دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاثنين عشائر وسكان الفلوجة التي خرجت عن سلطة الحكومة الى طرد "الارهابيين" لتجنيب المدينة عملية عسكرية مرتقبة، في وقت يسيطر هدوء حذر على الفلوجة التي شهد محيطها اشتباكات جديدة.
ووجه المالكي، وهو القائد العام للقوات المسلحة، في بيان مقتضب نداء إلى "أهالي الفلوجة وعشائرها، بطرد الإرهابيين من المدينة حتى لا تتعرض أحياؤها إلى أخطار المواجهات المسلحة".
كما أصدر المالكي تعليمات الى قوات الجيش التي تحاصر المدينة "بعدم ضرب الاحياء السكنية في الفلوجة" التي شهدت على مدار الايام الماضية عمليات قصف من قبل القوات الحكومية اجبرت عشرات العائلات على مغادرتها.
وكان مسؤول حكومي عراقي أبلغ "فرانس برس" الأحد ان "القوات العراقية تتهيأ لهجوم كبير في الفلوجة وهي حتى الآن لم تنفذ سوى عمليات نوعية بواسطة القوات الخاصة ضد مواقع محددة". وأضاف "الجيش حالياً ينتشر في مواقع خارج المدينة ليسمح للسكان بالنزوح الى اماكن اخرى قبل شن الهجوم لسحق الارهابيين"، رافضا تحديد موعد بدء الهجوم.
وخسرت القوات الامنية العراقية السبت الفلوجة الواقعة على بعد 60 كلم فقط غرب بغداد بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في ايدي مقاتلين مرتبطين بتنظيم "القاعدة"، لتتحول من جديد الى معقل للمتمردين المتطرفين بعد ثمانية اعوام من الحربين الاميركيتين اللتين هدفتا الى قمع التمرد فيها.
ورغم تأكيد مسؤولين عراقيين ومصادر امنية رفيعة المستوى في الانبار لفرانس برس على ان مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" هم الذين يسيطرون على المدينة، قال الشيخ علي الحماد، أحد وجهاء الفلوجة "لا يوجد (مسلحون من) داعش في المدينة وجميعهم غادروها وهم اصبحوا خارجها".
وأضاف في تصريح عبر الهاتف من الفلوجة لـ"فرانس برس" ان "المسلحين في الداخل من ابناء العشائر وهم هنا للدفاع عنها وهم يرفضون اي ظلم وحيف يقع على سكانها، والاسواق اليوم مفتوحة والحياة طبيعية فيها".
وتمكن مقاتلو "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المعروف اختصارا باسم "داعش"، والعابر للحدود مع سورية، من السيطرة على الفلوجة وعلى بعض مناطق مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد) المجاورة، بحسب المصادر الامنية، رغم الحملة العسكرية التي تستهدف معسكراته منذ نحو عشرة ايام وتستخدم فيها الطائرات.
ويشكل خروج مدينة الفلوجة عن سلطة الدولة حدثاً استثنائياً نظراً الى الرمزية الخاصة التي ترتديها هذه المدينة التي خاضت معركتين شرستين ضد القوات الاميركية في العام 2004.
وتواصلت المعارك شمال المدينة وشرقها في وقت مبكر من صباح الاثنين، بحسب مقدم في الشرطة، فيما اكد شهود تعرض قاعدة طارق العسكرية القريبة من شمال المدينة للقصف من قبل مسلحين مناهضين للحكومة.
وفي الرمادي، دارت صباح الاثنين مواجهات بين الشرطة ومقاتلين من العشائر من جهة، والمجموعات المسلحة المرتبطة بتنظيم "القاعدة" التي لا تزال تسيطر على بعض احياء المدينة، وفقا لمراسل "فرانس برس".
وعادت المواجهات لتندلع مجددا في المساء بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم "داعش" عند اطراف المدينة، بحسب ما افاد رائد في الشرطة.
ووفقا لتقارير الحكومة العراقية ومصادر في وزارة الداخلية قتل اكثر من 200 شخص معظمهم من المسلحين على مدى الايام الثلاثة الماضية في المعارك في محافظة الانبار.
وقال مصدر عسكري لـ"فرانس برس" الاثنين ان "سبعة من عناصر القوات الخاصة المعروفة باسم الفرقة الذهبية اضافة الى مسلحين اثنين من العشائر التي تقاتل الى جانب هذه القوة قتلوا في معارك امس الاحد".
من جهتها، اعلنت وزارة الدفاع الاثنين ان "حصيلة خسائر التنظيمات الارهابية ليوم امس قتل 51 ارهابيا (...) ينتمون الى تنظيم داعش والقاعدة الارهابي على الخط السريع ضمن قاطع عمليات الانبار".
وهذه اسوأ اعمال عنف تشهدها محافظة الانبار السنية التي تتشارك مع سورية بحدود تمتد لنحو 300 كلم منذ سنوات وهي المرة الاولى التي يسيطر فيها مسلحون على مدن كبرى منذ اندلاع موجة العنف الدموية التي تلت الاجتياح الاميركي عام 2003.
اتصل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، مؤكدا له "وقوف اميركا إلى جانب العراق في معركته ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)".
وأصدر البيت الأبيض بيانا أعلن فيه عن "اتصال بايدن بالمالكي"، وذكر ان نائب الرئيس الأميركي شدد على "ان الولايات المتحدة تقف مع العراق في معركته ضد داعش".
وعبر بايدن عن "قلقه على العراقيين الذين يعانون على أيدي الإرهابيين"، مشيدا‹ ب"التعاون بين القوات الأمنية العراقية والقوات المحلية والقبلية في محافظة الأنبار".
من جهته أكد المالكي "أهمية العمل الوثيق مع القادة والمجتمعات السنية بالعراق بغية عزل التطرف".
واتفق الجانبان على استمرار تعميق الشراكة الأمنية الأميركية العراقية بموجب اتفاق إطار العمل الاستراتيجي بين البلدين.
يشار إلى أن القوات العراقية تنفذ حملة عسكرية واسعة في محافظة الأنبار غرب البلاد سعيا لاستعادة السيطرة على مناطق في المحافظة سيطر عليها مسلحون ينتمون لتنظيم القاعدة.
وأكد المالكي ان "العمليات ستستمر حتى إنهاء المظاهر المسلحة وإنقاذ أهل المحافظة".