الوقت- مند اغتصاب فلسطين واقامة الدولة العبرية في العام 1948على قسم من الاراضي الفلسطينية , يتبنى الكيان الصهيوني برنامجا نوويا من اجل امتلاك سلاح استراتيجي كاسر, يحقق من خلاله ردعا بوجه الدول العربية التي تتفوق عليه عددا ومقدرات.
تشير الدراسات , ان الكيان العدو الصهيوني باشر العمل ببناء اول مفاعل نووي في صحراء النقب, جنوبي فلسطين عام 1949 وبمساعدة خبراء فرنسيين بايعاز من الحكومة الفرنسية, الا انه لم يظهر الى العلن الا عام 1958 حيث قدم الكيان الصهيوني ردا على تساؤلات راجت في المنطقة , بأن الهدف من إنشائه كان توفير الطاقة لمنشآت تعمل على إستصلاح منطقة النقب، الجزء الصحراوي من فلسطين المحتلة وقد بدء المفاعل عمليا بالعمل سنة1964.
تحيط بالمفاعل النووي أشجار عالية ونباتات كثيفة للتمويه. وأقيمت حول الموقع أسلاك كهربائية وطرق لدوريات الحراسة. وتقوم الجرافات بتمهيد التربة يوميا لتسهيل اقتفاء آثار الزوار الغير المرغوب بهم. كما نصبت بطاريات مضادات جوية حول المكان لإسقاط كل جسم طائر يظهر على شاشة الرادار.
محطات زمنية مهمة من تاريخ نشوء معمل " ديمونا ":
يعتبر مفاعل ديمونا المحرك الرئيسي لحرب 1967 بسبب امتلاك مصر اسلحة استراتيجية اعتبرتها اسرائيل تهديدا استراتيجيا للامن القومي الصهيوني , المتمثل بقدرة هذه الاسلحة على تدمير مفاعل ديمونا , الذي كانت تعتبره مصر خطرا على الامن القومي المصري لما يمثله من خطر على البيئة في سيناء القربية منه .
عام 1986 ظهر عبر الصحف, لاول مرة صدر كلام من موردخاي فعنونو , التقني العامل في المفاعل يحكي بعض أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي و الذي يعتقد أن له علاقة بصنع رؤوس نووية ووضعها فى صواريخ بالستية او طائرات حربية أو حتى في غواصات نووية موجودة في ميناء حيفا.
وهكذا و بعد أكثر من 40 عاماً على بداية العمل في المفاعل, بدأ الحديث عن مخاطر تتعلق بسلامة المفاعل وانعكاسها على أمن المناطق المجاورة، هذه المخاطر لم تكن لتقلق الحكومة الإسرائيلية لأن معظم المناطق المحيطة هي مناطق يقطنها بدو عرب.
كانت اسرائيل تستورد المواد الاولية ( اليورانيم ) لتشغيل المفاعل من جنوب أفريقيا ومن النيجر والغابون وجمهورية أفريقيا الوسطى والأرجنتين لأن هذه المادة غير متوفرة في الصحراء حيث المعمل بشكل كاف .
ويذكر أن إنتاج البلوتونيوم هو من اخطر العمليات في العالم. إذ تشير التقديرات ان إنتاج كل كيلو غرام واحد من البلوتونيوم ينتج أيضا 11 ليترا سائل سام ومشع لم يتمكن أحد حتى الآن من شل فاعليته. ومع ذلك ورغم مشاكل ديمونة وقيام قسم من الفنيين برفع دعاوى ضد الحكومة جراء أمراض لحقت بهم لم يتم تحسين الوضع في المفاعل.
الخطر الحقيقي الآخر هو التجارب النووية التي تنفذ في مفاعل ديمونة الإسرائيلي. فإسرائيل، التي تنكر امتلاك الأسلحة النووية ، قامت بتنفيذ مثل هذه التجارب بتمويل وخبرات أمريكية. وفي مقابلة مع الدكتور يوسف أبو صفية وزير البيئة الفلسطيني , أشار أن هناك اعتقاد بين الفلسطينيين بأنّ هزّات الأرض المتقطعة التي تحدث في مناطقهم سببها الانفجارات النووية التي تحدث داخل المفاعل، وفي المناطق القريبة منه. فمثل هذه الاختبارات في البلدان الأخرى، تنفّذ عادة في المناطق البعيدة والغير المسكونة، لكن مساحة فلسطين المحتلّة صغيرة جدا لتطبيق مثل هذه التجارب.
وكذلك الأخطر ايضا, هو التخلص من النفايات النووية بطرق عشوائية, فالمعلومات المتوفرة عن أماكن دفنها لا تستبعد أن تتخلص إسرائيل منها في الأراضي الفلسطينية أو في البحر حيث كشفت عدة محاولات لها للتخلص من المواد الخطرة عن طريق دفنها هناك
احتمالات لكارثة نووية تعيش في قلب العالم العربي:
يجمع الخبراء , على ان مفاعل ديمونة في صحراء النقب قد استهلك وبات قديماً وأصبح يشكل خطرا على الدول المجاورة وحتى إسرائيل نفسها، وهناك مخاوف جدية اليوم , من أن تقوم إسرائيل بدفن نفاياتها في البحر الأبيض المتوسط، وهو الأمر الذي يهدد شواطئ مصر وسوريا ولبنان.
كل هذا واحتمالات تعرض مفاعل ديمونة لكارثة نووية تؤكده كل التوقعات العالمية، وتشير دراسات اكاديمية اوروبية متخصصة أن المفاعل قد انتهى عمره الافتراضي ويشكل استمراره خطرا حقيقيا. والكارثة ان هذا المفاعل المتهالك يقترب تأثيره من الضفة الغربية وقطاع غزة ويقترب من الحدود الأردنية والحدود المصرية، واتجاه الرياح في هذه المناطق بنسبة 90% هو غربي، وهذا يعني إن الكارثة لو وقعت وانهار المفاعل فإن الرياح سوف تنقل الجسيمات النووية بشكل مباشر الى الدول المجاورة.
