الوقت- نقلت المصادر الخبرية ان وزارة الدفاع الاميركية تنوي نشر معلومات سرية حول القوات الامنية الافغانية، مما يثير الكثير من الاسئلة حول حقيقة الاهداف الامريكية من وراء ذلك، وما يمكن ان يترك من تأثيرات وتداعيات على المستوى الامني في افغانستان الذي يعيش مواجهة محتدمة مع مقاتلي مجموعة طالبان، التي يبدو انها توصلت الى اتفاق مع امريكا بمعزل عن الحكومة الافغانية.
وبغض النظر عن التبريرات التي يمكن ان تسوقها وزارة الدفاع الاميركية تبقى اسئلة كثيرة تطرح على غرار، الا يعتبر هذا امرا غير معقول وغير حكيم في ظل المواجهة المستمرة مع طالبان، التي لم تتمكن الحكومة ولا القوات الاجنبية على مدى السنوات الماضية من وجودها في افغانستان وبعد الاطاحة بنظام طالبان في العام 2011، ان توقف بل ولا حتى ان تحد من هجمات طالبان.
والا تعتبر هذه المبادرة من البنتاغون عملا عدائيا ضد الحكومة والشعب الافغانيين، في ظل التحديات الامنية الكبيرة التي يواجهها هذا البلد؟
في الواقع هذا الخبر يلفت الانتباه تلقائيا الى المفاوضات التي جرت بين امريكا وطالبان على مدى السنوات الماضية، وبدون علم الحكومة الافغانية، وهو ما اثار امتعاض الاخيرة واحتجاجها الذي رفع عقيرتها به اكثر من مرة، وربما يكشف عن خيوط جديدة من فصول التوافق السرية، التي ربما تؤدي الى عودة طالبان الى الحكم ومعها تكرار الفصول السوداء من محنة الشعب الافغاني تحت حكم هذه الجماعة التكفيرية الالغائية.
ويعتقد المراقبون بان نشر المعلومات السرية يمثل عملا عدائيا ضد حكومة افغانستان، بهدف ضرب الامن والاستقرار في هذا البلد، ومنع استتبابه في هذا البلد، لان التصيد في الماء العكر افضل وسيلة لامريكا لتحقيق مآربها ومكاسبها الخاصة، على اساس نظرية الفوضى الخلاقة.
ولا تفصلنا مدة زمنية كبيرة عن اعلان امريكا ان طالبان ليست جماعة ارهابية، ورفعت اسمها من قائمتها السوداء، وهي الجماعة التي كانت وما زالت الملهم للكثير من مشتقاتها هي والقاعدة، مثل داعش الارهابي والنصرة وغيرهما من الحركات التكفيرية التي تنتهج الذبح والاعدام حرقا وما الى ذلك من صنوف القتل والارهاب التي تتفنن بها، مستخدمة افضل واحدث التقنيات التصويرية في اعلامها لذلك.
ويأتي هذا في وقت تتبنى طالبان معظم التفجيرات الارهابية التي تستهدف الامنين والمسؤولين في افغانستان، ما يمكن ان يفسر على انه ضوء اخضر من امريكا للحركة للاستمرار بمنهجها، غير آبهة بالجحفلة الاميركية الصورية لجنودها وقوات عدد من حلفائها الذين يشاركونها المؤامرة، لابقاء بؤر التوتر عامرة في المنطقة، خاصة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار والى جانب هذا الخبر، الانباء التي ينقلها المسؤولون العراقيون ومنهم في قوات الحشد الشعبي في العراق عن اسقاط الطائرات الاميركية امدادات لداعش الارهابي في مناطق المواجهة مع قوات الحشد الشعبي، والتي تمكنت مؤخرا من استهدف احدى الطائرات الاميركية اثناء اسقاطها الامدادات لمسلحي داعش الارهابي.
وكل هذا يأتي في وقت وقعت افغانستان ومن قبله العراق ما يسمى باتفاقية امنية، بعيدة الامد مع امريكا للتعاون الامني والعسكري، وحماية هذين البلدين في مواجهة الارهاب والتحديات الامنية الكبيرة التي يواجهانها.
وبعد كل هذا وذاك الا يمكن القول اليوم بكل ثقة وقوة ان امريكا لا يمكن ان تكون شريكا وحليفا موثوقا لاي من دول المنطقة لا في ظل اتفاقية امنية ولا بغيرها، وان هذه الدول عليها ان تعتمد على قدراتها الذاتية وشعوبها بالدرجة الاولى ، ومن ثم على الحلفاء الاقليميين الذين تربطهم بها علاقات ووشائج تاريخية ومذهبية وحضارية وثقافية.