الوقت – في خضم تباعد المواقف بين البلدين وصل رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو الى ايران لاجراء مباحثات سياسية واقتصادية مع المسؤولين الايرانيين في وقت كان من المفترض ان تكون مواقف هذه الدولة الاسلامية التي يحكمها حزب اسلامي اقرب بكثير من مواقف الجمهورية الاسلامية حيال مختلف القضايا.
ويمكن القول ان هذه الزيارة هي حساسة، فإذا استطاعت الدولتان تذليل الخلافات بينهما فعندئذ يمكنهما ان تضعا العلاقات على سكة التعاون بدلا من التباعد، وليس خافيا على احد ان القضية الاهم بين ايران وتركيا الان هي الخلاف على سوريا ومصير رئيسها بشار الاسد، واذا تم حل هذا الخلاف فتساق باقي الخلافات بين البلدين نحو الحل.
واضافة الى الموضوع السوري هناك قضايا خلافية اخرى بين تركيا وايران فأنقرة الممتعضة من النفوذ الايراني في العراق تسعى الى زيادة نفوذها الاقتصادي والثقافي في هذا البلد لكن بطرق خاطئة ولذلك نرى ان الدور التركي في العراق اصبح مهمشا.
اما في اليمن فتؤيد ايران حركة انصارالله والجيش اليمني فيما تصطف تركيا مع التحالف السعودي الذي يشن عدوانا على اليمن وشعبه ويقتل الالاف من الاطفال والنساء العزل.
وفي لبنان ايضا تدعم ايران مواقف فريق 8 آذار الذي يقوده حزب الله فيما تدعم تركيا فريق 14 آذار الذي يقوده تيار المستقبل، وحينما اندلع الخلاف الروسي التركي بعد اسقاط القاذفة الروسية في سوريا دعمت ايران الموقف الروسي في وجه تركيا واصبح الجانب الروسي مقبلا على تحسين علاقاته السياسية والاقتصادية والتجارية مع ايران بعد التوتر مع تركيا بشكل كبير.
وتعتبر تركيا نفسها معاديةً للتحالف غير المكتوب بين روسيا وايران وسوريا وحزب الله الذي تشكل من اجل محاربة داعش والارهابيين في سوريا وقد وقفت تركيا مع قطر والسعودية والامارات ليشكلوا حلفا يهدف الى اسقاط النظام السوري ووصلت طائرات سعودية الى قاعدة انجرليك في تركيا من اجل التدخل في سوريا ومن المتوقع ان يذكر المسؤولون الايرانيون داود اوغلو بخطورة اي تدخل بري في سوريا.
ان تركيا وايران تقفان الان على طرفي نقيض وتستفيد السعودية من هذه الحالة وتقرب نفسها الى تركيا وتغض طرفها على خلافاتها مع تركيا فيما يتعلق بالاخوان المسلمين في مصر وقضية فلسطين وقد باتت انقرة والرياض في جبهة واحدة ضد ايران.
وهناك قضية اخرى وهي سعي تركيا لتحل محل ايران في العلاقة مع حركة حماس الفلسطينية بعدما شهدت العلاقات بين حماس وايران برودة بسبب الازمة السورية.
ويتوقع الخبراء ان تظل العلاقات بين ايران وتركيا باردة الى حين حل قضية مصير الرئيس السوري بشار الاسد لأن ايران لن تتخلى عن حليفها وتريد معاقبة تركيا على موقفها من الازمة السورية.
وهناك من الخبراء من يقول انه اذا ارادت ايران وتركيا طي صفحة الماضي والتعامل والتعاون بينهما مستقبلا فإن هناك عدة مجالات للتعاون مثل قضية مكافحة الارهاب لأن ايران وتركيا تقولان ان داعش يشكل عدوا لهما وهو تنظيم ارهابي يجب محاربته ويعلم الجميع ان ايران ارسلت مستشاريها العسكريين الى سوريا من اجل محاربة داعش كما قامت تركيا بقصف مواقع داعش بالمدفعية عدة مرات حتى الان.
ومن مجالات التعاون بين البلدين يمكن الاشارة ايضا الى المجال الانساني حيث يستطيع البلدان التعاون فيما بينهما لانقاذ المواطنين السوريين المشردين الذين يعيش عدد كبير منهم في المناطق الحدودية مع تركيا وفي داخل الاراضي التركية.
واخيرا يجب القول ان تركيا التي انغلقت على نفسها وعادت معظم دول الجوار من سوريا الى اليونان وروسيا وارمينيا وغيرهم يمكن ان تكون قد شعرت بالضيق واختارت ايران لتكون بوابة الخلاص لها لكن ذلك يتطلب تغييرا في المواقف التركية حيال القضايا الاقليمية اذا كانت تركيا صادقة فعلا في اعلانها بانها تسعى للتعاون مع ايران مستقبلا كما جاء على لسان اوغلو في طهران.