الوقت- بعد سقوط مدينة ادلب منذ نحو عام، لم تكن بلدتي كفريا و الفوعة لقمة سهلة بالنسبة الى ارهابيي جبهة النصرة المتمركزة على تخوم البلدتين، اذ فشلة كل محاولاتهم لتضييق الخناق على الأهالي و اجبارهم على الاستسلام، الأمر الذي أدى الى كثافة الهجمات على البلدتين باستخدام شتى أنواع الصواريخ و القذائف و المفخخات. و رغم اتفاق الهدنة الموقع تحت رعاية الأمم المتحدة منذ شهرين، لا تزال صواريخ الارهابيين تستهدف الحجر و البشر من كبير و صغير دون حسيب أو رقيب، و يضاف الى ذلك عدم عادلة طريقة تعامل الأمم المتحدة حيال هدنة كفريا والفوعة و مضايا، حيث تعيش المدينتين أوضاعاً اقتصادية و صحية صعبة بينما مضايا تنعم بالرخاء. فكيف هو الحال في كفريا و الفوعة؟
يصف القاطنون في كفريا و الفوعة الوضع بالمزري جدا، حيث يطالب الأهالي بزيادة اجراءات الأمم المتحدة أولاً لمنع المسلحين من استهداف المدينتين يومياً، و ثانياً الى زيادة المساعدات الانسانية للبلدتن، حيث تعاني البلدتين من وضع انساني و اقتصادي محرج جداً جراء الحصار الذي تفرضه الجماعات الارهابية. شهادات كثيرة أدلى بها أهالي كفريا والفوعة أتت لتؤكد ضرورة الزيادة في الإجراءات والعمل من قبل الأمم المتحدة، علّها توفي الأهالي أدنى حقوقهم الإنسانية.
وعلى رأس المطالب كان الوضع الصحي، حيث قالت احدى الممرضات في مستشفى كفريا "أنه هناك نقصٌ كبير بالأدوية خصوصاً التي أتت بها الأمم المتحدة خلال عملية ادخال المساعدات الأخيرة"، و أضافة الممرضة بأنه "هناك نقص بحوالي 40 نوع دواء من المستشفيات". و أكدت الممرضة أن " الوضع في المشفى أصبح خطيراً و أن الوضع الصحي للمرضى من أسوء الى أسوء". و بحسب أخر التقرير الصحية من مستشفى الفوعة، استشهد على الأقل 50 مدني أغلبهم من الأطفال جراء القصف العشوائي للجماعات الارهابية، أيضاً استشهد حوالى 40 من المرض الذين يعانون من أمراض السكري و الضغط و الكلية، و ذلك بسبب النقص في الدواء. و نتيجة لنقص الدواء تذرف احد الأمهات دموعها على ابنها المريض الذي يموت أمام عينها بسبب مرضه بالتلاسيميا و عدم وجود الدم و الدواء اللازم لشفائه.
يضاف الى المطالب الصحية المطالب المعيشية و التي تعد من اهم المطالب التي يطالبها الأهالي بها من الأمم المتحدة، حيث أن المواد الإغاثية التي دخلت البلدتين في الدفعة الثالثة، لا تكفي قسماً من المحاصرين. و يعاني الأطفال من سوء التغذية و ذلك بسبب نقص في المواد الغذائية الأساسية كالحليب و الطحين و الخضار و اللحوم.
و يؤكد سكان بلدتي كفريا و الفوعة أن البلدتان تتعرضان كل يوم لصواريخ و قذائف الارهابيين المتطورة و التي لم تنقطع من قِبل التكفيريين على المدنيين حتى في ظل الهدنة، وهذا ما لا تراه الأمم المتحدة راعية هذه الهدنة. و بحسب أخر التقرير الميدانية خلال السنة الماضية، استشهد و جرح أكثر من 3000 ألاف مواطن من سكان البلدتين و ذلك جراء صواريخ و قذائف الارهابيين.
و إستنكاراً لجريمة استهداف وقصف الأطفال في قريتي كفريا والفوعة في ريف إدلب والتي ذهب ضحيّتها عدد من الأطفال الشهداء، نفذ حشدٌ من الأمّهات اللبنانيات والسوريات مع أطفالهنّ اعتصاماً رمزياً أمام مقرّ الأمم المتحدة “الإسكوا” في وسط بيروت، حيث رفع المشاركون الأعلام اللبنانية والسورية، بالإضافة إلى صور ولافتات تجسد العدوان على الأطفال في البلدتين المذكورتين، كما أطلقت الطفلة مريم حمود صرخة للمجتمع الدولي ناشدته فيها بالتحرك لمنع هكذا اعتداءات بحق الانسانية.
و كان أول الملبّين لحاجات القريتين الطائرات الروسية، حيث ألقت طائرة "يوشن" روسية، صناديق محملة بالمساعدات على بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين، و لكن الحقد التكفيري أبى أن تصل هذه المساعدات الى الأطفال المحاصرين، فبحسب وكالة "آرا نيوز"، قالت الجماعات المسلحة المحاصرة للبلدتين، أن "طائرة شحن روسية من نوع يوشن قامت بإلقاء سلل تحوي مواد غذائية بالإضافة لصناديق مملوءة بالأسلحة والذخيرة على البلدتين" على حد تعبيره. واضافت الجماعات أنها "استهدفت الصناديق التي ألقتها الطائرة وذلك أثناء هبوطها داخل البلدتين حيث تمكنت مضادات المسلحين من إعطاب أغلبها قبل أن تسقط داخل البلدتين".
و في اطار الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لضمان فك الحصار و اجلاء المدنيين تم اخراج 240 شخصاً معظمهم من المرضى مع مرافقيهم وقد تم الاتفاق الذي اكتملت كافة تحضيراته برعاية الامم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري، حيث وصلت الحافلات التي تقل عدداً من الجرحى وعائلاتهم من بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين عبر الهلال الأحمر السوري مدينة إدلب ومن المقرر ان تسلك القافلة بعدها من هناك الى بلدة السقيلبية في سهل الغاب بريف حماه الشمالي الغربي والواقعة ضمن المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري.
و تجدر الاشارة إلى أن عدد سكان بلدة "كفريا" يبلغ حوالي 10 ألف نسمة، بينما يبلغ عدد سكان بلدة "الفوعة" حوالي 30 ألف نسمة، أي أن مجموع عدد السكان في المدينتين يصل إلى 40 ألف نسمة.