الوقت- في العام 1856 ومن بعدها في العام 1908 م، خرجت تظاهرة نسائية في نيويورك حملت شعار المطالبة بتخفيض ساعات العمل ومنح النساء حقوقها السياسية وبالخصوص الحق في الإنتخاب، ليأتي 8 من مارس في العام 1908 ويطلق كيوم للمرأة، ومع أن كثيراً من الدول اتخذت من هذا اليوم عيداً إلا أن المطالب النسائية لا زالت موجودة بل تزايدت من حينها إلى يومنا هذا، بل أن واقع العالم المضطرب الذي وصلنا إليه يطرح قضية المرأة بقوة مع إعتبارها العنصر المؤثر والمؤسس والحيوي في بناء المجتمع ومواجهة التحديات فيه، هذا الأمر يقودنا إلى التساؤل بجديّة عن حقوق المرأة ومطالبها الفعليّة وهل أن اليوم العالمي للمرأة والتطبيق الفعلي جاء ليكرس حقوقها فعلاً أم ان النتائج مغايرة لذلك.
يوم المرأة العالمي: المرأة وصناعة المجتمع
حينما نتحدث عن دور المرأة وضرورة مساواتها في المجتمع فنحن لا شك بالدرجة الأولى نسلّط الضوء على دور المرأة في صناعة الأجيال، وتنميته وفق أصول سليمة تضمن صيانة المجتمع من الإنزلاقات والإنحرافات، هذا الدور للمرأة لا بد أن يكون العمدة الأساس في يوم المرأة العالمي، أهمية هذا الدور يُكتسب ليس من أهميته وذاته فقط بل من المخططات العالمية وبالخصوص الغربيّة التي تحاك وتدار لضرب المجتمع من هذه البوابة، فهناك أدوات تستخدم سواء الإعلامية منها وغيرها في هذا المجال وتُلمّع بعناوين براقة وخادعة كالحرية في اللباس على سبيل المثال، ويراد أن يختذل دور المرأة في هذا الخصوص كما ودورها في بناء العلم وتطويره وتحويل الدور إلى أداة تجارية استهلاكية لصناعة المال والثروات. لذلك فالحاجة اليوم قوية جداً للتأسيس ليوم عالمي للمرأة يكون عنوانه أيضاً صيانة المرأة والمجتمع والتركيز على دورها الريادي والكبير سواء في تطوير العلم أو بناء المجتمع، وتجريم أي وسيلة وجهة تهدف إلى تدمير هذه الخصوصة والدور الذي تحتله المرأة، ومعاقبة وملاحقة أي مخطط يهدف إلى التعدي على كيانها ودورها والتصدي له.
في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن الرؤية الخاطئة لدى الغرب والتي قوامها المادية الجانب وتعميمها على المرأة هي التي جعلت من المرأة عنصراً مضطهداً في دولهم، وجعل منها أداة نفعية اقتصادية وحوّلها إلى وسيلة متحجرة عن التفكير والعطاء والتقديم للمجتمع. ولذلك فالحاجة أيضاً اليوم إلى انشاء مراكز ابحاث تُعنى بقضية المرأة لبحث الكيفية التي يمكن الإستفادة فيها من طاقاتها الهائلة، وسن آلية تحول دون التعدي عليها لإعتبارات التركيبة والتكوينة البيولوجية لها.
الأسيرات والشهيدات الفلسطينيات: انطلاقة ليوم عالمي للمرأة
كما أسلفنا سابقاً بأن يوم المرأة جاء نتيجة سلسلة تظاهرات في نيويورك للمطالبة بحق الإنتخاب والمساواة وحق المشاركة السياسية وغيرها، فيما نرى أن حقوق المرأة التي يتغنّى بها المجتمع الدولي ما هي إلا مجرد شعارات لا واقع لها، فإذا كانت القضية نسائية فنحن نرى معاناة المرأة الفلسطينية نتيجة الإحتلال الإسرائيلي وممارساته وجرائمه بحقها وبحق كل الشعب الفلسطيني، والقتل والإعتداء، في مقابل ذلك لا نسمع الأصوات الغربية التي تشيد بيوم المرأة وتدعوا لحقوقها، ولا نرى أي ضغوط واعتراض دولي حيال النسبة المرتفعة من اعداد النسوة الشهيدات في كل عدوان سواء في فلسطين أو اليمن وغيرهما. فعلى سبيل المثال ارتفعت نسبة الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيليّة إلى الضعفين مؤخراً، ويكاد لا يمرّ يوماً إلى ويعتقل فيه العديد من النساء الفلسطينيات ويقتل منهم.
اذا كانت الحاجة ليوم عالمي للمرأة فلا بدّ أن تكون انطلاقته من معانات الأسيرات الفلسطينيات المحتلة أرضهم، هذه المرأة التي تشارك الرجل في نضاله وجهاده ضد المحتل الإسرائيلي، وهي التي تقدم الآلام والمعانات والتضحيات من أجل استعادة الأرض والكرامة وحقوق شعبها وحريته، أمام هذه المعاناة لا بد من توجه عالمي تكون فيه مجتمعات حقوق الإنسان مسؤولة للدعوة والتوجه نحو اعلان يوم عالمي للمرأة.