مليار شيكل.
لقد تزايد عدد الشركات الصناعية في المستوطنات الإسرائيلية بنسبة 20 بالمئة بين عامي 1999 و2012 وان 65 بالمئة من المعامل الصناعية بنيت في وسط الممستوطنات الإسرائيلية اما في منطقة شمالي الضفة الغربي وتحديدا في منطقة البركان فتوجد 15 بالمئة من النشاط الإقتصادي الصناعي ويمكن القول ان 40 بالمئة من منتجات معامل المستوطنات هي مواد غذائية و14 بالمئة صناعات ورقية و10 بالمئة مواد البناء.
ان إقتصاد الكيان الإسرائيلي شهد نموا كبيرا منذ بداية التسعينيات حتى الآن حيث بلغ معدل النمو السنوي في الناتج المحلي (2009-1996) حوالي 4 بالمئة، ورغم تراجع حصة الصناعة في مجموع الناتج المحلي في الكيان الإسرائيلي من 17 بالمئة الى 14 بالمئة وتراجعها امام قطاعي الزراعة والتجارة لكن حصتها من المشاركة في مجمل الإقتصاد الإسرائيلي قد زاددت من 21 بالمئة الى 27 بالمئة، ونتيجة لذلك تحول الإقتصاد الإسرائيلي من إقتصاد صناعي وزراعي تقليدي الى إقتصاد متطور ومتقدم وذو تكنولوجيا عالية حيث إستحوذ على 40 بالمئة من قيمة السلع المصدرة.