الوقت- دخلت الحرب في سوريا عامها الخامس وقد شهدت سوريا خلال هذه الفترة تطورات سياسية وعسكرية عديدة و ربما لم يظن الكثيرون في بداية الازمة ان اراقة الدماء ستطول لسنوات لكن الان ربما لايوجد شخص يعتقد بأن الحرب ستنتهي في القريب العاجل.
وقد كتب المحللون كثيرا حول ماهية هذه الحرب واهدافها ونتائجها كما تسببت التحولات الميدانية بوجود فرضيات وسيناريوهات جديدة في هذه التحليلات، وبالتزامن مع الحرب والاشتباكات على الساحة السورية كان هناك عمل دبلوماسي يجري على قدم وساق لاخماد نيران الحرب وايقاف العنف لكن حسابات الاطراف المفاوضة والحوارات الداخلية والاقليمية والدولية قد تاثرت دوما بالاحداث الجديدة وحتى الان لايوجد بصيص أمل في الاجواء السياسية والدبلوماسية لانهاء الحرب.
ان الشهور الاخيرة التي شهدت تدخلا عسكريا روسيا وتقدما للجيش السوري والقوات الشعبية قلبت الموازين لصالح الرئيس السوري "بشار الاسد" ولذلك نرى ان المساعي الدبلوماسية الدولية من اجل اطلاق حوار سياسي باتت تستند الى اسس وقواعد جديدة لكن و رغم ذلك لايمكننا ان نتحدث بتفاؤل لأن الحوار السياسي الاخير المسماة بجنيف 3 انتهى سريعا الى الفشل.
واذا اراد المرء ان يبحث عن سبب انسداد الاجواء السياسية في المفاوضات التي تجري حول سوريا يجد بأن عدم التزام امريكا بقضية التفاوض والحل الدبلوماسي هو وراء هذا الفشل.
ان امريكا ترى نفسها الان غير قادرة على فرض ارادتها المطلقة في انتخاب الاطراف التي يجب ان تتفاوض في سوريا وحولها كما لايمكن لامريكا ان تختار جدول اعمال المفاوضات ولذلك نجدها غير ملتزمة بالعملية الدبلوماسية والحوار السياسي لحل الازمة.
ويمكن القول ان الملف السوري يشهد تدخلا من قوى واطراف عديدة لكن اعداء امريكا لهم الان اليد العليا في الميدان ولذلك يرى الامريكيون انفسهم عاجزين عن فرض واملاء عملية سياسية تلبي الاهداف الامريكية.
والحقيقة هي ان السياسات الامريكية خلال السنوات الـ 5 الماضية تظهر ان واشنطن لم تكن تبحث ابدا عن السلام في سوريا وقد صبت كافة جهودها السياسية وغير السياسية على اذكاء نيران هذه الحرب الهوجاء ولذلك فإن كل المواقف التي اتخذتها امريكا ضد داعش لايمكن تصديقها ويمكن القول ان هناك 4 فرضيات حول الاهداف الامريكية الحقيقية وهي :
1- ان السياسات والمواقف الامريكية في المنطقة ليست ضد داعش لا عسكريا ولا امنيا.
2- ان امريكا تعتبر داعش فرصة لاعادة تواجدها العسكري والامني في المنطقة.
3- ان امريكا قد عبرت مرارا وتكرارا عن امتعاضها من انتصارات القوات الشعبية والجيش السوري والعراق امام داعش.
4- ان امريكا تدعم المحور التركي العربي من اجل منع تغيير توازن القوى في المنطقة.
واضافة الى ذلك تفيد بعض التقارير الاستخباراتية ان امريكا تسعى جاهدة للحفاظ على قادة وكوادر داعش الاصليين رغم اظهارها عدائها لداعش امام الرأي العام العالمي.
وهناك امر هام يجب الالتفات اليه وهو ان الامريكيين يحبذون الخيار العسكري في سوريا وقد رأينا كيف رحب الامريكيون بارسال قوات سعودية الى سوريا وهذا في وقت يجد الامريكيون انفسهم عاجزين عن القيام بتدخل عسكري في سوريا ولذلك يمكن القول ان امريكا تعول الان على قدرات حلفائها الاقليميين من اجل التدخل العسكري في سوريا ومن ثم تجيير انجازات هذا التدخل العسكري في العمل الدبلوماسي.