ان القلق لا يساور الاشخاص والدول التي سوف تتعرض مباشرة للاشعاع فقط، بل يجب أن يقلق الجميع. اللجنة العربية المعنية بمتابعة النشاط النووي الإسرائيلي المخالف لمعاهدة عدم الانتشار النووي , المنبثقة من مجلس وزراء الخارجية العرب , كلفت الهيئة العربية للطاقة النووية وضع دراسة في شأن الاستعدادات الموجودة حالياً في الدول العربية لمواجهة مثل هذه الحوادث.
ورداً على سؤال عن الإمكانات المتوافرة لدى الدول العربية للتعامل مع المخاطر المحتملة, قال: "الإمكانات الفنية متوافرة لكن هناك اليوم تقييداً لحركة العلماء العرب الذين يريدون الاستزادة من التدريبات والعلوم النووية في الخارج , وهناك بعض المضايقات وعلينا أن نسد هذا الفراغ , وإذا لم يسع العرب إلى تعليم أنفسهم فلن يعلمنا أحد في المستقبل , ولذلك فإن دور الهيئة دور تنسيقي مهم لوضع المعلومات وعلوم التطبيقات السلمية للطاقة الذرية بين أيدي الدارسين العرب".
ونفى وجود أي سلاح نووي في أي دولة عربية وقال: " نحن لا نتعاطى مع موضوع امتلاك السلاح النووي ولا توجد أي دولة عربية تمتلك سلاحا من هذا النوع".
الباحث الإسرائيلي افنر فينغوش من جامعة بنغوريون أكد من خلال بحث نشر في "إسرائيل" أن النشاط الإشعاعي ناجم عن وجود مواد مشعة مثل اليورانيوم وغاز الرادون , وأكد أنها ظاهرة تشمل الأردن وشبه جزيرة سيناء وقال "وجدنا كثافة أكثر بعشر مرات من المعدلات الطبيعية في طبقات المياه الجوفية من الراديوم".
أيضاً الخبير النووي الإسرائيلي موردخاي فعنونو كان قد دعا الأردن إلى إجراء فحوص طبية لسكانه المقيمين في المناطق القريبة من الحدود مع "إسرائيل" لمعرفة مدى تأثرهم بالإشعاعات وتوزيع الأدوية الضرورية لهم , كما فعلت إسرائيل مع سكانها المقيمين قرب مفاعل ديمونا حيث وزعت أقراصا وقائية من الإشعاع النووي سميت بـ"اللوغول".
وفي مقال انتشر في مجلة "بوليتين أوف ذي أتوميك سيينتيست" الأمريكية مطلع العام الحالي، أشار الخبيران هانس كريستانسن وروبرت نوريس الى أن إسرائيل تملك نحو 80 رأس صاروخ نووي وفقا لتقرير إستخباراتي سري للبنتاغون الأمريكي، الا أنهما أشارا أنه رغم أن إسرائيل أوقفت إنتاج الأسلحة النووية قبل تسع أعوام، الا أنه بقدرتها إنتاج 115 حتى 190 قنبلة نووية ورأس صاروخ نووي حربي. بينما قال الخبيران أن الهند تملك 110 قنبلة نووية والباكستان نحو 120.
سابقة اسرائيلية:
في تصريح غير مسبوق لمسؤول إسرائيلي وأثناء "مؤتمر حيفا الدولي من أجل شرق أوسط خال من سلاح الدمار الشامل " ، قال رئيس الكنيست السابق أفراهام بورغ المشارك الفعال في اقامة المؤتمر , " إن لإسرائيل سلاحا نوويا وكيميائيا، ومن الواجب إجراء نقاش عام مفتوح وشجاع حوله."
وأضاف أن "المخزون النووي الإسرائيلي بات عبئاً سياسياً وخطرا على المدى البعيد، وكفى لسياسة الضبابية فهي متقادمة وصبيانية". وأوضح بورغ ردا على سؤال للجزيرة نت أن "سياسة الضبابية" التي انتهجتها إسرائيل حتى اليوم لم تعد تحفظ لها امتيازا أو تمنع دولا أخرى من حيازة السلاح النووي.
الواقع الحالي للسلاح النووي الاسرائيلي:
وسط هذا الضجيج الخجول حول معمل ديمونا , وما يحمله من خطر كبير جدا يعيش في قلب العالم العربي , يبقى مفاعل ديمونا ضمن اطار الخدمة الفعلية , حيث تدير اسرائيل اذنها لكل ما يقال وتضرب بعرض الحائط كل الهواجس , وتهمل كل المخاوف والمساعي الدولية التي تؤكد خطورة وضبابية برنامج اسرائيل النووي.
بقيت اسرائيل حتى اليوم , تلتزم السرية المطبقة حول برنامجها النووي العسكري , وتمنع أي جهة من التعرف على حقيقة هذا البرنامج , في ظل صمت عربي خرج بعض من صداه الى الملأ مؤخرا عبر مؤتمر الأردن الذي تناول المشروع النووي الاسرائيلي ودعى الى منطقة خالية من السلاح النووي , وأشار الى مخاطر مفاعل ديمونا الاسرائيلي.
وقائع هذا المؤتمر وردود الفعل العربية والدولية موضع سنعالجه في مقال منفصل , حول مستجدات الملفات النووية في المنطقة بالتزامن مع حديث حول توافق ممكن بين ايران والمجتمع الدولي حول البرنامج النووي الايراني السلمي.