الوقت- أعلن نتنياهو مراراً وتكراراً أنه لا يبحث عن "خطة الجنرالات" في غزة، لكن الحقائق على الأرض تشير إلى أن نتنياهو تحول إلى خطط مشابهة لهذا النموذج ويريد إنشاء مناطق عازلة في قطاع غزة لجعل هذا القطاع مثل البنك وتقسيمه إلى عدة كانتونات.
واتخذت تل أبيب خطة للسيطرة على قطاع غزة وإقامة عدة محاور في المنطقة وجعل هذه المنطقة خالية من الأسلحة ومن حماس من خلال اللجوء إلى المعدات المتطورة وقوات أمنية وعسكرية، ولكن ما هي تفاصيل الخطة التي يجب الاطلاع عليها وهل سيتمكن نتنياهو من تهميش حماس؟، الأمر الذي يبدو صعبا للغاية وربما مستحيلا، لكن ما هي هذه الخطة وما تفاصيلها؟
ما هو الدليل على خطة "إسرائيل" الجديدة؟
يقوم جيش الاحتلال ببناء شبكة طرق على طول قطاع غزة ويبلغ عرض بعض الطرق في قطاع غزة عدة كيلومترات وتوجد أيضًا منطقة عازلة على طول حواف الشريط ويتم التحكم بهذه الطرق عن طريق نقاط التفتيش وأبراج المراقبة والقواعد وأدوات المراقبة الأخرى وستستخدم "إسرائيل" هذه المحاور الإستراتيجية لمراقبة كل نقطة في غزة دون الحاجة إلى احتلال المنطقة بأكملها.
كيف تريد "إسرائيل" السيطرة على حماس؟
هدف "إسرائيل" هنا هو غزة ما بعد الحرب وتريد "إسرائيل" الرد عندما تخرج حماس من تحت الأرض لإطلاق صواريخها.
ماذا سيحدث للمدنيين الفلسطينيين؟
سيتمكن المدنيون الفلسطينيون من العودة، لكنهم سيعيشون في مناطق أصغر وسيتم فصل مناطقهم عن بعضها البعض وتشبه هذه الخطة خطة "إسرائيل" في الضفة الغربية، والتي حولت هذه المنطقة إلى أجزاء (أ) و(ب) و(ج)، وتخضع كل منطقة للمراقبة.
ماذا سيحدث لغزة؟
سيتم تقسيم غزة إلى 4 مناطق:
منطقة شمال غزة الأولى: بيت لاهيا، وبيت حانون، وجباليا، ويفصلها محور ضيق عن وسط غزة.
المنطقة الثانية وسط غزة: من المنطقة الشمالية حتى ممر نتساريم.
المنطقة الثالثة: الوسط والجنوب ومدن مثل رفح وخانيونس ودير البلح.
المنطقة الرابعة: من بداية البحر في محور فيلادلفيا وحتى كل المناطق الحدودية للأراضي المحتلة وغزة وبعمق 5 كيلومترات.
ما هي المحاور التي ستنشئها "إسرائيل" وتسيطر عليها؟
1- فيلادلفيا:
ويبلغ طوله حوالي 14 كيلومترًا وعرضه 100 متر، وهو يفصل بلدية رفح في قطاع غزة عن منطقة سيناء المصرية.
ويمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى معبر كرم أبو سالم، الذي يمثل نقطة التقاء غزة مع مصر و"إسرائيل" ويضم هذا المحور معبر رفح الذي يمثل المعبر الوحيد بين مصر وغزة، واستعادت "إسرائيل" السيطرة على هذا المحور في مايو 2024 بعد بدء الحرب الحالية، ويقول نتنياهو إن عدم سيطرة "إسرائيل" على محور فيلادلفيا يسمح لحماس بإعادة التسلح، ويقول المصريون إن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي الضخم في المنطقة يشكل انتهاكاً لمعاهدة عام 1979، كما تم إنشاء ممر داود في رفح على يد المحتلين موازياً لمحور فيلادلفيا.
