الوقت- تعد منطقة آسيا الوسطى والقوقاز من المناطق المهمة في دنيا اليوم، فمع انهيار الاتحاد السوفيتي نهاية القرن الماضي، وانشغال الدول التي كانت تنظم عقده بترسيخ استقلالها وسيادتها، وترسيم حدودها وبناء علاقاتها الإستراتيجية والسياسية مع بقية دول العالم، بدت دول وسط آسيا ذات الغالبية المسلمة، والتي تتمتع بموقع جغرافي مهم ومميز، وبثروات معدنية ونفطية كبيرة، تستقطب دول العالم الكبرى، وتجتذب الاستثمارات الأجنبية لتمويل مشاريع استثمار ثرواتها الباطنية واليوم تطرح الكثير من الأسئلة حول هذه المنطقة وسياسات القوى الكبرى للسيطرة عليها.
الأهمية الاستراتيجية للمنطقة:
تحتل هذه المنطقة موقعًا جغرافيًا مهمًا وحساسًا؛ إذ تقع بين الصين وروسيا وأفغانستان وإيران ، كما أنها محل اهتمام القوى العالمية والإقليمية الأخرى مثل أميركا والهند، وتكمن أهمية منطقة آسيا الوسطى باعتبارها تمثل المتغير الجيو ــ سياسي اللازم الذي يمثل مفتاح السيطرة على العالم، فالتمركز في آسيا الوسطى يتيح الإطلالة الأكثر سهولة والأقل تكلفة نحو العمق الحيوي الروسي باتجاه الشمال، والعمق الحيوي الصيني باتجاه الجنوب الشرقي، علاوة على العمق الحيوي لشبه القارة الهندية باتجاه الجنوب والعمق الحيوي الإيراني باتجاه الجنوب الغربي، والعمق الحيوي لكامل منطقة بحر قزوين باتجاه الغرب، علاوة على أن السيطرة على موارد آسيا الوسطى تتيح التحكم في إمدادات النفط والغاز والمعادن والموارد الزراعية إلى روسيا والصين وشبه القارة الهندية ودول الاتحاد الأوروبي. والسيطرة على ممرات آسيا الوسطى تتيح السيطرة على الممرات البرية والجوية التي تربط بين شبه القارة الهندية وروسيا والصين، وغير ذلك من الطرق والممرات التي تتيح ضبط التفاعلات والعلاقات البينية التي تربط بين الأقاليم المحيطة بمنطقة آسيا الوسطى، كما تتمتع باحتياطيات نفطية تعادل في كميتها تلك الموجودة في منطقة الشرق الاوسط.
التنافس الدولي:
من الطبيعي ألّا تتحقق الهيمنة الكاملة عندما تتنافس القوى لاثبات وجودها ،فالأهمية القصوى لهذه المنطقة جعلتها محل تنافس بين اللاعبين الدوليين ؛ بالنسبة للصين فهي شريان مواصلاتها ومعبر لا يمكن الاستغناء عنه ، وروسيا تحاول أن تبقيها تدور في فلكها كما كانت في الحقب الماضية، وأميركا تسعى لبسط نفوذها.
الصين:
تعتبر الصين من أوائل الدول التي اعترفت بدول آسيا الوسطى بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق، وأقامت معها علاقات دبلوماسية قوية وتبادلت معها الزيارات الرسمية، وبدت ملامح السياسة الصينية الجديدة تجاه هذه المنطقة عام 1969، حينما تحركت بكين لإيجاد إطار رسمي يربطها بالمنطقة، فجاءت فكرة منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي بالتعاون مع روسيا وكل من كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، والتي انضمت إليها أوزبكستان عام 2001، وكان واضحا أن بكين تستغل نفوذ روسيا للتحرك نحو آسيا الوسطى، في حين كانت موسكو تبحث عن حليف قوي في آسيا لوقف الزحف الأوروبي الأميركي نحو مناطق نفوذها. وفي ظل حاجة الصين الملحة إلى الطاقة بشكل متزايد وارتفاع أسعار النفط والغاز، كان على بكين البحث عن بدائل رخيصة وأكثر أمانا تلبي احتياجاتها. ومن هنا برزت أمامها مصادر الطاقة في آسيا الوسطى التي هي قريبة منها ليتحقق لها هذا الحلم، غير أن الأمر يحتاج إلى مزيد من المقايضات مع روسيا التي تتخوف من أن الصين تزاحمها في السيطرة على خطوط نقل النفط والغاز. وفي نفس الوقت تشكل آسيا الوسطى سوقا استهلاكيا رائجا للسلع الصينية، ومعظم واردات الصين من آسيا الوسطى هي المواد الخام التي تفتقر إليها الصين، وتصدر الصين السلع الاستهلاكية لهذه الدول.
