الوقت- انطلاقا من نواياها المشؤومة في تقسيم العراق كانت امريكا تسعى دوما الى تشكيل قوات عسكرية موالية لها في هذا البلد وقد تم مؤخرا طرح تشكيل جيش سني مؤلف من 100 الف شخص في محافظات الأنبار ونينوا وصلاح الدين بدعم امريكي لمواجهة تنظيم داعش الارهابي وحماية هذه المناطق بعد دحر داعش، لكن ما هي الاهداف الأمريكية من وراء ذلك وكيف ستكون مجريات الامور؟
لقيت امريكا الخيبة في العراق حينما واجهت خططها لايجاد حكومة موالية لها في هذا البلد الفشل بفعل يقظة المرجعية الدينية، ولم تنجح الخطة الامريكية لابقاء حاكم عسكري امريكي في العراق حينما أفشل الشيعة هذا المخطط واصروا على خروج الاحتلال والآن تفتقد أمريكا لأداة عسكرية طيعة لها في الشرق الاوسط ومن جهة أخرى لاتريد ارسال الجيوش للمنطقة ولذلك توجهت واشنطن الى تشكيل جيش سني في العراق.
ان تشکیل التحالف الدولي ضد تنظيم داعش يجعل قسما من جيوش كل البلدان المشاركة في التحالف تحت الإمرة الامريكية، لكن الواقع في العراق هو غير هذا وهناك فراغ بالنسبة لامريكا في العراق، ولذلك تسعى امريكا الى تشكيل جيش سني، ومن جهة اخرى تعتبر امريكا ان وجود قوات موالية لها في شمالي العراق وشمالي سوريا سيؤدي الى تنفيذ سياسات امريكا من 3 مجالات هي السياسات النفطية وسياسة الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وسياسة مواجهة محور المقاومة والممانعة.
وتأتي المحاولة الامريكية هذه وسط تذمر شيعي وكردي في العراق من الأفعال الامريكية وكراهية لسياسات امريكا التقسيمية في العراق والتي تريد اضعاف هذا البلد، وكان الأكراد يظنون في البداية ان تقسيم العراق هو لصالحهم لكنهم حينما رأوا سعي امريكا لتشكيل جيش سني في العراق عرفوا ان واشنطن تريد تشكيل قوة منافسة لهم في العراق, اما سنة العراق فهم منقسمون حيال تشكيل هذا الجيش ويعتقد قسم كبير منهم ان تشكيل هذا الجيش يهدف الى تقسيم سنة العراق وايجاد خلافات بينهم .
وفیما یتعلق بردود الفعل الاقليمية فهناك دول مثل السعودية والاردن وهي متحالفة مع امريكا ولا تمانع في تشكيل جيش سني في العراق لكن الرأي العام في المنطقة ورأي النخب والاعلام هو غير هذا وهؤلاء يعتقدون بان التحركات الامريكية تنفع الكيان الصهيوني وليس دول المنطقة.
وفيما يتعلق بالدعم المالي لهذا الجيش السني الذي يراد تشكيله في العراق فان الخطة الأمريكية هي الاستفادة من الثروات النفطية العراقیة وفي الحقيقة ستجعل امريكا العراقيين يدفعون ثمن العمليات العسكرية الامريكية بأنفسهم كما يفعل الفرنسيون في افريقيا، لكن من الطبيعي ان القوات التي يتم تشكيلها بحضور المستشارين الامريكيين لايمكنها ان تعمل من اجل مصلحة العراق ولن تكون هناك علاقة ودية بين الشعب العراقي وبين الجيش الذي تبنيه امريكا وهكذا سوف لن يصبح هذا الجيش جيشا وطنيا.
ان اي جیش في اي بلد من بلدان العالم یجب ان یکون فوق الاعتبارات الطائفية والمذهبية والقومية كما هو الحال في كل العالم ولايمكن تشكيل جيش داخل اي دولة من دول العالم من قومية او مذهب ما وهذا يخالف الاعراف الدولية.
ان بناء جيش سني مؤلف من 100 الف عسكري سوف لن يتم اعتباره من قبل الشيعة والاكراد بأنه جيش وطني بل سيتم النظر اليه وكأنه جيش يقسم العراق وهكذا يبدو ان الامريكيين يعملون علنا ضد المصالح الوطنية للعراقيين .
وتشیر التقاریر الواردة من العراق ان الأمريكيين لم يستطيعوا استقطاب اكثر من عشرة آلاف شخص من اجل تشكيل هذا الجيش وان عدد الـ 100 مئة الف عسكري سني يبدو ضربا من الخيال ومن المتوقع ان يلقى هذ الجيش المصير نفسه الذي لقيه جيش الاحتلال الامريكي كما سينقلب قسم كبير من هذا الجيش على الامريكيين انفسهم.