2- محور نتساريم
ويبلغ طول محور نتساريم 6 كم وعرضه 2 كم وتمتد من حدود فلسطين المحتلة إلى البحر الأبيض المتوسط ويقسم هذا الممر غزة إلى قسمين منفصلين تماما وكانت نتساريم إحدى المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في القطاع قبل الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، وقد يفكر الإسرائيليون في إحياء الجهود لبناء مستوطنات جديدة داخل غزة ويتكون محور نتساريم من خمس قواعد عسكرية أمامية على الأقل لمراقبة السكان والتحكم في حركتهم بين شمال وجنوب غزة.
3- محاور تحت الإنشاء:
تحاول حكومة الاحتلال الإسرائيلي حاليًا إنشاء منطقة عازلة ثالثة، وسيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على ميناء خان يونس، وقام الإسرائيليون بإخلاء الأراضي الممتدة حتى كيسوفيم وتجريفها، ومن المرجح أن يتم إنشاء محور جديد من هذه المنطقة، والتي تعتبر من أضيق مناطق قطاع غزة، كما يجري الحديث عن بناء محور خامس لفصل مدينة بيت حانون عن مدينة غزة وإنشاء جيب صغير في غزة يمكن تخصيصه لجهود إعادة التوطين الإسرائيلية، ويعتزم المحتلون الإسرائيليون تحويل غزة إلى حوض مائي تحت المراقبة من جميع الجهات.
إن نتنياهو ملتزم بإنشاء محورين، ومحور ثالث قيد الإنشاء حاليا وبالإضافة إلى المحورين الآخرين، يسعى جيش الاحتلال إلى فرض نمط الحياة في غزة بشكل دائم من خلال استخدام هذين المحورين، وستتحول المحاور المذكورة إلى مغناطيسات تعمل على تحييد الهجمات المستقبلية من قطاع غزة
هل الخطة العامة مشابهة لهذه الخطة؟
وفي هذه الخطة، دعا الجنرال آيلاند إلى الطرد الكامل للفلسطينيين من المحور الشمالي لنيتساريم والسمة الثانية البارزة لهذه الخطة، من وجهة نظر آيلاند، ستكون الإنهاء النهائي للصراعات وإطفاء النار على الجبهة الشمالية لغزة، كما أن شمال قطاع غزة مهم جدًا بالنسبة لـ"إسرائيل" من الناحية الأمنية، وهذه المنطقة تضم مخيم جباليا للاجئين ويريدون أن يكون خاليا.
هل تبحث "إسرائيل" عن المستوطنات في غزة؟
وول ستريت جورنال: سجلت ما لا يقل عن 700 عائلة صهيونية للعيش في المناطق المحتلة بغزة ولإقامة المستوطنات الصهيونية في هذه المناطق، وبدأت الحركة الصهيونية المذكورة التخطيط لإنشاء ست مستوطنات صهيونية في غزة، وشارك ما لا يقل عن 12 وزيرا و15 عضو كنيست من النظام الصهيوني في مؤتمر "الاستيطان في غزة وشمال الضفة الغربية" وأعلنوا تأييدهم لاحتلال هذه المناطق.
“صُنع حوض أسماك”
تتمثل خطة “إسرائيل” النهائية لغزة في تفكيك حماس وضمان ألا تستطيع بناء قدراتها من جديد، والسيطرة على محور فيلادلفيا ضروري لتحقيق هذه الخطة، لكن هذا ليس كل شيء، فإذا نظرنا شمالاً؛ سنجد محور نتساريم الذي أُنشئ نتيجةً للاشتباكات الجارية، حيث يصل طول محور نتساريم إلى 6 كم وبعرض كيلومترين، ويمتد من الحدود الإسرائيلية وصولاً إلى البحر المتوسط، وتشير إعادة استخدام الاسم إلى احتمال تفكير الإسرائيليين في إعادة إحياء جهود بناء مستوطنات جديدة داخل غزة، وورد هذا على ألسنة عددٍ من كبار الوزراء الإسرائيليين، مثل بن غفير، ويشير بناء هذه المواقع، والتجريف المكثف للأراضي القريبة، إلى أن القوات الإسرائيلية لا تنوي الرحيل.