روسيا:
منذ انهيار الاتحاد وروسيا تسعى إلى الحفاظ على مركزها كقوة عظمى، وتستهدف السياسة الروسية الخارجية بشكل أساسي جمهوريات آسيا الوسطى، حيث تعتبر روسيا حدود تلك الدول حدودًا أمنية لها، ولاسيما من جهة جمهورية طاجكستان التي يوجد فيها عدد كبير من القوات الروسية على الحدود مع أفغانستان، مما دفع الكرملين إلى تضخيم الأخطار التي تواجه أمن آسيا الوسطى من “جماعات إرهابية”، واحتمال نشوب حروب وصراعات على السلطة في بعض دولها، وأن دولا أجنبية قد تتدخل لدعم التطرف، وتستخدم موسكو هذه الأوراق لزيادة نفوذها ووجودها العسكري هناك.
وفي ظل الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان ، أدركت روسيا أن أوباما يريد تقوية وجود الولايات المتحدة في أفغانستان لتتحول إلى منصة عمل باتجاه جمهوريات آسيا الوسطى، وصولًا إلى حوض قزوين عبرها، ومن أجل السيطرة على الكميات الكبيرة من النفط والغاز في تلك المناطق، لذا بادرت روسيا باتخاذ خطوات من شأنها تقوية مواقعها في آسيا الوسطى، من خلال ربط جمهوريات تلك المنطقة باتفاقيات والتزامات تصب في خدمة مصالح روسيا ومصالح هذه الجمهوريات في آن واحد.
اذاً يمكن النظر لجهود روسيا لتحقيق مصالحها في آسيا الوسطى على المستويين السياسي والأمني ، فسياسيا وأمنيا وتعمل موسكو على إنشاء نظام أمني في المنطقة من خلال "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" لحماية روسيا من التحديات القادمة من جميع الاتجاهات، ويشمل ذلك النظام (أرمينيا، وبيلاروسيا، وبلدان آسيا الوسطى كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، وأوزبكستان)، وهذه المعاهدة تسمح بالتشاور السياسي وقدر ما من التنسيق بين المؤسسات الدفاعية والأمنية للدول الأعضاء، وتستغل روسيا هذا التحالف الأمني لتحقيق نوع من التضامن الدبلوماسي بين الأعضاء.
الولايات المتحدة:
نشطت الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في التقرب من جمهوريات القوقاز وآسيا الوسطى، وسعت إلى توطيد علاقاتها السياسية والاقتصادية معها، والعمل على إرساء نظم حكم صديقة لها في هذه الجمهوريات لتأمين مصالحها النفطية في المنطقة. ومع وقوع أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وبدء الحملة الأميركية ضد ما يسمى بالإرهاب بدأت واشنطن في تدعيم وجودها العسكري في المنطقة، وقامت بتوقيع عدد من الاتفاقيات لإقامة قواعد عسكرية في بعض الجمهوريات، ومنها قيرغيزستان، وأوزبكستان، لاستخدامها في حربها ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان، ولتدعيم النفوذ والحضور الأميركي في المنطقة، بما يتيح إقامة العديد من مشاريع النفط والغاز التي تؤمن الاحتياجات الأميركية من الطاقة.
