الوقت- انتفاضة القدس لن تهدئ إلا بتحرير فلسطين، هي الرسالة الأبرز التي تضمنتها العمليات الإستشهادية الثلاث الأخيرة في تل أبيب والقدس و يافا من الاراضي الفلسطينية المحتلة، فقد قُتل مستوطن اسرائيلي وجرح 17 آخرين فيها، هذه العمليات انطلقت على التوالي بعد أن اقدمت قوات الكيان المحتل على اطلاق النار بوجه السيدة المقدسية "فدوى أبو طير" اثناء توجهها إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة، ففي مستوطنة بيت حتكفا التي أقيمت بالقرب من مدينة تل أبيب استشهد "عبد الرحمن" الشاب الفلسطيني البالغ من العمر 18 عاماً بعد أن نفذ عمليته وأصاب مستوطن بجراح بليغة، ليتبعها بعشر دقائق وفي مدينة القدس المحتلة في شارع صلاح الدين الفلسطيني الذي أطلاق النار على قوات الإحتلال فجرحى أثنين منهم وصفت جراح أحدهم بالخطيرة جداً فيما وصفت جراح الآخر بالمتوسطة، هذا بالإستناد إلى ما اعترف به جيش العدو الإسرائيلي الذي حظر نشر المعلومات المتعلقة بالعملية، وأغلق مداخل البلدة القديمة من القدس وقام باقتحام شركة الكهرباء ومصادرة كاميرات المراقبة الخاصة بها.
العملية الثالثة جاءت بعد الثانية بقليل حيث استشهد مواطن فلسطيني في مدينة يافا المحتلة بعد تنفيذه العملية بالقرب من باب ساحة المدينة ومنطقة الميناء، وقد أسفرت العملية عن قتل مستوطن وجرح 13 آخرين وصفت العديد منها بالخطرة. على صعيد آخر فقد اعترف الکیان الاسرائیلي بمقتل ضابط في ما يُسمى جهاز الأمن العام الشاباك خلال نشاط عدواني بالقرب من غزة. هذه العمليات وغلافها الأعم انتفاضة القدس تحمل رسائل في غاية الأهمية وهو ما سنتناوله بإيجاز.
البوصلة فلسطين والقدس عاصمة المسلمين... المقاومة ليست ارهاباً
في الوقت الذي نشهد فيه تتالي الإجتماعات التي تعقدها الأنظمة العربية الحاكمة لإصدار قرارات بإعتبار المقاومة في لبنان ارهاباً ومع التوجه لإدراج المقاومة الفلسطينية في العنوان نفسه، ومع تزايد التحالفات لهذه الأنظمة في سياق الإعتداء السعودي الإماراتي الغربي على الشعب اليمني المظلوم، وبزخ الأموال للتفرقة بين المسلمين من خلال دعم جماعات الفكر الوهابي التدميري في العراق وسوريا، وحياكة المؤامرات ضد الشعب الفلسطيني بمخططات اعلامية لجعل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي والتخاذل أمراً واقعاً مقبولاً، والتي كان آخرها لقاءات سعودية اسرائيلية، والعمل في التوجه الإعلامي لتحريض الشعوب على محور المقاومة والممانعة الممتد من فلسطين ولبنان إلى سوريا والعراق واليمن وايران، فإن رسالة الشعب الفلسطيني إلى هذه الأنظمة العربية الحاكمة في هذا الوقت بالتحديد أن البوصلة هي فلسطين، وكفاكم تآمراً على المسلمين وتخاذلاً وتفاوضاً على حقوقهم، وهي دعوة لهذه الأنظمة بالكف عن بذل الجهود لتجريم عمل المقاومة كما حصل مؤخراً بخصوص لبنان، فالرسالة أن خيار المقاومة هو الكفيل بتحرير الأرض وإعادة الكرامة والعزة للشعوب.
الإنتفاضة حتى تحرير الأرض... لا موانع وعوائق... المقاومة تتحدى الإحتلال في مراكز تجمعاتهم
هذه العمليات الثلاث وما سبقها دلالة واضحة أن كل الإجراءات التي تنتهجها سلطات الإحتلال من اعتقال وقتل و زج النساء والشبان وحتى الأطفال منهم في السجون لن تطفئ وهج الإنتفاضة بل ستشعلها حتى استعادة الأرض، فالعمليّة الإستشهادية في باب العامود بيّنت الإرادة الفلسطينيّة القادرة على تجاوز كل المعوقات وعناصر جيش الإحتلال وشرطته التي تلّف المكان دائماً، لتعطي الرسالة أن الشعب الفلسطيني المقاوم قادر على تحدّي الإحتلال والوصول إلى جنوده حتى في مراكز تجمعاتهم.
كما أن الدلالة والرسالة للسلطات الفلسطينيّة في الضفة والتي تعاون الإحتلال على منع وصول المعونات والسلاح للمقاومة هناك من أن الشعب سيتخذ من السكين بدلاً، وسيحرز النتائج الكفيلة بتحقيق الهدف، فالعمليّة الإستشهاديّة في القدس وفي غرب رام الله تجاوزت المعوقات والتشديدات الأمنيّة المفروضة. كما أن الرسالة الأخرى من هذه العمليات الإستشهاديّة الثلاث هو تزامنها مع مرور الذكرى السنويّة الأولى لإستشهاد الطفل الرضيع الذي أحرق على يد قوات الإحتلال ومستوطنيه في القدس المحتلة.
الشعب كله مقاومة بالسلاح والسكين
اجراءات المحتل الإسرائيلي والتي حوّلت السكين خياراً جديداً، جعل كل فلسطيني بإمكانه أن يحقق عملاً بطولياً مقاوماً دون الحاجة إلى وسائل متطورة أو تدريبات عالية المستوى، فالشبان في طليعة العمر أو تقدّمهم شهداء والنساء شابات ومتزوجات وعجائز أيضاً شهداء، إذن الشعب الفلسطيني كله تحوّل مقاومة وهو ما نلحظه في العمليات الثلاث، فمنها ما نُفذ بالسكين ومنها ما نُفذ بالسلاح والمنفذين تفاوتوا في الأعمار.
تجدر الإشارة إلى أن العمليات الثلاث تزامنة مع وصول "بايدن" نائب الرئيس الأمريكي قادماً من الإمارات، وهي رسالة مزدوجة للإمارات من جهة وتسليط الضوء على تخاذلها وإقامة العلاقات مع الكيان الإسرائيلي المحتل و رسالة إلى الغطاء الامريكي الشريك الأكبر لكل جرائم الإحتلال. فيما حركات المقاومة الفلسطينية باركت للشعب الفلسطيني والأمة المقاومة وحَمَلَة القضية الفلسطينية هذا النصر البطولي للقضية والأرض.