الوقت - منذ أن بدأت استراتیجیة الحکومة البحرینیة فی عام 2005 لتقلیص دور الشیعة و حرمانهم من حقوقهم القانونیة ولحد الیوم ، یشهد هذا البلد أبشع أنواع الانتهاکات لحقوق الانسان ومصادرة حق تعیین المصیر فی عالم یدعّی إلتزامه بمراعاة المواطنة والحریات والدیموقراطیة ، داعیک عن جمیع الاصول والاخلاقیات التی أمر بها الدین الاسلامی الحنیف.
إن نوع الصراع البحرینی الیوم یتأرجح بین أزمتین ، احدهما تری فی "المواجهة ضد السلطة" الحلّ الامثل ، بینما تعتقد الاخری "المواجهة داخل السلطة" هی الحل الاقرب الممکن الوصول الیه. هذا فیما یعتقد الکثیر من المراقبین بصعوبة تنفیذ الحلّ الثانی ، وذلک بسبب عدم قبول الحکومة البحرینیة لشریک سیاسی لها داخل السلطة.
وحینما اُجریت إنتخابات عامی 2006 و2010 ، اثبتت النتائج بان الشیعة ملتزمون بالسعی للشراکة فی السلطة وأن الطرف الاخر هو الذی یُعرقل الخطوات ویسحب البساط من تحت شریکه السیاسی ذا الاکثریة والاحقیة بالسیادة والحکم نحو مطبّات واغوار هو فی غنی عنها.
جائت نتائج الانتخابات ومع کل تلک العراقیل والضغوط التی تعرضت لها هذه الطائفة ، لتعطی 18 مقعداً للشیعة فی البرلمان. وتوالت تلک الضغوطات لتصل الی سیاسات ممنهجة تصدر من قبل الحاکم او الشوری لتمنع اصدار قرارات کـقرار " ایقاف قانون منح الجنسیة والتبعیة السیاسی". کما ووضعت فلترات عدة ، منعت الاکثریة الشیعیة التی تطالب بحقوقها الشرعیة بطریقة سلمیة،
من الوصول الی مناصب رفیعة فی بلدهم الذی ینتمون الیه. ولم یکن العائق امامهم سوی حاکم البحرین الذی حاول إستدراجهم الی نتیجة "المواجهة ضد السلطة" بدلاً عن "المشارکة مع السلطة".
جاء کل هذا لکی تتغیر بوصلة الحریة فی البحرین من الاصلاح الی الاسقاط فی إطار التعنّت الخلیفی ونقض جمیع الاتفاقیات التی حتی وإن لم تکن ؛ فإنها تعطی للمواطن حق إستیفائه لحقوقه الاساسیة کـ العیش السلیم والتعلیم حسب المُعتقد الدینی ومداولة السیاسة و حق إبداء الرأی و المشارکة السیاسیة فی المجتمع کمواطن من الدرجة الاولی لاغیر.
الخلاف بین الاصلاحیین والاسقاطیین
لایزال الاصلاحیون یظنون بأن الاکثریة غیر قادرین او مُضطرین لإسقاط النظام . وعلی العکس منهم فإن الاسقاطیون یعتبروا الحوار مع نظام آل خلیفة غیر مُجدیاً بسبب عناده ودکتاتوریته الغیر ممکنة الاصلاح. وأنه مع کل هذه السنوات من نظال الشعب السلمی ، لم تصدر منه أیة بادرة ذات توجّه اصلاحی طیلة هذه الفترة. وذلک لانه لایؤمن بالإصلاح ولا بالحوار وأنه ینظر الیهم کمواطن من الدرجة الخامسة او السادسة.
وفی إطار الوفاق الوطنی ، شهد عام 2001 إنفتاحاً سمح للبعض بتأسیس حرکات وتیارات باشرت نشاطاتها السیاسیة وکانت من جملتها " جمعیة الوفاق " التی حددت مطالباتها بنقاط أبرزها:
- تعدیل الدوائر الانتخابیة
- منح البرلمان دور الاشراف علی اداء الحکومة
- حلّ المجلس الاستشاری وعدم اعطائه دوراً قیادیاً علی المجلسین
- ایقاف قانون منح الجنسیة والتبعیة السیاسی
- اعطاء دوراً فاعلاً للشیعة فی مراکز اتخاذ القرار
کما ویطالب الاسقاطیون بجمیع هذه المطالبات الاّ أنهم یختلفون فی کفاحهم السیاسی مع الاصلاحیین.
