الوقت - في مشهد يعيد إلى الأذهان كوابيس الماضي التي لم تندمل جراحها بعد، حذر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد من احتمال وقوع "اغتيال سياسي" داخل "إسرائيل"، نتيجة ما وصفه بـ"حملة تحريض ممنهجة" ضد رئيس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك"، رونين بار، الذي أقالته الحكومة مؤخرًا في خطوة أثارت عاصفة سياسية وقضائية غير مسبوقة.
وفي مؤتمر صحفي متوتر عُقد يوم الأحد في تل أبيب، أطلق لابيد تصريحًا مدويًا قائلاً: "لقد تم تجاوز الخط الأحمر، إذا لم نوقف هذا الجنون الآن، فإن اغتيالًا سياسيًا سيقع هنا، وربما أكثر من واحد، يهود سيقتلون يهودًا"، تصريح بدا كصرخة تحذير من رجل رأى المشهد يتكرر من جديد، ولكن هذه المرة، كما يقول، من داخل البيت ذاته.
رئيس الشاباك في عين العاصفة
الجدل تفجّر إثر قرار الحكومة إقالة رونين بار من رئاسة الشاباك، رغم أنّ المدعية العامة للدولة كانت قد طعنت في القرار، معتبرة أنه ينطوي على دلالات سياسية ويكشف عن "نزعة سلطوية خطيرة"، وقد دخلت المحكمة العليا على خط الأزمة، داعية إلى التوصل لتسوية بعد عطلة عيد الفصح اليهودي.
تُفيد تقارير إعلامية بأن بار يفكر في تقديم استقالته لتجنب التصعيد، لكن يبدو أن القضية لم تعد محصورة في المسار القضائي، بل خرجت إلى فضاء التحريض العلني.
لابيد: حملة منظمة وتحريض مقصود
يائير لابيد لم يتوقف عند التحذير فقط، بل كشف عن مضمون الحملة التي تطال بار، عارضًا لقطات من وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن تهديدات صريحة بالقتل، واتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالصمت بل وبالتحريض غير المباشر من خلال السماح لوزرائه بإطلاق تصريحات "خطيرة".
وذكر لابيد بشكل خاص بيان حزب "الليكود" الحاكم الذي اتهم بار بتحويل الشاباك إلى "ميليشيا خاصة للدولة العميقة"، وصف لابيد هذا البيان بأنه "مسموم وله تبعات مباشرة"، مضيفًا: "إنهم يعرفون تمامًا تأثير كلماتهم على مؤيديهم، ويستخدمون ذلك عمدًا".
وأضاف بحدة موجّهًا حديثه لنتنياهو: "الأمر متروك لك، أَسكِتْ وزراءك وابنك في ميامي، بدلًا من دعم التحريض، ادعم الشاباك وقوات الأمن والأجهزة التي تحافظ على بقاء هذا البلد".
شبح رابين يعود إلى الذاكرة
تحذيرات لابيد لا تنفصل عن ذاكرة دامية ما زالت تلقي بظلالها على "إسرائيل"، ففي عام 1995، اغتيل رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين على يد متطرف يهودي، بعد حملة تحريض شرسة اتُّهم نتنياهو حينها بالتغاضي عنها إن لم يكن بتغذيتها، واليوم، يبدو أن لابيد يلوّح بالسيناريو ذاته، محذرًا من "السكوت المتعمد" أمام موجة الكراهية التي قد تقود إلى "كارثة داخلية"، على حد تعبيره.
فشل أمني... ومسؤوليات ضائعة
رغم أن لابيد أقرّ بأن بار كان يجب أن يتحمل جزءًا من المسؤولية عن فشل جهازه في إحباط هجوم حماس في الـ7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والذي وصفه بأنه "غير مسبوق"، فإنه شدد في المقابل على أن ما يحدث الآن يتجاوز المحاسبة، ليدخل في دائرة الانتقام السياسي وتصفية الحسابات عبر أدوات التحريض.
جبهة داخلية مشتعلة وسط حرب بلا حسم
هذا التوتر الداخلي يأتي في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للكيان الصهيوني، الذي يخوض منذ أكثر من عام ونصف حربًا مفتوحة في قطاع غزة دون أن يحقق "حسمًا" عسكريًا أو سياسيًا، فيما تتبادل الأطراف السياسية، سواء في الحكم أو المعارضة، الاتهامات بشأن الفشل في إدارة الحرب ومنع الهجوم الأولي في أكتوبر 2023.
ويبدو أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية لم تعد أقل اشتعالًا من جبهات الحرب، بل لعلّها، كما حذر لابيد، على شفا انفجار قد يعيد تشكيل المشهد السياسي الإسرائيلي بأكمله.