الوقت- شهدت الآونة الأخيرة تضليلاً إعلامياً واسعاً حول بلدة مضايا في ريف دمشق قادته الوسائل الإعلامية الخليجية، إلا أن قناة المنار كانت هذه المرّة بالمرصاد للأكاذيب الخليجية حيث فضحت وبالدليل هذه الإدعاءات مستفيدة من خدمة يقدّمها محرّك البحث العملاق "غوغل". لم تكتف المنار بدلائل "غوغل"، بل نُشرت اليوم شهادات لابناء مضايا تفند التزوير والتضليل الذي يبثه الاعلام الداعم للجماعات الارهابية.
لم تنتظر الحالة التي بدأت مع فبركة بعض الوسائل الإعلامية المعارضة لإلقاء اللوم على الرئيس "بشار الأسد" وعلى حزب الله في تجويع الأطفال وقتل المدنيين لتنتشر على كافّة المواقع الإعلامية، وصولاً إلى الحديث عن طرحها في مجلس الأمن، إلا أن هناك جملة من الأسئلة التي دارت في أذهان العديد المشاهدين: لماذا لم توافق هذه الجماعات إبتداءً عن معادلة مضايا-الفوعة كفريّا؟ ماذا عن إتهامات الأهالي للمسلحين بالإحتكار في مضايا؟ كيف للمجاعة أن تصيب 15 أو 20 شخص فقط؟
تحت وسم "كذبة مضايا" علّق الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حول كمية التضليلات والفبركات الإعلامية، حيث كشف الزيف الإعلامي المفضوح هذه المرّة السياسة "الحقيرة" المعتمدة من قبل هذه الوسائل الإعلامية، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: إن إستهداف حزب الله في مدينة مضايا، يأتي في سياق الحملة الدعائية التي تشنّها السعودية ضد الحزب بعد أن فضح الأمين العام لحزب الله "السيد حسن نصر الله" كافّة مخططاتها الإجرامية في المنطقة، وبالتالي تتقاطع هذه التهم مع المصالح الإسرئيلية التي تريد إستهداف الحركات المقاومة عموماً، حزب الله على وجه الخصوص.
ثانيا: ما قاله رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد "هاشم صفي الدين" عندما أوضح أن ما حصل في موضوع مضايا المزعوم، يدل بشكل واضح على أن هناك كذب ودجل وحقد وجهل مطبق، فبعض الناس لا يريدون أن يفكروا ولا أن يشغلوا عقولهم، لأنه من غير المعقول أنه إذا حصل مجاعة في مدينة ما أن تصيب 15 أو 20 شخصا منها فقط من دون الباقيين، فهذا أمر لا يحصل بالمنطق، لأنه عندما تضرب المجاعة مكان ما، فإنها تضربه بأكمله، وأما فيما يخص المشاهد، فإنها واضحة تماما بأن هذا أمر فيه كذب صريح.
ثالثاً: لو كانت الجماعات التكفيرية بالفعل تريد حماية المدنيين لرضخت منذ اليوم الأول لمعادلة مضايا-الفوعة كفريا، إلا أنه بعد فضح الاعلام لهذه الإدعاءات التي وضعت القيادات الإرهابية في مضايا بـ"خانة اليك". لكن الضجة الإعلامية الضخمة دفعت بالحكومة السورية للموافقة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى بلدة مضايا في ريف دمشق، مقابل إدخال المساعدات إلى بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف إدلب. مع العلم أن المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي، "بول كرزيسياك"، قال أنّه ما من وجود لدليل على أن أحداً قد توفي من الجوع في بلدة مضايا، موضحاً أنّ "الصليب الأحمر وزّع (في 18 تشرين الأول الماضي) مساعدات تكفي لمدة شهرين على بلدات مضايا وكفريا والفوعة"!
رابعاً: ماذا عن التقارير التي تحدّثت عن إدخال عشرات الشاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية في 18 تشرين الأول 2015 إلى مضايا وسرغايا وبقين والتي تكفي لأشهر عدة بالتزامن مع إدخال نفس الكمية الى كفريا والفوعة، فكيف لهؤلاء أن يعانون من المجاعة، في ظل غياب هذه المشاهد عن كل من الفوعة وكفريّا. هذا الأمر يؤكد كافّة التقارير التي تتحدّث عن تحكّم الجماعات الإرهابية بمصير المدنيين في البلدة التي باتت رهينة لأكثر من 600 مسلح يتوزعون 60 في المئة من "حركة احرار الشام" و 30 في المئة من "جبهة النصرة" و10 في المئة من "الجيش الحر".
إن بث الشائعات وترويج الكذب والتهويل واستخدام القضايا الإنسانية، باتت مهنة للعديد من وسائل الإعلام الخليجية حيث تستغل هذه الوسائل الأزمات الإنسانية لتمرير مشاريعها السياسة وإقناع الرأي العام بها، رغم أنها ترفع شعارات برّاقة كـ"الرأي والرأي الآخر" أو البحث عن الحقيقة. هذا غيض من فيض الحرب الناعمة التي تشنّها هذه الوسائل المأجورة في سبيل تحقيق غايات سياسية هنا أو هناك. قضيّة مضايا ليس المرّة الاولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة.