الوقت- أعربت المصادر القانونية للكيان الصهيوني، عن قلقها من تبعات إصدار مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت، مشددة على ضرورة انتظار مذكرة الاعتقال للعديد من ضباط وجنود الجيش أيضا، وهذا له أثر سلبي كبير ذلك على دعم حلفاء "إسرائيل" الغربيين.
ولقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس الماضي، مذكرة اعتقال ضد “بنيامين نتنياهو” رئيس وزراء الكيان الصهيوني والوزير يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، وأعلنت أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت ارتكبا جريمة، وأعربت وسائل الإعلام والدوائر الدولية، وخاصة الصهيونية، ومصادر باللغة العبرية عن القلق بشأن عواقب هذا الحكم على جميع الإسرائيليين.
ووصف خبراء قانونيون في الكيان الصهيوني قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وجالانت بالمأساة الكبرى وأعربوا عن قلقهم من أن عواقب هذا القرار ستؤثر على دعم حلفاء "إسرائيل"، وخاصة على مستوى الأسلحة، ويشكل هذا الحكم زلزالاً كبيراً ستكون له عواقب كثيرة على طريقة تعامل الدول الحليفة لـ"إسرائيل" معه، لأن هذه الدول مطالبة بالامتثال لقرار المحكمة الجنائية الدولية.
أفيشاي جرينزيج، محلل الشؤون القضائية في قناة 24 نيوز التابعة للكيان الصهيوني، أعلن في هذا السياق أن مذكرة الاعتقال بحق جالانت ونتنياهو لها عواقب دولية كبيرة على "إسرائيل"، وهذه قضية مهمة للغاية، وهي مثل كرة الثلج السياسية التي تكبر يوما بعد يوم، وعندما تثار بعض الادعاءات ضد "إسرائيل" ويكون قرار المحكمة الجنائية الدولية بأن "إسرائيل" ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فهذا حدث مهم ضد "إسرائيل" وله تأثير كبير على دعم الأسلحة من حلفاء "إسرائيل".
وقال “أفيغدرو فيلدمان”، المحامي والخبير في الشؤون القانونية للكيان الصهيوني: إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ليس قرارا معاديا للسامية؛ بل كان قرارًا قضائيًا مهمًا ونحن أمام كارثة كبيرة.
احتمال إصدار مذكرة اعتقال بحق ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي مرتفع
قال "ألون بن دافيد" المحلل العسكري الصهيوني البارز: "المشكلة الإسرائيلية الرئيسية الآن فيما يتعلق بعواقب أمر اعتقال نتنياهو وغالانت هي تأثير هذا الأمر على الجيش، لأننا نرى أن العديد من المنظمات المناصرة للفلسطينيين تكشف هويات الجنود والضباط الإسرائيليين الذين شاركوا في الحرب من خلال مقاطع فيديو على الإنترنت، وقد تم الكشف عن هويات عشرات الآلاف من الجنود، وهذا الموضوع يضعهم أمام أوامر الاعتقال، وهذا يعني أنه في المرحلة المقبلة لن يتمكن العديد من الإسرائيليين من السفر إلى 124 دولة في العالم".
نتنياهو وغالانت مسجونان في "إسرائيل"
من جهة أخرى، وفي رد فعل على صدور مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت من قبل المحكمة الجنائية الدولية، أعلنت وسائل الإعلام العبرية أن هذين الشخصين مسجونان في "إسرائيل" (فلسطين المحتلة) ونتنياهو اليوم تمت الإطاحة به.
وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية بأن المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بالقلق من إمكانية إصدار مذكرات اعتقال إضافية سراً ضد مسؤولين إسرائيليين آخرين؛ لأن المحكمة الجنائية الدولية تعتقد أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين متورطون في جرائم حرب وكذلك سياسات إجرامية مثل تجويع سكان غزة.
وحسب هذا الإعلام الصهيوني، على الرغم من أن نتنياهو يمكنه السفر إلى أمريكا؛ لكن من المتوقع أن تكون هناك مشاكل فيما يتعلق برحلته إلى أمريكا، لأن بعض الدول قد لا تسمح لطائرة نتنياهو بالمرور في أجوائها. ومن ناحية أخرى، فإن الإجراء المعتاد في الأمم المتحدة هو أنه لا يمكن دعوة زعيم مثل نتنياهو في وضعه الحالي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن جانبه أعلن البروفيسور “مردخاي كيرمينستر”، الخبير القانوني للكيان الصهيوني في مقال لصحيفة هآرتس العبرية أن على جميع الإسرائيليين أن يدفعوا ثمن تصرفات نتنياهو وإصدار مذكرة اعتقال بحقه بقوة يضعف "إسرائيل".
