الوقت - خرجت السعودية لتُصرِّح على لسان مسؤوليها، مُتغنيةً بالإنجاز. فيما كان الإنجاز إفتتاح خطٍ جويٍ بين الرياض وتل أبيب. في حين نقل المسؤولون السعوديون الحدث المتعلق بتدشين رحلاتٍ الى مطار بن غوريون، وكأنه حلم! وهو الأمر الذي يدل على تطور العلاقة بين الطرفين، من السرية الى العلنية، وصولاً لفتح خطوطٍ جوية. في حين لم تغب آمال المُستقبل المُشرق والتعاون الإيجابي، عن تصريحات المسؤولين السعوديين. أما الطرف الإسرائيلي، فهو أيضاً، كان مرحباً. فماذا في التغني السعودي؟ وكيف يمكن تحليل ذلك، خصوصاً لجهة الأسباب والأهداف والنتائج؟
التغني السعودي بفتح خطٍ جوي بين الرياض والكيان الإسرائيلي
كشف موقع "ايه دبليو دي" الإخباري الدولي عن فتح السعودية رحلات مباشرة بين مطارتها والمطارات الإسرائيلية في الخطوة التي دشنت برحيلتين سعوديتين إلى مطار بن غوريون الصهيوني. ونقل الموقع تصريحاً للمتحدث باسم الخارجية السعودية عبدالله مهيوب، والذي أدلى به لوكالة فرانس برس، حيث تحدث عن سروره بأن طائراتٍ من نوع بوينغ 787، حطت في مطار بن غوريون في السابع من الشهر الحالي. مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعم بقوة خطوة السعودية، لفتح رحلات مباشرة مع الكيان الإسرائيلي، سعياً إلى كسر العزلة المتزايدة على الكيان في المحيط العربي المعادي. كما أكد على استكمال التحضيرات المطلوبة، وذلك تمهيداً للمفاوضات المستقبلية والتي تمنى أن تكون إيجابية. مؤكداً أن تل أبيب وَميناء مدينة حيفا، سيكونان وجهتين محتملتين للرحلات السعودية. ولم يكتف المسؤول السعودي بذلك، بل تحدث عن الأثر الإيجابي الذي أوجده الإتفاق السعودي الإسرائيلي بتسيير رحلات مباشرة بين المطارات السعودية والإسرائيلية. حيث أثّر بشكل إيجابي على سوق الأسهم في تل أبيب، باعتبار أن الكيان الإسرائيلي سيكون في القريب العاجل محط منافسة أثرياء العرب للإستثمار بسخاء في الأُمَّةِ اليهودية، لا سيما بعد إصدار الملك السعودي سلمان، توجيهاتٍ لوزير النقل، بالتعاون مع الأصدقاء الإسرائيليين وتسهيل هذا التطور التاريخي.
الأسباب، الأهداف والنتائج
لا شك أن عدداً من الأسباب، تدفع بالطرفين الإسرائيلي والسعودي، نحو تقوية العلاقة بينهم.
ويمكن تبيين الأسباب فيما يلي:
- إن الحركة العالمية المناهضة للصهيونية، باتت اليوم ذات فعالية أكبر. حيث أصبحت تُشكل أثراً في أوروبا والعالم، وليس فقط في الشرق الأوسط. وهو الأمر الذي قد يدفع الطرف الإسرائيلي لفتح علاقات مع الدول العربية، من أجل تعويض خسارة الدعم، التي لحقت بالكيان.
- في المقابل، ليس مُستغرباً قيام الرياض بذلك. فهي عملياً، تقوم بتطوير علاقتها مع تل أبيب، والتي كانت سرية، وأضحت علنية. فيما لم تُقدم الرياض أي تعاون يخدم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، أو الصراع العربي الإسرائيلي.
- وهنا، قد تظن السعودية أنها، من خلال العلاقة مع تل أبيب، يمكن أن تُعوِّض عن خساراتها الإقليمية، لا سيما في الملفات السورية والعراقية واليمنية.
أما حول أهداف هذه العلاقة بين الطرفين، يمكن قول بالتالي:
- لا شك أن السعودية تسعى للترويج للإعتراف بالكيان الإسرائيلي والصهيونية. وهو الأمر الذي يبدو واضحاً من خلال مراقبة السلوك الذي تنتهجه الرياض.
- إن هذا السلوك، يُعبِّر عن محاولة لترسيخ التعاون الإستراتيجي مع الكيان الإسرائيلي. وهو ما يأتي خدمةً للعلاقة التي بدأت سرية، وتطورت لتُصبح علنية.
- إن هذا التعاون، يهدف لدفع الرأي العام العربي، للقناعة بأن الكيان الإسرائيلي، تربطه بالدول العربية والإسلامية علاقة صداقة. وهو ما قد ينتج عنه، تراجع في حجم العداء العربي والإسلامي للكيان الإسرائيلي. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال رسالة صداقة، أحب أن يبتدعها السعوديون.
- إن نتيجة هذه العلاقة والتعاون، بناء أرضية مُشتركة، لتقاسم المصالح، ومقاربة الملفات التي تهم الطرفين. لاسيما كيفية مواجهة محور المقاومة، وتحديداً حزب الله، الأمر الذي قد يتَّفق عليه الطرفان.
فيما يتعلق بالنتائج، تجدر الإشارة لما يلي:
- إن سلوك الرياض، سيُشكِّل بحد ذاته، حالةً من إنعدام الثقة بين السعودية والشعوب العربية والإسلامية، كانت قد بدأت منذ شن العدوان على اليمن، وصولاً الى إعلان العلاقات العلنية بالكيان الإسرائيلي. فيما سيتطوَّر ذلك، نتيجة تخطي الرياض لعتبة المصالح الخاصة، وضربها المشروع الأممي لشعوب المنطقة، والذي تختصره القضية الفلسطينية، وحالة العداء العربي والإسلامي لتل أبيب.
- ستسقط الرياض من عين الشعوب العربية، كمرجعية للمسلمين. مما سيجعلها أمام تساؤلات عديدة، لا نظن أنها تستطيع الإجابة عنها. خصوصاً بعد أن أثبت سلوكها الأخير، حقيقة المُخطط السعودي الإسرائيلي تجاه الشعب اليمني تحديداً، والذي كان من نتيجته العدوان على اليمن.
- إن هذا السلوك، لن يؤثر على مسار الصراع، كما تظن الرياض أو تل أبيب. بل على العكس، سيعطي دفعاً لمحور المقاومة، خصوصاً الشعب الفلسطيني، والذي سيزداد قناعة بأنه لا خيار لتحصيل حقوقه المُتمثلة بإستعادة الأرض من الإحتلال وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى بلادهم، إلا من خلال المقاومة. والمضي قُدماً ضمن سياسات محور المقاومة الذي تقوده إيران.
إذن، تغنى السعوديون بتدشينهم خطوطاً جوية بين الرياض وتل أبيب. فيما يوضح المقال أعلاه، حقيقة الأسباب والأهداف والنتائج. لنصل الى خلاصةٍ مفادها، أن السعودية رسخت واقعاً جعلها في أعين الشعوب العربية، والإسلامية، بعيدة عن قيم العروبة والإسلام. حيث أنها بدت وكأن حلمها، الوصول لمطار بن غوريون.