الوقت – 16 ألف كيلومتر... هذه هي المسافة التي قطعتها المغامرة والمستكشفة السويسرية "سارة ماركيز" في رحلة دامت ثلاث سنوات عبرت فيها قارة آسيا من سيبيريا وصولاً إلى أستراليا.
وإستغرقت رحلة "سارة" ألف يوم قضّتها بمفردها مع كلبها "دجو" الذي رافقها في هذه المسيرة الطويلة التي واجهت خلالها الكثير من التجارب إبتداءاً من تعرضها للتحرش من قبل مجموعة من المنغوليين، وتهديدها من قبل مهربي مخدرات في دولة "لاوس"، وصولاً إلى التنكر بزي رجل لحماية نفسها. وبعد إتمام رحلتها المثيرة توجتها قناة "ناشيونال جيوغرافيك" الوثائقية بلقب "مغامرة العالم" للعام 2014.
سارة تضع علامات على الخريطة قبل الإنطلاق إستعداداً للرحلة
واليكم قصة هذه المرأة كما أوردتها شبكة "السي أن أن" الأمريكية:
"سارة ماركيز"، الرحالة التي أبهرت العالم برحلتها سيراً، لتسافر من سيبيريا إلى أستراليا أي عبر قارتين، و 6 دول، بثمانية أزواج من الأحذية الطويلة، حيث إستغرقت الرحلة حوالي 1000 يوم أي ما يقرب من ثلاث سنوات.
وذكرت وكالة "السي أن أن" إن سارة قطعت ما يقرب من 10 آلاف ميل، تجرعت فيها 3 آلاف كوب من الشاي، وقامت بالرحلة وحدها، سيراً على الأقدام.
سارة تجرعت 3 آلاف كوب من الشاي طيلة 3 سنوات "مدة الرحلة"
ولدت سارة ماركيز "43 عاما" في قرية صغيرة بشمال سويسرا، في أعالي جبال "الجورا" السويسرية، حيث قضت معظم طفولتها تجري في أنحاء القرية الريفية. وتقول سارة عن تلك الفترة من حياتها إنها نشأت غريبة وقضت معظم طفولتها في تسلق الأشجار ومشاهدة الطيور، وهربت ذات مرة مع كلبها وقضت الليل في كهف.
وأشارت إلى أن المغامرة كانت في روحها منذ الصغر، وتروي أمها لها بأنها كانت تجد صعوبة في العثور عليها في المكان الذي تتركها فيه.
وتعلمت "سارة" أول مهنة لها عندما كانت في سن السابعة وهي مهنة الصيد، فقد كانت مكلفة من أسرتها فى صيد الرخويات من الأنهار بعد شراء الخضار.
وعن رحلتها الصعبة ذكرت سارة إنّ هذه الرحلة كانت حلماً يراودها منذ الصغر، وكأن شيئاً ما كان يناديها من الداخل، ولطالما أرادت إدراك الطبيعة و ما يدور فيها، وهذا ما دفعها للشروع بتلك الرحلة. و هو ما قامت به بالفعل، وبشكل عميق.
وأوضحت "سارة" إنها خططت لهذه الرحلة طوال عامين، من سيبيريا إلى سهل نولاربور في جنوب أستراليا، للتأكد قدر الإمكان أنها سوف تسير على ما يرام، واعتمدت خطة على إكتساب الكثير من الوزن لبناء قوة في العقل والجسم، حيث يعتبر الوزن هنا بمثابة صمّام أمان.
وأضافت: كانت الأشهر الستة الأولى من الرحلة هي الأصعب، إذ كانت أصوات عائلتها وأصدقائها تدور في رأسها طيلة تلك المدة، ولكن بمجرد البدء بالمشي كان يتوقف لديها الشعور بالوحدة، خصوصاً عندما تقترب أكثر من الطبيعة وتحس بأن هناك شيء مذهل يحدث على مقربة منها وهي تتواصل مع مفاجآت الطبيعة، وفي تلك اللحظات يبدأ عندها عدم الإكتراث بحدوث الأشياء التي ليست جزءاً من الخطة الأصلية الخاصة بالرحلة.
وعن الصعوبات التي واجهتها خلال الرحلة أشارت سارة الى أنها تعرضت في إحدى المرات وفي منتصف الليل لهجوم من قبل عصابة لتهريب المخدرات في غابات "لاوس" قبل أن يتم إعتقالها على يد القوات الخاصة في الصين، مشيرة الى أنها كانت تتمنى لو كان لها عضلات كالرجال في تلك الأوقات.
وتتذكر هذه المُغامِرة بعض ما جرى لها في الرحلة بالقول: إضطررت لإخفاء نفسي كرجل في بعض البلدان التي تفتقر لحقوق المرأة، حيث لا توجد نساء مغامِرات"، مشيرة الى أنها فخورة بأن تكون بمثابة تذكير لجميع النساء في هذا المجال في كافة أنحاء العالم.
وقالت هذه المستكشفة المقدامة إنها إختبرت نحو ثلاثة أشهر من الموت جوعاً أثناء التجول في بؤر ساخنة حول العالم، وصارعت هذيان الحمّى في غابات "لاوس" والحياة البريّة الإستوائية المميتة.
كما واجهت صعوبات لا حصر لها في هذه الرحلة التي كانت تقطع خلالها أكثر من 30 كيلو متراً يومياً إبتداءً من شروق الشمس، إذ تقول: "أتذكر تلك اللحظة التي أحاط فيها بخيمتي خمسة ذئاب ". وذكرت إنها كانت تشعر خلال الرحلة بأنها باتت تعرف كل سحلية وحجر، وتمتعت بالصحراء الغوبية جنوب مغولستان، وتفاجأت كذلك بأن هناك نمور ثلجية ودببة بيضاء على حد سواء، وكان هذا رائعاً".
ولم تكن العودة مريحة لسارة، حيث إستغرقت منها حوالي ثلاثة أشهر للتكيف من جديد. وتقول في هذا الصدد: "كان لدي شعور غريب تجاه المياه التي تخرج من الصنبور، كما إنه من الغريب رؤية مقهى في الزاوية المجاورة، ولكن بعد أيام قليلة من ذلك، شعرت بأن هناك نداء في داخلي بأنني أريد أن أذهب برحلة جديدة مرة أخرى، كما كان الجزء الأصعب بالنسبة لها حول تلك المغامرة برمتها هو عندما جلست للكتابة عن تجربتها، إذ ألفت أربعة أجزاء عن تلك الرحلة.
سارة تعبر الصحراء الغوبية " 30 درجة تحت الصفر"، ولم تكن تعلم هل ستنجو أم لا