ختاماً، ان آسيا الوسطى منطقة مهمة بالنسبة للدول الكبرى لما لها من أهمية اقتصادية وسياسية وجيواستراتيجية، والتنافس الدولي مرشح للتزايد في هذه المنطقة لأن الجميع يسعى لبسط سيطرته وتحقيق مصالحه، فإذا كان الصراع على الشرق الأوسط يتمحور بين أميركا والصين المستقبلية وإيران الواعدة وروسيا الكامنة، فإنّ الصراع على آسيا الوسطى قد ابتدأ بقوة عبر تعزيز المواقع والتحالفات، وبذلك ستكون هذه المنطقة ساحة المواجهة بين القوى الكبرى.
.
الأهمية الاستراتيجية للمنطقة:
تحتل هذه المنطقة موقعًا جغرافيًا مهمًا وحساسًا؛ إذ تقع بين الصين وروسيا وأفغانستان وإيران ، كما أنها محل اهتمام القوى العالمية والإقليمية الأخرى مثل أميركا والهند، وتكمن أهمية منطقة آسيا الوسطى باعتبارها تمثل المتغير الجيو ــ سياسي اللازم الذي يمثل مفتاح السيطرة على العالم، فالتمركز في آسيا الوسطى يتيح الإطلالة الأكثر سهولة والأقل تكلفة نحو العمق الحيوي الروسي باتجاه الشمال، والعمق الحيوي الصيني باتجاه الجنوب الشرقي، علاوة على العمق الحيوي لشبه القارة الهندية باتجاه الجنوب والعمق الحيوي الإيراني باتجاه الجنوب الغربي، والعمق الحيوي لكامل منطقة بحر قزوين باتجاه الغرب، علاوة على أن السيطرة على موارد آسيا الوسطى تتيح التحكم في إمدادات النفط والغاز والمعادن والموارد الزراعية إلى روسيا والصين وشبه القارة الهندية ودول الاتحاد الأوروبي. والسيطرة على ممرات آسيا الوسطى تتيح السيطرة على الممرات البرية والجوية التي تربط بين شبه القارة الهندية وروسيا والصين، وغير ذلك من الطرق والممرات التي تتيح ضبط التفاعلات والعلاقات البينية التي تربط بين الأقاليم المحيطة بمنطقة آسيا الوسطى، كما تتمتع باحتياطيات نفطية تعادل في كميتها تلك الموجودة في منطقة الشرق الاوسط.
التنافس الدولي:
من الطبيعي ألّا تتحقق الهيمنة الكاملة عندما تتنافس القوى لاثبات وجودها ،فالأهمية القصوى لهذه المنطقة جعلتها محل تنافس بين اللاعبين الدوليين ؛ بالنسبة للصين فهي شريان مواصلاتها ومعبر لا يمكن الاستغناء عنه ، وروسيا تحاول أن تبقيها تدور في فلكها كما كانت في الحقب الماضية، وأميركا تسعى لبسط نفوذها.
الصين:
تعتبر الصين من أوائل الدول التي اعترفت بدول آسيا الوسطى بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق، وأقامت معها علاقات دبلوماسية قوية وتبادلت معها الزيارات الرسمية، وبدت ملامح السياسة الصينية الجديدة تجاه هذه المنطقة عام 1969، حينما تحركت بكين لإيجاد إطار رسمي يربطها بالمنطقة، فجاءت فكرة منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي بالتعاون مع روسيا وكل من كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، والتي انضمت إليها أوزبكستان عام 2001، وكان واضحا أن بكين تستغل نفوذ روسيا للتحرك نحو آسيا الوسطى، في حين كانت موسكو تبحث عن حليف قوي في آسيا لوقف الزحف الأوروبي الأميركي نحو مناطق نفوذها. وفي ظل حاجة الصين الملحة إلى الطاقة بشكل متزايد وارتفاع أسعار النفط والغاز، كان على بكين البحث عن بدائل رخيصة وأكثر أمانا تلبي احتياجاتها. ومن هنا برزت أمامها مصادر الطاقة في آسيا الوسطى التي هي قريبة منها ليتحقق لها هذا الحلم، غير أن الأمر يحتاج إلى مزيد من المقايضات مع روسيا التي تتخوف من أن الصين تزاحمها في السيطرة على خطوط نقل النفط والغاز. وفي نفس الوقت تشكل آسيا الوسطى سوقا استهلاكيا رائجا للسلع الصينية، ومعظم واردات الصين من آسيا الوسطى هي المواد الخام التي تفتقر إليها الصين، وتصدر الصين السلع الاستهلاكية لهذه الدول.
