الوقت- بينما تستخدم امريكا قضية حقوق الانسان دوما من أجل ممارسة الضغط على الدول والجماعات الاخرى وتظهر نفسها كمدافعة عن حقوق الانسان وتفرض عقوبات قاسية على دول وتهاجم دولا اخرى تبقى قضية الظلم التي يتعرض له السود في امريكا مستمرة، والجديد هذه المرة المعاقبة على حرية التعبير حيث تم طرد 3 معلمين يدرسون مادة الدراسات الاجتماعية من ثانوية جامعة هارفارد في واشنطن بسبب تدريس مادة تاريخ السود، وقد تم طردهم امام أعين التلاميذ.
ودون شك تظهر هذه الخطوة ان السلطات الأمريكية ماضية في انتهاكاتها لحقوق الانسان وقمع حرية التعبير وان التمييز العنصري أمر منهجي في المجتمع الامريكي لكن لهذه الخطوة دلالات حيث انها تأتي بعد احداث مدينة فيرغسون ومقتل الشاب مايكل براون وعدد من السود على يد الشرطة البيض في احتجاجات عمت مناطق السود في امريكا لتؤكد ان السلطات الامريكية تريد افهام السود بأن عليهم ان يقبلوا بالواقع العنصري الموجود في المجتمع وان هذا الواقع لن يتغير مهما نظموا من حركات أو مظاهرات.
وأظهر مقتل الشاب مايكل براون وغيره على يد الشرطة الأمريكية حجم مشكلة عنف الشرطة والتمييز العنصري ضد السكان السود في امريكا، والذين لا يزالون فئة مهمشة في المجتمع الأمريكي تعاني أكثر من غيرهما من مشاكل الفقر والبطالة وتدني مستوى التعليم والخدمات الاجتماعية ، ويبدو أن وضع السود لم يتغير كثيرا مع وصول أول رئيس أسود إلى الحكم في الولايات المتحدة.
وأثارت حوادث قتل السود المتكررة وتبرئة الشرطي ويلسون مؤخرا تساؤلات كثيرة حول تحيز أجهزة الأمن والقضاء في الولايات المتحدة، التي تسمح سلطاتها لنفسها بالتدخل في شؤون غيرها من الدول بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان.
تجاوزات الشرطة والقضاء الأمريكيين دفعت الرئيس الأمريكي بارك أوباما إلى الاعتراف بأن التحيز العنصري الحاضر في المنظومة القضائية هو مشكلة أمريكية، وإن كان تراجع بعد يوم من هذا التصريح ليؤكد في تصريح آخر أن "المجتمع الأمريكي اليوم أقل انقساما على أساس عرقي من ست سنوات مضت"، في إشارة ربما إلى أن هذه الاحتجاجات لايمكن في أي حال من الأحوال أن تتطور إلى احتجاجات عاصفة.
ولاتكترث السلطات الامريكية بالنداءات الدولية وحتى الصادرة عن منظمات اممية لوقف الانتهاكات الممنهجة ضد السود والاقليات في داخل امريكا وكانت الامم المتحدة قد دعت في 5 من ديسمبر/ كانون الأول السلطات الأمريكية إلى احترام حرية التعبير، مطالبة إياها بتعزيز محاسبة رجال الشرطة على أفعالهم.
وعبرت منظمات حقوقية ومؤسسات دولية عن قلقها بشأن عنف الشرطة الأمريكية والاستخدام المفرط للقوة من قبل رجال الشرطة ضد المحتجين السلميين وكذلك الاعتقالات، بما فيها اعتقال الصحفيين، ناهيك عن قضية التمييز العنصري.
وكان الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن يغلاند قد أكد في أغسطس/آب أن أعمال الشرطة الأمريكية هذه "تعد خرقا لحقوق الإنسان"، داعيا السلطات إلى إيلاء اهتمامها للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي دفع المحتجين للخروج إلى الشوارع.
وهناك تقارير دولية ايضا تؤكد ان الولايات المتحدة التي تدعي أنها حامية لحقوق الإنسان، هي أكثر الدول التي تنتهك هذه الحقوق وأن أكثر الانتهاكات الأمريكية في حقوق الإنسان، هي انتهاك حقوق الأقليات والعنف الجنسي تجاه المرأة والتفرقة العنصرية وحرية التعبير والانتهاكات التي تجري ضد المهاجرين في أمريكا.
وتنتقد هذه التقارير العنف الذي استخدمته الشرطة الأمريكية خلال الاحتجاجات العارمة التي شهدتها البلاد، عقب مقتل الشاب براون لافتة أن هناك تفرقة عنصرية تجاه السود.
ويتحرك المسؤولون الامريكيون حينما تحدث هناك انتهاكات لحقوق الانسان في داخل الدول التي تعادي امريكا ويبادر المسؤولون الأمريكيون الى اتخاذ خطوات ضد هذه الدول كما يسخرون المنظمات الأممية والدولية المنقادة لأمريكا من أجل الضغط على هذه الدول لكن هذه المنظمات تصمت ازاء ما يحصل في امريكا أو تكتفي باصدار تقارير هامشية وغير هامة أو دعوات وما شابه ذلك، ويبقى على السود الامريكيين ان لايكتفوا بفورات غضب آنية تجاه الانتهاكات التي تحصل ضدهم ويبادروا الى تنظيم حركة مستمرة تشمل كل السود الامريكيين على غرار الحركة التي قادها مارتن لوثر كينغ مرة جديدة.