الوقت- بعد فشل الكيان الإسرائيلي بوقف الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة التي إنطلقت في مطلع أكتوبر / تشرين الأول 2015 والتي عرفت أيضاً بإنتفاضة القدس أو إنتفاضة السكاكين، دعا عدد من مسؤولي هذا الكيان في الآونة الأخيرة إلى إستئناف إغتيال القادة الفلسطينيين وفي مقدمتهم قادة حركتي "حماس" و "الجهاد الإسلامي".
وطالب زعيم ما يسمى حزب "إسرائيل بيتنا" وزير الخارجية السابق "أفيغدور ليبرمان" بإغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، "إسماعيل هنيّة" بعد تصريحاته التي أكد فيها إستمرار حفر الأنفاق على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة مع الداخل المحتل.
وكرر "ليبرمان" خلال مقابلة مع القناة "الإسرائيلية" الثانية، إنتقاداته لحكومة "بنيامين نتنياهو"، قائلاً " إنها متهاونة، وتعمل فقط على الدعاية والعلاقات العامة وعليها أن ترحل". وأضاف:"لا يعقل أن تبقى "إسرائيل" تشعر بالخوف طيلة الوقت، خشية أن يصل المسلحون الفلسطينيون إلى مقاهي تل أبيب، كما لم يعد من المعقول أن تحصل مظاهرات فلسطينية في القدس، تماماً كمظاهرات غزة التي تجد طريقها للملايين عبر شبكات التواصل الإجتماعي".
وردّ "هنيّة" على هذه التهديدات بالقول: حماس أمام إغتيال القادة تصبح أقوى وأصلب مما يتوهم الكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن "إسرائيل" دفعت ثمناً باهظاً على أيدي مجاهدي كتائب القسام وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية.
وطالب "هنيّة" المؤسسات الدولية بالوقوف عند مسؤوليتها والتصدي لسياسات إسرائيل وحماية الشعب الفلسطيني، مشدداً على أنه لا يمكن تحقيق الإستقرار في الشرق الأوسط دون أن تنتهي مشكلة إحتلال فلسطين، مؤكداً كذلك إن حماس ستواصل حفر الأنفاق في قطاع غزة، وأن مقاتلي القسام وفصائل المقاومة الأخرى في مرحلة الإعداد المستمر لإمتلاك كل وسائل القوة والمنعة من أجل فلسطين والقدس والمسجد الأقصى.
في هذه الأثناء أشارت صحيفة "معاريف" الصهيونية إلى أن بعض الدول العربية أعطت الضوء الأخضر لـ"إسرائيل" للبدء بإغتيال القادة الفلسطينيين في قطاع غزة وفي مقدمتهم "إسماعيل هنيّة".
سياسة إغتيال القادة الفلسطينيين هذه ليست جديدة على الكيان الإسرائيلي؛ بل قام هذا الكيان من قبل بإغتيال "فتحي الشقاقي" مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عام 1995 والشيخ "أحمد ياسين" مؤسس حركة حماس عام 2004 و"عبد العزيز الرنتيسي" القيادي الآخر في حماس في نفس العام.
ويعتقد المراقبون أن كيان الإحتلال يسعى من خلال تنفيذ هذه السياسة إلى حرف أذهان الرأي العام عن الإنتصارات الكبيرة التي تحققها الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة رغم الإجراءات القمعية التي إتخذتها وتتخذها السلطات الإسرائيلية ومن بينها إخفاء جثامين الشهداء الفلسطينيين وسرقة أعضائهم وهدم منازل أسر منفذي عمليات المقاومة، والإعتقال الإداري للنشطاء في الميادين أو على مواقع التواصل الإجتماعي، بالإضافة إلى السجن وإطلاق الرصاص الحيّ على كل من يقذف قوات الإحتلال بالحجارة، وكذلك تشجيع المستوطنين على مهاجمة منازل الفلسطينيين وإستباحة المسجد الأقصى.
وقد أثبتت التجارب أن هذه الأساليب الوحشية التي ينتهجها كيان الإحتلال قد فشلت في وقف الإنتفاضة الفلسطينية من جانب، وساهمت بإتساع رقعتها من جانب آخر بعد أن أكد قادة الفصائل الفلسطينية أنهم سيواصلون دعمهم لهذه الإنتفاضة حتى وإن تعرضوا للتهديد بالتصفية الجسدية من قبل قادة الإحتلال، مشددين على أن ذلك لن يزيدهم إلاّ إصراراً وعزماً على مواصلة الطريق حتى تحقيق جميع أهداف الإنتفاضة وفي مقدمتها حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتشكيل الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وتعكس دعوات بعض قادة كيان الإحتلال لإغتيال القادة الفلسطينيين مدى التخبط والإرتباك الذي أصيب به هذا الكيان وفشله التام في تطويق تداعيات الإنتفاضة الفلسطينية، في حين يؤكد جميع المتابعين للشأن الفلسطيني بأن هذه الإنتفاضة تكتسب قوتها من كونها تدار من قبل نفس الشباب المنتفضين، ولهذا فإن قرار إغتيال قادة المقاومة لن يؤثر في إستمراريتها حتى وإن تم تنفيذه على أرض الواقع، مشيرين في الوقت ذاته الى أن هذا الأمر هو أشد ما تخشاه الزعامات الإسرائيلية لعلمها بأن القضاء على الإنتفاضة أو وقفها على أقل تقدير لن يحصل بإغتيال قادة المقاومة في حماس أو الجهاد الإسلامي.
كما أثبتت الإنتفاضة أن السبيل الوحيد لإستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة، تكمن بالتموضع حول محور هذه الإنتفاضة ودعم فصائلها المقاومة وعدم التعويل على محادثات التسوية المفرغة من أيّ محتوى يخدم القضية الفلسطينية وشعبها الممتحن الصابر.