الوقت - لم يكن مستغرباً قيام سلمان السعودي بحشد الجهود لوصف حزب الله ارهابياً في اجتماع جامعة الدول العربية، فهناك تعارض كبير لا يقبل التلاقي بين توجهات سلمان وحركة المقاومة في لبنان التي وجهتها الرئيسية فلسطين، كقضية تمثل صراعاً بين حركة شعوب المنطقة وتطلعاتهم في مقابل المشروع الغربي الاستعماري الذي اختلق كياناً سماه "اسرائيل" ليحتل ارض فلسطين وتكون منطلقاً لتدمير ارادة شعوب المنطقة وحركة التطور والاستقرار فيها، هذا التعارض بلغ اوجه امام الحركة الاستكمالية المقاومة بوجه مشروع الجماعات الارهابية شبيهة الكيان الاسرائيلي في سوريا والعراق والتي فيها حزب الله عنصر بارز واساسي في مشروع التصدي.
تحرك سلمان السعودي وبالرغم من مالها النفطي الذي تضخه لتمرير مشاريعها بالإغداق به على رؤساء شعوب المنطقة إلا أنها فشلت في تمرير مشروعها على الجميع، فلبنان والعراق ومصر والجزائر وتونس وغيرها من الدول تجد في حزب الله انموذجاً اثبت نجاحه للتصدي للإرهاب وما يمت به من صلة، من هنا يأتي السؤال حول الاسباب التي دفعت بهذه الدول لطرح مشروعها متخطيةً مال النفط السعودي وكل الوسائل الاخرى المستخدمة في هذا المجال، في هذا السياق سنشير الى مجموعة من النقاط التي من شأنها الإضاءة حول هذا الموضوع.
أولاً: هناك اتفاق على انه لا يمكن الفصل بين حركات المقاومة سواء في لبنان متمثلاً بحزب الله أو في سوريا والعراق واليمن وغيرها وبين تطلعات الشعوب، فالمقاومة خرجت من رحم الشعوب ولهذا لا يمكن الفصل بينهما. في الجانب الآخر فإن الأنظمة الجديدة التي ولدتها تحركات الشعوب الأخيرة وإن لم تلبِّ كامل تطلعاتهم بأن الطريق الوحيد لتقوية موقعها وثباتها يكمن في السير وفق سياسة لا تخطى شعوبها وتحافظ على مطالبهم، هذه المطالب والتي ركيزتها خيار المقاومة والتصدي للمشروع التدميري الذي يقوده الغرب الإستعماري. هذا بكلّه ولّد سياسة مستقلة لهذه الحكومات عن الإعتبارات الشخصيّة والمصالح التي كانت سائدة فيما مضى من الحقبة الماضية، وهو ما يترجم موقف بعض الدول العربيّة الذي اعتبر أن من يصنف حزب الله ارهاباً فهو الإرهابي.
ثانياً: هناك مسعى حقيقي لدى الكثير من الدول العربية لترسيخ مفهوم الصراع العربي الاسرائيلي بإعتبار الكيان الاسرائيلي العدو الأول والأخير للمنطقة، هذا المسعى بدأ يشتد مع وجود مساعٍ مقابلة مشتركة تقوم بها بعض الدول العربية مع الكيان الاسرائيلي لطرح الأخير على أنها ليست عدواً في مقابل اختلاق اعداء غير واقعيين والترويج لذلك، وهذا ما قد نراه في الموجة الاعلامية التي تسعى لإظهار محور المقاومة والذي يعدّ حزب الله جزءاً منه هو العدو، وتخويف شعوب المنطقة من ايران والسعي لتجييش الشباب ضد سوريا وهكذا.
وما يفاقم من خطورة الامر هو المخطط خلال السنوات الأخيرة والذي بدأ يرتكز على اشعال حروب اهلية وتحريك النعرات المذهبية وهو ما نجد له أمثلة كثيرة في منطقتنا. كما وانكشاف بعض الأنظمة العربية مؤخراً بوضوح في علاقتها مع الكيان الاسرائيلي كالنظام السعودي والذي على ما يظهر لم يعد يخجل كما السابق في التجاهر بعلاقاته مع الكيان الاسرائيلي الذي يحتل الأراضي الفلسطينية، هذا كله هو ما يعزز أهمية الوقوف والتصدي للمشروع الذي يريد ضرب محور المقاومة.
ثالثاً: إضعاف حزب الله يعني تقوية الكيان الاسرائيلي والجماعات الإرهابية، وهو ما يعني انتشار الفوضى وانعدام الأمن، فحزب الله يعتبر جزءاً من معادلة حماية المنطقة من انجرارها الى حالة الفوضى، هذه الفوضى التي يسببها الكيان الاسرائيلي والجماعات الإرهابية أصبحت القلق الأساسي الذي يلازم شعوب المنطقة وبعض أنظمتها، ففي الجزائر وتونس الى مصر وغيرها من الدول التي تعاني من ظاهرة الإرهاب هذه، ولأن حزب الله جزء من المعادلة التي تتصدى للإرهاب، تظهر الحاجة للوقوف بوجه أي قرار من شأنه اضعافه ولو معنوياً أو حتى سياسياً، والجدير ذكره أن الأصوات في الجامعة العربية والتي ايدت القرار لا تعبر عن وجهة نظر الشعوب أبداً، فموجة الغضب الشعبية في هذه الدول على أنظمتها دليل واضح على ذلك.