وبعد أن تهدأ الاشتباكات ويعود المدنيون الفلسطينيون إلى منازلهم، أو ما تبقى منها، وستظل "إسرائيل" متحكمة في حياة غزة، وذلك دون الحاجة لاحتلال الأرض بالكامل، وقد أعلن نتنياهو أن “إسرائيل” لن تنسحب من محوري فيلادلفيا ونتساريم -وحتى معبر رفح- بموجب أي اتفاق هدنة، بينما يرفض الدبلوماسيون الفلسطينيون هذه المناطق العازلة في كلا المحورين، ويجادلون بأن نتنياهو أضافها إلى نقاط التفاوض لعرقلة محادثات وقف إطلاق النار، هذه هي العقبة الأساسية في طريق اتفاق الهدنة الآن.
ويعاني الأمريكيون أنفسهم بسبب نقاط التفاوض الجديدة، إذ لم تتحدث خطة بايدن للمفاوضات، وحتى قرارات مجلس الأمن، عن أي وجود إسرائيلي في محوري فيلادلفيا ونتساريم، لكن نتنياهو ماضٍ في طريقه، فمن دون تطبيق صارم، لن تكون القوانين أكثر من مجرد توصيات مهذبة.
وفي هذه الأثناء، تعمل الحكومة الإسرائيلة على إنشاء منطقة عازلة ثالثة، حيث سيطرت القوات الإسرائيلية على ميناء خان يونس وأخلت وجرَّفت الأراضي الممتدة وصولاً إلى مستوطنة كيسوفيم وجرى تدمير البنايات وتمهيد غالبية الأرض هناك.
ومن المرجح إنشاء محورٍ جديد يمر عبر هذه المنطقة التي تُعد من أضيق مناطق قطاع غزة، وسيربط هذا المحور القوات الإسرائيلية بمدينة خان يونس مباشرةً، ما سيسمح بنشر الجنود الإسرائيليين على الأرض خلال دقائق، ولم يتحدد عرض محور كيسوفيم بعد، لكن يبدو أنه سيكون مشابهاً لمحور نتساريم، وعن طريق المناطق العازلة الثلاث، فيلادلفيا ونتساريم وكيسوفيم، سينقسم قطاع غزة إلى ثلاثة أجزاء فعلياً، لكن الخطة لا تتوقف عند هذا الحد.
ففي أغسطس/آب 2024، قالت منظمة أطباء العالم: إن قوات الاحتلال في المنطقة الإنسانية نقلت الفرق المدنية والإغاثية إلى مكانٍ آخر ما أدى لتقليص مساحة المنطقة الآمنة، ومن المحتمل أن “إسرائيل” تخطط لبناء محورٍ قُطري آخر هنا بين بلديتي رفح وخان يونس، وستُعزز هذه الخطوة سيطرة الاحتلال على تحركات الناس والبضائع عبر فصل معبر رفح عن خان يونس.
وبناءً على نتيجة الاشتباكات والمفاوضات، قد يشهد هذا المحور مجهول الاسم بناء منشآت عسكرية إسرائيلية جديدة لاحقاً، وهناك حديثٌ عن بناء محورٍ خامس لفصل بلدة بيت حانون عن مدينة غزة، وسيؤدي هذا المحور القُطري الخامس إلى تكوين جيبٍ صغير يُمكن تخصيصه لجهود إعادة الاستيطان الإسرائيلية.
لقد تحرك الاحتلال بأسلوب بعيد المدى في معركته ضد حماس، وربما يرى البعض أسلوبها بطيئاً، لكنه يعمل على تحويل حماس من جيش يستطيع إطلاق ألف صاروخ في الساعة، إلى حركة تمرد لا تطلق سوى عشرة صواريخ في المناسبات، ويحتاج الإسرائيليون الآن لمنع حماس من تجميع صفوفها وتجديد مخزونها.