الوقت - يمر على التحالف الدولي ضد داعش الذي تقوده أمريكا أكثر من سنتين، وبحسب آخر الاحصاءات الميدانية والخرائط الدولية تبدو هذه الضربات فعالة على نحو تقليص تقدم تنظيم داعش الارهابي، لكن ميدانياً وبحسب محللين عسكريين وشهود عيان يبدو أن ضربات التحالف الدولي لا تصيب أهدافها بدقة، حيث تتعرض مستشفيات ومدارس وأسواق وأفران الى استهداف مباشر من قبل طائرات التحالف الأمريكي التي عودتنا بارتكاب المجازر بحق الأبرياء.
كثيرة هي الأحداث المريبة المتعلقة بطريقة تعاطي الأمريكيين مع تنظيم داعش، سواء في سوريا أو العراق أو أفغانستان. وخصوصا الأهداف التي تستهدفها أمريكا في تلك الدول. والملفت للنظر أن بعض هذه الأهداف هي مستشفيات ومدارس ومراكز تجارية ومدنية. وليس بالجديد استهداف طائرات أمريكا للأماكن المدنية، وبالعودة الى الوراء والمخزون التاريخي للكشف عن أحداث أخرى كانت "عرضية" وفق أمريكا، نجد أن الطائرات الأمريكية لم تقصر في استهداف المنشآت المدنية.
العراق
1- سنة 1991 تعرض معمل لصناعة الحليب للأطفال في العراق في منطقة أبو غريب الى القصف من الطائرات الأمريكية وذلك بحجة أن المعمل كان يحتوي على أسلحة بيولوجية.
2- سنة 1993 قامت الطائرات الأمريكية باستهداف ملجأ يضم 500 مواطن عراقي بواسطة قنابل ذكية، الأمر الذي أدى إلى مقتل 408 مدنيين، على الأقل.
3- في عام 2003 استهدفت الطائرت الأمريكية مكتب قناة «الجزيرة» في بغداد. وفي اليوم ذاته، أطلقت دبابة أمريكية قذيفة على فندق فلسطين في بغداد، حيث أقام صحافيون أجانب، الأمر الذي أودى بحياة مصور لمكتب وكالة «رويترز» وزميله من قناة «تيليثينكو الإسبانية».
4- و غيرها الكثير...
السودان
في عام 1998 قامت الطائرات الأمريكية باستهداف مصنع لتصنيع الأدوية بواسطة صواريخ كروز، وذلك بعد تعرض السفارتين الأمريكيتين في كل من كينيا وتنزانيا الى أعمال ارهابية واعتقاد الرئيس الأمريكي بيل كلنتون أن مصنع الأدوية في السودان هو مركز لتصنيع أسلحة كيميائية. وكان المصنع يلبي 90 في المئة من احتياجات السودان من الأدوية. وبحسب «ذي إنترسبت» فقد أدى تدمير المصنع إلى وفاة عشرات الآلاف من المرضى، بينهم مصابون بالملاريا، والسل الذي كان بالإمكان علاجه.
صربيا
في عام 1999 قامت الطائرات الأمريكية بقصف قطار مدني في صربيا، وذلك خلال عمليات قصف يوغوسلافيا السابقة، وأسفر القصف عن مقتل 14 مدنياً.
بلغراد
قامت الطائرات الأمريكية في عام 1999 بقصف مقر الاذاعة والتلفزيون في بلغراد حيث ذهب ضحية هذا القصف 16 شخصاً من عاملي الإذاعة والتلفزيون الصربيين، وفي العام نفسه قامت الطائرات الأمريكية باستهداف السفارة الصينية في بلغراد، الأمر الذي أسفر عن مقتل 3 وجرح أكثر من 20 دبلوماسياً صينياً.
أفغانستان
في مستهل اجتياحها لأفغانستان، عام 2001، وجهت أمريكا سلسلة من الضربات الجوية على مجمع مبانٍ في العاصمة كابول يضم تمثيلية اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وبعد أسابيع على غارتها على مجمع الصليب الأحمر، استهدفت أمريكا كلاً من المكتب المحلي لقناة «الجزيرة» الفضائية ومكتب قناة «بي بي سي» الإخبارية البريطانية.
وفي يوم السبت في الثالث من تشرين الأول 2015، هاجم سلاح الجو الأمريكي مستشفى تديره منظمة «أطباء بلا حدود» في قندوز في أفغانستان، ما أدى إلى تدميره، ومقتل 13 من الموظفين، إضافة إلى 10 من المرضى، بينهم 3 أطفال، فيما أصيب 37 آخرون بجروح.
سوريا
في 17 شباط من العام الحالي قامت طائرات التحالف الأمريكي باستهداف أربعة مستشفيات على الأقل ومدرسة خلال غارات جوية في محافظتي إدلب وحلب في سوريا. وفي اليوم نفسه قامت الطائرات الأمريكية باستهداف جمع للناس في مدينة الشدادي في ريف مدينة الحسكة السورية أدى الى مقتل أكثر من 18 مدنياً.
أيضا قامت الطائرات الأمريكية باستهداف مخبز في محافطة الحسكة أدى الى مقتل 35 مدنيا. وقامت طائرات التحالف الأمريكي يوم الأربعاء الماضي باستهداف مستشفيين في مدينة حلب، ونقلت وسائل إعلام روسية، عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن طائرات أمريكية هي التي قصفت مدينة حلب، في هجوم كانت أمريكا قد قالت إن طائرات روسية نفذته.
وأضاف متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إن طائرتين أمريكيتين من طراز إيه-10 انطلقتا من تركيا وقصفتا أهدافا في حلب. وبحسب القناة الروسية، فقد ذهب ضحية هذه الغارات الأمريكية أكثر من خمسين مدنيا بينهم اطفال واوقعت العديد من الجرحى.
ومنذ حوالي شهر قامت الطائرات الأمريكية باستهداف تجمعات للجيش السوري تزامن مع هجوم لداعش على النقاط المستهدفة مما أدى الى أسر أكثر من 400 مواطن سوري في ريف دير الزور.
اذاً، وبناءاً على ما تقدم، فإن الكذب في الادعاءات الأمريكية في الحرب على داعش ليس أمراً مستغرباً، واستهداف المستشفيات والمدارس والادعاء بأنها تحوي ارهابيين هو نهج يعتمده الأمريكيون في حربهم وتضليلهم للرأي العام. وفي ظل هذا التناقض تأتي مجموعة من الأسئلة وهي: أي مشروع تريد أمريكا تكريسه في العراق وسوريا بالضبط في نهاية المطاف؟ وما الهدف من استهداف المدنيين الأبرياء؟ ولماذا الصمت الدولي بعد استهداف الطائرات الأمريكية للمستشفيات والمدارس؟