روسيا:
منذ انهيار الاتحاد وروسيا تسعى إلى الحفاظ على مركزها كقوة عظمى، وتستهدف السياسة الروسية الخارجية بشكل أساسي جمهوريات آسيا الوسطى، حيث تعتبر روسيا حدود تلك الدول حدودًا أمنية لها، ولاسيما من جهة جمهورية طاجكستان التي يوجد فيها عدد كبير من القوات الروسية على الحدود مع أفغانستان، مما دفع الكرملين إلى تضخيم الأخطار التي تواجه أمن آسيا الوسطى من “جماعات إرهابية”، واحتمال نشوب حروب وصراعات على السلطة في بعض دولها، وأن دولا أجنبية قد تتدخل لدعم التطرف، وتستخدم موسكو هذه الأوراق لزيادة نفوذها ووجودها العسكري هناك.
وفي ظل الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان ، أدركت روسيا أن أوباما يريد تقوية وجود الولايات المتحدة في أفغانستان لتتحول إلى منصة عمل باتجاه جمهوريات آسيا الوسطى، وصولًا إلى حوض قزوين عبرها، ومن أجل السيطرة على الكميات الكبيرة من النفط والغاز في تلك المناطق، لذا بادرت روسيا باتخاذ خطوات من شأنها تقوية مواقعها في آسيا الوسطى، من خلال ربط جمهوريات تلك المنطقة باتفاقيات والتزامات تصب في خدمة مصالح روسيا ومصالح هذه الجمهوريات في آن واحد.
اذاً يمكن النظر لجهود روسيا لتحقيق مصالحها في آسيا الوسطى على المستويين السياسي والأمني ، فسياسيا وأمنيا وتعمل موسكو على إنشاء نظام أمني في المنطقة من خلال "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" لحماية روسيا من التحديات القادمة من جميع الاتجاهات، ويشمل ذلك النظام (أرمينيا، وبيلاروسيا، وبلدان آسيا الوسطى كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، وأوزبكستان)، وهذه المعاهدة تسمح بالتشاور السياسي وقدر ما من التنسيق بين المؤسسات الدفاعية والأمنية للدول الأعضاء، وتستغل روسيا هذا التحالف الأمني لتحقيق نوع من التضامن الدبلوماسي بين الأعضاء.
الولايات المتحدة:
نشطت الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في التقرب من جمهوريات القوقاز وآسيا الوسطى، وسعت إلى توطيد علاقاتها السياسية والاقتصادية معها، والعمل على إرساء نظم حكم صديقة لها في هذه الجمهوريات لتأمين مصالحها النفطية في المنطقة. ومع وقوع أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وبدء الحملة الأميركية ضد ما يسمى بالإرهاب بدأت واشنطن في تدعيم وجودها العسكري في المنطقة، وقامت بتوقيع عدد من الاتفاقيات لإقامة قواعد عسكرية في بعض الجمهوريات، ومنها قيرغيزستان، وأوزبكستان، لاستخدامها في حربها ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان، ولتدعيم النفوذ والحضور الأميركي في المنطقة، بما يتيح إقامة العديد من مشاريع النفط والغاز التي تؤمن الاحتياجات الأميركية من الطاقة.
ختاماً، ان آسيا الوسطى منطقة مهمة بالنسبة للدول الكبرى لما لها من أهمية اقتصادية وسياسية وجيواستراتيجية، والتنافس الدولي مرشح للتزايد في هذه المنطقة لأن الجميع يسعى لبسط سيطرته وتحقيق مصالحه، فإذا كان الصراع على الشرق الأوسط يتمحور بين أميركا والصين المستقبلية وإيران الواعدة وروسيا الكامنة، فإنّ الصراع على آسيا الوسطى قد ابتدأ بقوة عبر تعزيز المواقع والتحالفات، وبذلك ستكون هذه المنطقة ساحة المواجهة بين القوى الكبرى.
.