الوقت - يعد الملف الفلسطيني واحداً من أعقد الملفات التي شهدها التاريخ البشري على مدى قرون من الزمن، بسبب الحوادث الكثيرة والمعقدة والشائكة لهذا الملف من جانب، وفضاعة الإنتهاكات التي حصلت وتحصل لحد الآن نتيجة الإحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين وقتل أهلها وتدنيس مقدساتها من قبل الكيان الإسرائيلي لاسيّما القدس الشريف.
وخلال تاريخها المديد تعرضت فلسطين للإحتلال الغاشم ولمرات عديدة من قبل قوات أجنبية غازية، وشهدت خلال ذلك الكثير من المآسي والكوارث البشرية التي لا يمكن التطرق إلى تفاصيلها وفضاعتها في هذه السطور.
وفي أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، تمكن الصليبيون من إحتلال فلسطين قبل أن ينجح المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي من طردهم منها في معركة "حطّين" الشهيرة التي مُني فيها الصليبيون بهزيمة منكرة، وتكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وبدأ إحتلال فلسطين مرة أخرى عام 1948، أيّ بعد الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات نتيجة تفكك العالم الإسلامي إثر إنهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) وتقسيم المنطقة في إطار إتفاقية "سايكس بيكو" عام 1916.
وتمّ التخطيط لهذا الإحتلال في الحقيقة منذ أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وتحديداً في عام 1897 خلال إنعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل (بال) السويسرية.
ومنذ إنشاء الكياني الإسرائيلي الغاصب على أرض فلسطين السليبة عام 1948 وإحتلالها من قبل هذا الكيان بشكل كامل عام 1967 بمساعدة العديد من الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا، تعرضت الأماكن المقدسة والتاريخية في هذا البلد إلى سلسلة ممنهجة من أعمال التخريب ومحاولات التهويد لهذه الأماكن لاسيّما خلال العقدين الماضيين.
كما أقدمت العصابات والحكومات الصهيونية المتعاقبة على قتل وجرح وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير مدنهم وحرق منازلهم وتخريب قراهم ومزارعم خلال العقود السبعة الماضية.
ورغم مرور هذه المدة الطويلة على الإحتلال الصهيوني لأرض فلسطين لا زال الكيان الإسرائيلي يمارس شتى أنواع الإنتهاكات ويقترف ما لايحصى من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني من أجل تثبيت أقدامه في ظل صمت دولي مريب وسكوت غير مبرر على الإطلاق من قبل المنظمات الدولية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان.
وقد ساهمت الأنظمة الرجعية والعميلة في المنطقة في تكريس الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين. كما ساهم ظهور الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل هذه الأنظمة خلال السنوات الأخيرة بإشغال الدول الإسلامية لاسيّما العربية عن القضية الفلسطينية. ولا زال الشعب الفلسطيني يدفع ضريبة المؤامرات التي تحاك ضده في الدوائر الصهيونية العالمية وبدعم واضح من الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين والإقليميين خدمة للكيان الإسرائيلي.
وتعرض قطاع غزّة في فلسطين المحتلة إلى عدوان إسرائيلي متكرر وواسع النطاق خلال العقدين الماضيين كان آخرها في صيف عام 2014 والذي أدى إلى إستشهاد وجرح الكثير من الفلسطينيين، وتدمير البنى التحتية للقطاع الذي يتعرض أصلاً لحصار إسرائيلي ظالم وشامل منذ نحو 9 سنوات.
وفي الضفة الغربية ونتيجة تواطئ السلطة الفلسطينية مع الحكومة الإسرائيلية يتعرض الفلسطينيون إلى قمع شديد ومضايقات كثيرة من أجل إخماد إنتفاضاتهم المتكررة والمتواصلة والتي إندلع آخرها تحت عنوان "إنتفاضة القدس" في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2005، وتمكن خلالها الفلسطينيون من قتل وجرح الكثير من المستوطنين والقوات الإسرائيلية سواء في الضفة أو القدس المحتلة.
ورغم الظروف القاسية التي تعرض ويتعرض لها، لازال الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة يصرّون على مواصلة الكفاح بكل الوسائل المتاحة لإستعادة حقوقهم المغتصبة في الأرض والوطن لاسيّما حق العودة.
ويعتقد الكثير من المراقبين بأن تولّي وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق المتطرف "أفيغدور ليبرمان" لحقيبة وزارة الحرب في الكيان الإسرائيلي في الآونة الأخيرة يهدف بالدرجة الأولى إلى تشديد القمع ضد الفلسطينيين المنتفضين الذين هبّوا للدفاع عن أرضهم ومقدساتهم رغم قلّة الإمكانيات وخذلان الأنظمة الرجعية في المنطقة لقضيتهم.
وفي خضم هذه الأحداث المؤسفة تتكشف بوضوح أهمية إحياء "يوم القدس العالمي" الذي دعا له مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران الإمام الخميني "قدس سره الشريف" في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، من أجل تعزيز الدعم لنضال الشعب الفلسطيني بكافة السبل والوسائل الممكنة لإستعادة حقوقه المغتصبة وتهيئة الأرضية لتحرير القدس الشريف وباقي الأماكن المقدسة من براثن الكيان الإسرائيلي.