الوقت-
ركز الإعلام السعودي خلال الأيام القليلة الماضية حول وجود وفد يمني لأنصار الله على الأراضي السعودية بهدف التفاوض، جملة الأخبار هذه نفاها عضو المجلس السياسي لانصار الله محمد البخيتي. الضخ الإعلامي السعودي هذا رافقه سلسلة من الإجراءات بتدخّل مباشر أو غير مباشر في اليمن من خلال ما اقدم عليه هادي مؤخراً بعزل بحاح وتعيين بن دغر في رئاسة الحكومة كما وتعيين علي محسن الأحمر نائباً للرئيس.هذه الإجراءات مجتمعة والمترابطة فيما بينها تعكس المخطط والتوجه السعودي خلال المرحلة المقبلة على الأراضي اليمنية وهو ما سنشير اليه في هذا المقال في مجموعة من النقاط.
اولاً: هناك عداوة واضحة ومتجذرة بين علي محسن الاحمر والحراك الجنوبي من جهة ولا يتمتع بأي تأييد شعبي في الشمال من جهة أخرى، وبالتالي فإن التكتيك السعودي الاخير في هذا الشأن يهدف الى وضع حكومة هادي الفاقدة للشرعية بموقع الضعيف من جهة والمتخاصم مع الأطراف الأخرى من جهة أخرى، هذا الإقدام السعودي ليس عداوة مع هادي وإنما الإستراتيجية السعودية ومن وراءها الغربية في اليمن، فما يراد هو بلد متشرذم متفكك، فيه للعداواة والخلافات مكانة قوية ومتينة.
ثانياً: تصريح الجبير ومن بعده سلمان بخصوص وفد انصار الله والعاري عن الصحة أيضاً يصب في نفس الخانة من المخطط السعودي لإحداث شرخ بين انصار الله وصالح من جهة واللعب على وتر بعض الاطراف اليمنية الاخرى التي وجدت في العدوان السعودي فرصة لها لإيجاد واقع سياسي قوي لها كهادي الذي فقد شرعيته الشعبية، ولذلك فإن الحديث السعودي عن وفد انصار الله على اراضيها يصب في خانة اللعب على وتر هذه الأطراف. طبعاً التوجهات السعودية الاخيرة هذه ومن وراءها الغرب تأتي بعد فشلهم في تحقيق نتائج ملموسة بقوة العدوان والسلاح.
ثالثاً: من الواضح أنه لم يعد بإمكان السعودية الإستمرار في عدوانها، وهي تبحث عن مخرج لها لا يضعها موقع المهزوم والمكسور من جهة ويحفظ شيئاً من أجندتها داخل اليمن من جهة اخرى، ولذلك فهي تهدف من خلال اجراءتها وتصريحاتها الاخيرة تحديد هوية المرحلة المقبلة واللاعبين فيها، ولأنها ترى أن انصار الله قوة لا يمكن تجاوزها بأي شكل من الاشكال باعتبارها باتت تشكل خياراً يمنياً شعبياً متجذرا، فهي تدرك أن الخيار لا بد أن يكون بالرضوخ آخر الأمر الى هذه القوة، خاصة وأن الضغوطات على السعودية أصبحت أكثر من أي وقت مضى بإيقاف عدوانها، وقد يكون من المرجح خيار الكويت كحل قد أصبح أكثر فعالية.
رابعاً: الهزائم التي منيت بها السعودية وبعد أن هبط سقف أهدافها الى الصفر تجد من طرح اخبار عن وجود وفد لأنصار الله على اراضيها للتفاوض وسيلة لرفع معنوياتها ومن سلك سلكها، وهي تريد الإيحاء بأن انصار الله قد رضخوا وأن موقع السعودي في اليمن متقدم. تجدر الإشارة في هذا الخصوص الى أن هناك تناقضاً واضحاً في الموقف السعودي، فمن جهة صرح سلمان الاب والجبير من قبله أن وفداً لأنصار الله في السعودية لمناقشة وقف العدوان على بلاده في حين صرح العسيري في وقت متزامن من أن لا تفاوض مع انصار الله أو صالح بأي شكل من الاشكال.