الوقت- في سياق تعزيز قدرات الردع، أجرت ايران خلال الأيام القليلة الماضية تجارب على صواريخ باليستيه بمدى 1400 كلم تقريباً، هذه التجربة والتي أطلق عليها "اقتدار الولاية" جرت بإطلاق الصواريخ من منصة تحت الأرض بإشراف الحرس الثوري والقوة الجو فضائية. على المقلب الآخر طلبت امريكا اجراء مشاورات في مجلس الأمن بشأن التجارب الصاروخيّة والتي عُقِدت وقد جاء الطلب على لسان السفيرة الامريكية لدى الأمم المتحدة، فيما ذهبت الكثير من الأصوات لتضع التجارب في موقع المخل بالإتفاق النووي والمثير للقلق كما كرر وزير الخارجيّة الامريكيّة خلال اجتماع مجلس الامن الإدعاءات السابقة بخصوص ايران، فيما اعتبر محللون آخرون ان لا ترابط بين التجارب الصاروخية وتعزيز القدرات الدفاعية والملف النووي، في هذا السياق سنحاول تسليط الضوء على المسألة في مجموعة نقاط.
اولاً: منذ الإتفاق النووي وتحاول امريكا بين الحين والآخر استخدام سياسة توحي انها في حالة ترقب وحذر من أن يخل الطرف الإيراني بالإتفاق، وأنها تقود بدور المراقب لذلك، هذه السياسة مردها إلى الوضوح لدى جميع الأطراف وبالخصوص ايران أن امريكا هي التي عادة ما تخل بالإتفاقات والوعود، وقد اشار قائد الثورة الإسلامية مراراً وتكراراً إلى ضرورة الحذر والترقب من ان يخل الطرف الأمريكي بشروط الإتفاق. اذاً تكرار الطرف الأمريكي ما بعد الإتفاق لنفس السيناريو الذي كان مستخدم ما قبل الإتفاق بخصوص ايران وبرامجها هو سياسي محض لا واقعية له على الأرض.
ثانياً: الإتفاق النووي جاء نصراً للدبلوماسية الإيرانيّة التي لطالما أوضحت سلميّة برامجها وهو ما كان يؤكده مفتشي الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة وبالتالي تكذيب كل الإدعاءات والسيناريوهات التي كانت تحاك ضد ايران، ولذلك تحاول أمريكا ما بعد الإتفاق الضغط على الجانب الإيراني للتقليل من أهمية النصر الدبلوماسي. كما أنه يأتي في سياق الإستمرار بإثارة المخاوف من ايران لما يخدم مشروعها في المنطقة وتقليب الرضا العام العربي بهذا الخصوص.
ثالثاً: لا يمكن لإيران غض الطرف عن الإجراءات التي ترسي دعائم امنها في الوقت الذي يتواجد فيه الأعداء من حولها، خاصة مع وجود تهديدات مباشرة ومستمرة لايران، وبالتالي فإن التقدم العلمي والإنجازات العسكريّة البحرية والجوية والبرية لا شك بأنه كفيل بتحقيق الرادع وتعزيز القوة أمام أي تهديد، هذا وانفاق ايران على المعدات الدفاعيّة بسيط جداً مقارنة مع الدول الآخرى، كما أن التجارب الصاروخيّة تأتي في سياق التهديدات الإسرائيليّة المتواصلة بضرب مواقع إيران النووية حتى بعد توقيع الاتفاق النووي الدولي معها.
رابعاً: تداول مسألة التجربة الصاروخيّة الإيرانيّة يخالف بشكل أو بآخر سياق الإتفاق النووي الدولي، فالإتفاق بخصوص الصواريخ يشير إلى ما يمكن حمل رؤوس نوويّة فيما التجربة الأخيرة خارج هذا النطاق وعليه فبحثه في مجلس الأمن في غير محله، ولذلك فإن استمرار ايران في تطوير قدراتها الدفاعية لا علاقة له بالسلاح النووي، فإيران من منظورها الإنساني والشرعي الديني تحظر امتلاك الأسلحة النوويّة. من هذا المنطلق فالإدانة لا بد أن تكون لإنعقاد مجلس الأمن.