الوقت- الأزمة السورية المستجدة في حلب، و ما رافقها من حملة إعلامية كبيرة، و نشاط غير مسبوق على مواقع التواصل الإجتماعي لتحوير الحقائق و دلسها، و العملية العسكرية للجيش العربي السوري في حلب، و العدد الكبير من الضحايا من شهداء و جرحى من المدنيين الذي سقطوا بقذائف المجموعات الإرهابية، كل هذه المواضيع و مستجدات أخرى كانت محور حوارنا مع الخبير العسكري العميد "أمين حطيط" و الذي جاء فيه:
الوقت: ماهی خلفيات الدعاية الإعلامية و البروباغندا الكاذبة حول ما يحصل في حلب؟
العميد حطيط: "في الحقيقة أن فهم ما يجري الآن يتوجب علينا العودة الى الأصول، فإن كل هذا الصخب الإعلامي الذي يقوم به المحور المعادي لسوريا هو مجرد تغطية للهزيمة الميدانية التي تعرض لها، فنحن نعرف أن معسكر العدوان على حلب وسوريا بشكل عام هاله أن تنجح سوريا في تدمر و تحقق هذا الانجاز الكبير قبل جولة المفاوضات في جنيف، و لذلك و من أجل إعادة التوازن وضعوا في خططهم أمرين، الأول وقف اندفاعة الجيش العربي السوري و منعه من تحقيق أي انجاز جديد، و الأمر الثاني هو محاولة وضع اليد على حلب حتى يعادل بها تدمر، و عند ذلك يعود التوازن في الميدان، و معركة حلب تأتي ضمن المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية البديلة، و المشروع الصهيوسعودي المترافق معه، فكانت خطتهم تتدرج وفقا لما يلي، أولا تبدأ العملية الإرهابية بجسّ النبض في محيط حلب، ثم تتطور هذه العمليات بدعم تركي مؤثر، و يُسمح لهم باستعمال أسلحة غير تقليدية، ثم يتم وقف العملية السياسية في جنيف لإفساح المجال أمام القوة العسكرية كي تندفع أكثر باتجاه حلب، وصولا إلى دعم أمريكي و التلويح بوجود عسكري أمريكي في المنطقة، و أخيرا النجاح في معركة حلب و وضع اليد عليها، في الحقيقة استطاعوا أن ينفذوا الخطوة الأولى من هذه الخطة و ذلك في منطقة العيس في جنوب حلب، اذ دخلوا الى جنوب حلب و استعملوا الأسلحة الكيميائية، و لم تحرّك أمريكا ساكناً أو حتى إنها لم تستنكر، ثم بدؤوا بالتلويح بالعضلات و أطلقوا النار بعدما استلموا صواريخ "استنغر" الأمريكية المضادة للطائرات و أسقطوا بها طائرة سورية، بالإضافة الى تدخل تركي واسع النطاق سواءاً بلباس الإرهابيين أو بالدعم الناري المباشر، كل هذا كان بتصورهم سيمكنهم من اسقاط حلب.
و استدرك قائلاً: "و لكن الذي فاجأهم أن الجيش العربي السوري مع القوى الإيرانية و مقاومي حزب الله كانووا جاهزين، لا بل البعض يقولون أنه كان لديهم علم بخطة جبهة النصرة لدخول حلب، فنُصب كمين كبير للمنفذين على أكثر من محور، و أُجهضت العملية و سقط من الإراهبيين ما يتراوح بين 350 إلى 500 إراهابي و أجهضت خطة الإطباق على حلب، و عندما أُجهضت خطة الإطباق على حلب إنقلب المسلحيين إلى الرد الفعلي الإنتقامي، فأمطروا حلب ضمن أقل من أسبوع الى عشرة أيام بألف و خمسمائة قذيفة و صاروخ، و حتى لا يتحملوا المسؤولية عن قتل المدنيين واكبوا عملهم الإجرامي و العدواني بحرب نفسية إعلامية، فكانوا هم من يقتلون و يتهمون الجيش العربي السوري بالقتل، هم من يرتكبون المجازر و يُحمّلون مسؤوليتها للجيش العربي السوري، فكانت هجماتهم تعمل بالتوازي مع الكاميرا، فيطلقون القذيفة و الكاميرا تلتقط و تنسب الجريمة للجيش العربي السوري، و بهذا الجو كانوا يهدفون إلى أمرين؛ الأمر الأول حجب هزيمتهم و الانتقال من الجانب الميداني إلى الجانب الإنساني و تصوير المسألة بأنها مسألة إنسانية، علماً أنهم هم من فجّروا المعركة و هم من انسحبوا و هم من قالوا أنهم يريدون إشعال الجبهات، و لكن كل هذا تنساه الإعلام، لأن الإعلام بيدهم و هم قادرون على التحكم به، و المسألة الثانية أنهم كانوا يريدون تضخيم الموضوع الإنساني من أجل منح فرصة للأمريكي للتدخل بفرض وقف العملية العسكرية في منطقة حلب حتى يحمي جبهة النصرة الغير المشمولة في وقف العمليات، و يمنع الجيش العربي السوري مستقبلا من متابعة معركته في حلب لتطهيرها."
"بالتالي الصخب الإعلامي القائم حاليا وظيفته أمرين؛ الحجب على هزيمتهم و قطع الطريق على الجيش العربي السوري للدخول إلى حلب."
الوقت: سمعنا أن الجماعات الإرهابية حشدت قواتها من مختلف الجبهات السورية لأجل حلب، ما هي الأهمية الإستراتيجية لحلب في حال سقوطها أو استرجاعها بالكامل؟
العميد حطيط: "الأهمية الاستراتيجية في حلب ليست موجودة في أي منطقة سورية أخرى، فحلب أولاً هي العاصمة الثانية لسوريا، ثانياً هي المدينة الإقتصادية الأولى في سوريا، ثالثاً هي بوابة التدخل التركي في سوريا، رابعاً هي المنطقة التي يمكن أن تصل أو تفصل المنطقة الكردية من الشمال و الشرق، خامساً فإن الثقل الديموغرافي و التلوين الديموغرافي في حلب غير موجود في أي منطقة من سوريا، و بالتالي فموضوع حلب موضوع هام جداً على الساحة السورية، و قد يكون أحد المواضيع الثلاث الأكثر أهمية في كامل المسألة السورية."
الوقت- بالنسبة لسؤالنا الأخير سألنا العميد حطيط عن ما سمعناه بالأمس بأن الروسي يقول بأنه لن يطلب من الجيش العربي السوري وقف طلعاته الجوّية في حلب، فهل حلب هي موضوع خلاف روسي أمريكي، في حين نراهم متوافقين في جبهات عديدة أخرى؟
العميد حطيط: "طبعاً أمريكا تريد قطع الطرق على الجيش السوري كي لا يحرر حلب، و روسيا تعرف أنه في حلب توجد جبهة النصرة فبالتالي وقف العمليات في حلب يعني تقديم خدمة للإرهاب، و انقلاب على قرار وقف العمليات القتالية، و هذا هو الموقف الأمريكي من موضوع حلب، و السبب وراء عدم إدخال حلب في الهدنة الأخيرة."