وأضاف هذا الخبير القانوني الصهيوني: أيضًا، حتى لو تقدم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وغيره من زعماء العالم بطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وجالانت لعزلهما، فإنهما يضعفان "إسرائيل"، وليس لهذه القضية أي تأثير على تعزيز مكانة "إسرائيل" الدولية بين الدول الأعضاء في هذه المحكمة، وإن المسؤولية القضائية لنتنياهو وغالانت عن الجرائم التي ارتكباها قد تبدو وكأنها مسؤولية شخصية، لكن الواقع هو أن عواقب أفعالهما تؤثر على مستويات مختلفة في "إسرائيل".
وأوضح أن غالانت ونتنياهو القادة المنتخبون في "إسرائيل"، وبالتالي إصدار مذكرة اعتقال بحقهم، يعرض جميع الإسرائيليين للتهمة، وحاليا، يتضمن ملف التحقيق ضد نتنياهو وجالانت، والذي فتحه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، تصريحات وزراء ومسؤولين إسرائيليين يؤيدون التهم الموجهة ضد هذين الشخصين، وإذا كانت اتهامات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن تجويع سكان غزة وحرمانهم من الوصول إلى الأدوية والمعدات الطبية والوقود والكهرباء صحيحة، فلا يمكننا أن ندعي أن هذه الاتهامات الموجهة ضد غالانت ونتنياهو مثيرة للدهشة.
وفي بقية مقاله، تم التأكيد على أن إحدى العواقب الحتمية لاستمرار الاحتلال والسيطرة على أراضي السكان الأصليين لمنطقة ما، تجعل الطرف المحتل في وضع حرج، موقف يجعل العدو أقل شأنا ويخلق فيهم طريقة تفكير مفادها بأنهم لا يستطيعون أخذ حقوقهم من العدو المحتل إلا بالقوة، ويتفاقم الوضع عندما يتحول الاحتلال من مؤقت إلى دائم؛ تماماً كما تفعل "إسرائيل" التي سلبت الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير.
وقال الخبير القانوني الصهيوني المذكور: "إن مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت صدرت في وقت مهم جداً، ومن غير الواضح حاليًا ما الذي يحدث بالضبط في شمال قطاع غزة، ولكن ليس من المستبعد أن ترتكب إسرائيل جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية في المنطقة من أجل تنفيذ مشروعها الاستيطاني في شمال غزة والذي ستكون نتيجته مذبحة بحق عدد كبير من الفلسطينيين، لذلك، ينبغي اعتبار مذكرة اعتقال نتنياهو بمثابة تحذير جدي".
لا ينبغي لـ"إسرائيل" الاعتماد على تصرفات ترامب ضد المحكمة الدولية
ومن ناحية أخرى، وحسب صحيفة “هآرتس” نقلاً عن “عيران شامير بورير”، أعلن الرئيس السابق لدائرة القانون الدولي في الكيان الصهيوني، أنه مع بدء تحقيق مستقل ضد مسؤولين إسرائيليين في مايو الماضي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، أدى سلوك مجلس الوزراء إلى هذه الجهود، لمنع إصدار أمر القبض ولكي تفشل السلطات الإسرائيلية في هذا التحقيق.
وأضاف: "مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت مرتبطة بالأحداث التي استمرت حتى عندما قدم المدعي طلباً لإصدار هذه المذكرة، إن إصدار مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ما هو إلا البداية، ولا يمكن تجاهل تأثيره على استمرار الحرب، وخاصة بالنظر إلى الأحداث التي تجري في شمال غزة، قضاة المحكمة الجنائية الدولية يعلنون بوضوح أنه حتى عندما تصدر مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، فإن جرائمهم تستمر، دعونا نأمل ونعتمد على مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت، وربما يكون قرار المحكمة الجنائية الدولية بداية لإعلان حظر الأسلحة على إسرائيل من قبل الدول الغربية ودعم الشكاوى والتحقيقات الجنائية العديدة التي تجريها هذه الدول ضد الجنود والضباط الإسرائيليين؛ كما يحدث الآن في كثير من دول العالم، ويجب أن نضع في اعتبارنا أن المحكمة الجنائية الدولية قد بدأت تحقيقًا مستقلاً حول الأحداث في الضفة الغربية، وخاصة المستوطنات والأنشطة الأخرى التي تقوم بها إسرائيل في هذه المنطقة".