الوقت:منذ اکثر من شهر، صدر ملخص تقریر مجلس الشیوخ الامریکي الذي یظهر ممارسات العنف و القتل و الترهیب التي استخدمتها الـ" سي اي ایه" للتحقیق في الجرائم الارهابیة بعد احداث 11 ایلول. ملخص التقریر الذي تالف من حوالي 500 صفحة لم یستطع، مثل کل التقاریر الماضیة، في استصدار قرار ادانة لوکالة الاستخبارات المرکزیة الامریکیة، من قبل مجلس الامم المتحدة او من قبل منظمة حقوق الانسان التابعة لها علی حد سواء. فما الذي منع ذلک؟ و الی اي مدی ستبقی عیون العالم مغلقة عن الاجرام الامریکي؟
في 3 کانون الاول 2014، افرج مجلس الشیوخ الامریکي عن الملخص التنفيذي للتقریر الذي اعدته لجنة منتخبة من قبل المجلس، و الذي يوضح أعمال التعذيب والاعتداءات والأخطاء التي إرتكبتها وكالة الاستخبارات المركزية «سي اي ايه»، بعد أحداث 11ایلول. الملخص تناول الانتهاكات في الفترة بين اواخر 2001 و اوائل 2009، و لكن حذف منه الكثير من المعلومات الحساسة، و اسماء مسؤولين و اشخاص متورطين في اعتداءات واعمال تعذيب مختلفة.
و الملفت في التقریر الصادر عن مجلس الشیوخ، انه یظهر بوضوح عشرات الوسائل التي استخدمتها وکالة الاستخبارات في تحقیقاتها مع المشتبه بهم، وسائل اظهرت بوضوح الوحشیة الامیرکیة و الاعتداءات المتعددة بشتی الوسائل للحصول علی معلومات یؤکد التقریر انها لم توصل الی نتیجة تذکر.
التقریر الصادر منذ اکثر من شهر لم یستطع، رغم دقته، من اعلان "حالة طوارئ انسانیة" داخل مجلس الامم المتحدة. و لم یبرز اي قرار ادانة للعب دور المدافع والمحامي عن حقوق الانسان.
قوانین الامم المتحدة اوصت بطرق معاملة المجرمين في مؤتمرها الذي عقد في جنيف عام 1955 و التي اقرها المجلس في 31 تموز 1957. 95 بندا من هذا القانون یحددون حقوق و واجبات السجین، بکافة جرائمه و ظروفه. نذکر منها البند 31 الذي یمنع اي اعتداء جسدي علی السجین ضمن الضوابط التالیة:" العقوبة الجسدية و العقوبة بالوضع في زنزانة مظلمة، وأية عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، محظورة كليا كعقوبات تأديبية. ولا يجوز ان يعاقب السجين بالحبس المنفرد او بتخفيض الطعام الذي يعطى له، و ينطبق الأمر نفسه على أية عقوبة اخرى يحتمل ان تلحق الاذى بصحة السجين الجسدية او العقلية. ولا يجوز في اي حال ان تتعارض العقوبات المفروضة علی السجین مع المبدا المقرر في القاعدة 31 او ان تخرج عنه".
الظاهر ان القوانین الدولیة الخاضعة لنظام الامم المتحدة، حول کیفیة التعامل مع السجین و حقوقه لم تمنع وکالة الاستخبارات الامیریکیة "سي اي ایه"، بالتعرض للسجناء بانواع متعددة من التعذیب الجسدي و النفسي، والتي شملت الإيهام بالغرق والحرمان من النوم والتعرية والضرب، و غیرها من الاقدامات التي تمنعها شرعة حقوق الانسان بکافة اسالیبها و مهما کان الدافع لها.
و الواضح ایضا، و بالرغم من کل ما تقدم و کتب في تقریر مجلس الشیوخ الامیرکي، ان المنظمة الدولیة لحقوق الانسان لم تحرک ساکنا و لم تقدم، حتی الان، علی اقل ما یمکنها من مساءلة او محاسبة الفاعلین و المسؤولین عن هذا الکم الهائل من الانتهاکات لحقوق الانسان.
النظر بحسن نیة للسکوت "الغیر مبرر" للامم المتحدة عن کافة الانتهاکات، و عن اجرام وکالة الاستخبارات الـ" سي اي ایه" لا یظهر سوی العار، و لا یمکن تبریر الصمت العالمي الا بعبارة واحدة الا و هي "الکیل بمکیالین". و اما النظرة المحقة لمجلس الامم المتحدة و قراراتها المتاثرة الی حد کبیر جدا بالسیاسة الامریکیة یظهر مدی استیلاء الحکومة الامیریکیة علی القرار الدولي. فمن جهة استطاع الامیرکیون استصدار تحریمات و غرامات بالجملة علی مشروع ایراني نووي سلمي بامتیاز، و من جهة اخری لم یصدر مجلس الامن اي قرار یدین، علی اقل تقدیر، الانتهاکات و الاجرام الامریکي لحقوق الانسان. و المضحک المبکي ان الانتهاکات الامریکیة ادینت من قبل مجلس الشیوخ الامریکي، و اما النووي الایراني فلم یستطع احد حتی الیوم ان یبرز جنبة غیر سلمیة فیه.
اذا، قانون "من فمک ادینک" لم یکن شافعا لاکثر من 200 معتقل للحصول علی اقل ما یمکن من طمأنة دولیة تحفظ الحد الادنی من حقوقهم الانسانیة، و الصمت الدولي یظهر یوما بعد یوم سیاسة الکیل بمکیالین ضد کل ما یتعلق بالمصالح الامریکیة. فهل یجب ان یکون الکل امریکيا لیحصل علی حقوقه الانسانیة، ام ان المقصود بشرعة حقوق الانسان، الانسان الامیرکي فقط.!!!!