المجتمع الشیعی الذی یتمتع بقیادة شیعیة موحدة ، یری نفسه قادراً علی التخنّدق خلف مرجعیته الشیخ عیسی قاسم کقیادة للمجتمع الشیعی.الشخص الذی کان ادائه خلال الاعوام الثلاثة المنصرمة اداءاً ریادیاً ورائعاً ومتوازناً یجعله ذات الاهلیة للزعامة والصدارة للشیعة فی البحرین. کما ولدیه القدرة علی جمع التیارات والحرکات الشیعیة خلفه فی إئتلاف قوی وفاعل.
لکن المشکلة لیست فی هذا الجانب وذلک لأن هذا الجانب البحرینی أثبت خلال الاعوام الثلاثة الماضیة إلتزامه بالسعی وراء الاصلاح. ولکن المشکلة لاتزال باقیة بعدم وثوق المعارضة البحرینة بنظام آل خلیفة وسیاساته الإستنزافیة بُغیة إنهاک وإتعاب الشعب البحرینی من مطالبته بحقوقه وتخلّیه عنها.
فلذا عرف الاصلاحیون بسیاسة و منهجیة نظام آل خلیفة مما استدعائهم للمطالبة باصول شاملة و دائمیة. وأنهم لن یقبلوا بالحلول المؤقتة کـ " تشکیل الحکومة" او " البرلمان" و " السلطة القضائیة" بسبب فقدان الثقة بالطرف الاخر. بینما الاسقاطیون یحاولون الوصول الی تغییرات جذریة واساسیة و سریعة ، تتباین فی مطالبها عن مایریده الاصلاحیون وهو ، المعارضة بشکل منتظم وتجمیع الشعب خلف مرجعیة دینیة واحدة فحسب.
السعودیة وحرب الإستنزاف فی البحرین
تسعی السعودیة الیوم أن تُخفی ندمها علی الخطأ الذی ارتکبته فی دخولها للبحرین. وأن جمیع المؤشرات تؤکد علی الإرهاق و التعب الذی طال القوات السعودیة عبر حرب الاستنزاف التی یخوضها ولم یصل الی نتائج منها. وقد کلفته الکثیر من الاموال وعرّضته للإنتقادات و التشکیک بقدراته فی الداخل السعودی.
وتأتی الخلافات داخل الاسرة السعودیة لکی تزید من الطین بِلـّة حیث الضغوط الدولیة و الداخلیة و الصراعات فی المنطقة و المفاوضات الایجابیة بین ایران والغرب ، جمیعها تتسبب بندم وقلق کبیر جرّاء تدخلها السافر فی شؤون البحرین.علاوة علی أن نظام آل خلیفة اصبح الیوم لایثق بحلیفه و شقیقه الاکبر وأنه یسعی عبر إستقطاب قوات باکستانیة و اردنیة أن یُعوّض عن الفشل السعودی فی قمعه للمعارضة البحرینة.
هذا فیما المجتمع الدولی علی خلاف تدخّله فی قضایا مماثلة فی بلدان اُخری ، لم یتدخل فی البحرین بصورة جدیة بسبب الحلف الموجود بین أمریکا بریطانیا مع نظام آل خلیفة. و بالنهایة توصلت بعض هذه المنظمات الی وجود إنتهاکات لحقوق الانسان فی البحرین ، وأن الحکومة البحرینة تقوم بقتل و قمعٍ للشعب البحرینی. وأن هذه الصراعات لیست طائفیة ،فلذا إستنکرت جمیع النشاطات المعادیة للشعب البحرینی ، و قامت بتغطیتها حیث شهد العالم تظاهرات مساندة و داعمة ً للشعب البحرینی فی شتی انحاء العالم کـ لندن وبیروت ودوبلین و جنیف و طهران واسطنبول ، کما وإقامة العدید من المؤتمرات التی تناولت الثورة البحرینیة.
ولایخفی علی أحد من أن الدعم الذی یتلقاه نظام آل خلیفة یأتی بسبب حضور الاسطول الخامس الامریکی فی البحرین ، وأن هذا البلد یُؤَمّن المصالح الامریکیة فی المنطقة. ویبقی الخوف لدی الغرب من أن یحضی الشیعة بزمام الامور فی البحرین ، مما لایدلّ علی عواقب قد لاتکون حسنة حسب مایعتقدون به. فتارةً نری امریکا تتخذ موقفاً إیجابیاً مسانداً للشیعة فی البحرین و تترک لبریطانیا حلیفها التأریخی الذی لم تقتصر فی نشاطاته علی التدریب و الدعم اللوجستی للحکومة البحرینیة لقمع المعارضة الشعبیة و أن یلعب الدور الداعم والمساند لنظام آل خلیفة. و تم ترک الادوار تتداول بین امریکا وبریطانیا ، فتاتی امریکا بعض الاحیان لکی تقف الی جانب المعارضة فی الظاهر کمساند وداعم للشعب البحرینی اعلامیا فحسب.