الوقت - 35 قتيلا و 200 جريح و أكثر من 600 معتقل، هي حصيلة إحياء الذكرى الرابعة لـ"ثورة 25 يناير" في مصر و ما تبعها من أعمال عنف، ثورة قامت ضد نظام قمعي ديكتاتوري، رافعة شعارات "الحرية والعدالة والكرامة"، ثورة رفضت التسلط والاستبداد، و"قدست" الحريات التي لطالما كانت غائبة عن "أم الدنيا".
لم تغير ثورة مصر "التاريخية" كما يجمع المراقبون وجه مصر، ولعل ما شهدته الشوارع المصرية في الذكرى الرابعة للثورة الحافلة بالدماء والفوضى كاف للدلالة على مشهد سوداوي هو أبعد ما يكون عن حلم الشباب الذين ملأوا الساحات و قدم بعضهم روحه رخيصة في سبيل التغيير و التحول الديمقراطي.
وبعيدًا عن الأحداث الأمنية التي تحصل كل يوم تقريبا في مختلف المناطق المصرية، أتت أحداث "ذكرى الثورة" لتضع الإصبع على الجرح بشكل لا يقبل التأويل أو الاستفهام، فـ"القبضة الأمنية" التي لطالما عرف بها نظام مبارك لا تزال على حالها، قبضة لم تتردد القوى الأمنية بممارستها ضد المتظاهرين في أنحاء مصر، موقعة عشرات الضحايا في تكرار لمشهد أحداث 25 يناير 2011 و لكن بتوقيع عبد الفتاح السيسي هذه المرة.
يقول السيسي: "إن ثورة الخامس والعشرين كانت من أجل التغيير الذي حلم به المصريون وشعلة للتقدم والتحرر"، ويضيف: "نهنئ الشعب المصري ونهنئ أنفسنا فى ذكرى الثورة التي تدفعنا إلى التحرك بقوة من أجل التغيير، والتحرك الإيجابي في كل المجالات".
أي تغيير تحقق ولا تزال دماء المصريين تسال في الشوارع دون ذنب؟ من اخوان مسلمين و علمانيين و غيرهم، كانوا عصب الثورة و البساط الذي عبر عليه السيسي لكرسي الرئاسة. و جاء مقتل الناشطة الاعلامية شيماء الصباغ دليلا واضحا على عدم اقتصار الاحتجاجات على الاخوان المسلمين كما يحلو للنظام المصري أن يصور الأمر، كما أكدت فحوصات الطب الشرعي مقتل صباغ بخرطوش خاص تستخدمه قوات الأمن المصرية و ليس الاخوان كما تحدثت بعض أوساط السلطة.
عن أي تغيير تحدث السيسي؟ والجمعة قبل ثلاثة ايام من ذكرى الثورة الرابعة اطلق سراح علاء وجمال نجلي مبارك الذي قال محاميه فريد الديب انه اصبح حرا طليقا ولكنه سيبقى في مستشفى عسكري في القاهرة لانه يعاني من بعض المتاعب الصحية.
وقبل شهرين برأت محكمة الجنايات في القاهرة مبارك وسبعة من كبار المسؤولين الامنيين في عهده من اتهامات بالتورط في قتل نحو 800 متظاهر ابان الثورة بسبب عدم كفاية الادلة. كما الغت محكمة النقض قبل نحو عشرة ايام حكما اخر بحبسه ثلاث سنوات وحبس نجليه اربع سنوات في قضية استيلاء على اموال عامة وامرت باعادة محاكمتهم.
اذا وفي المحصلة، مصر ليست بخير و الثورة لم تحقق ما أرادت بعد عزل مبارك، لا مع محمد مرسي و الاخوان ولا مع السيسي و حكم العسكر، الذي لا يبدو أنه سيمنح الديمقراطية للشعب المصري، و للأسف فمن بين المتظاهرين من يترحم على الهدوء الحذر أيام حسني مبارك، و قد يربط البعض ما يحصل مع متغيرات المنطقة و قلق السيسي من مواجهة ثورة تطيح به كما حصل مع أسلافه، فقد خسر منذ أيام داعما أساسيا هو الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي لم يتوان عن دعم السيسي في حياته، و المصالحة المصرية القطرية في مهب الريح مع الملك الجديد سلمان الذي انقلب على أخيه فور وصوله للحكم.