الوقت- منذ اليوم الأول للجريمة الصهيونية في قطاع غزة والمستشفيات والكادر الطبي كان في مقدمة المستهدفين، وقد دخل الاحتلال مرحلة جديدة تتمثل في التهديد بالقتل، وإخلاء المستشفيات، فلم يتبق في شمال غزة أي مستشفى أو مؤسسة صحية عاملة، حيث خرجت كل المنظومة الصحية عن العمل بخروج آخر مستشفى وهو "كمال عدوان" الذي اقتحمه الاحتلال ولا معلومات عن كادره الطبي ومرضاه.
بدوره، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل مسؤولية حياة عشرات الأطفال والمرضى والجرحى وأفراد الطواقم الطبية الذين يحتجزهم بعد اقتحام مستشفى كمال عدوان.
وقال المرصد في بيان: إنه تلقى معلومات أن قوات الاحتلال فصلت الرجال عن النساء والأطفال، وبدأت بإخضاع جميع من تزيد أعمارهم على 13 عاما للتحقيق والتنكيل -بمن في ذلك أفراد الطواقم الطبية- والاعتداء عليهم.
السؤال الذي يطرح نفسه متى يشعر العالم وداعمو الكيان الغاصب بالخجل من خذلانهم للإنسانية ودعمهم للمجرم النازي؟ كيف يسمح العالم لنفسه بأن يقف متفرجًا على أبشع إبادة جماعية، وأوسع عملية ممنهجة لتدمير النظام الصحي، وقتل واعتقال الجرحى والمرضى والطواقم الطبية من دون أن يحرك ساكنًا مع منع دخول المساعدات الإنسانية إلى الشمال؟
مستشفى كمال عدوان يقاوم
كان صمود هذا المستشفى وكوادره الطبية في الحرب الغاشمة كصمود المقاومون على الجبهات إلى أن أعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس فقدان الاتصال مع طاقم المستشفى الذي اقتحمه الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة الماضي واحتجز داخله مرضى وكوادر طبية ونازحين، في ظل عملية إبادة يتعرض لها شمال غزة منذ 21 يوما.
وقال غيبريسوس: إن منظمة الصحة فقدت الاتصال مع الطاقم الموجود في مستشفى كمال عدوان، ووصف ما يحدث في المستشفى بأنه تطور مقلق للغاية، لأن الموقع مكتظ بنحو 200 مريض يعانون من إصابات مروعة، وفيه المئات من الأشخاص الذين لجؤوا إليه طلبا للحماية.
من الجدير بالذكر وحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن العدد الإجمالي للأشخاص داخل المستشفى يبلغ 600 شخص، يشمل المرضى والجرحى والطاقم الطبي والمرافقين، مشيرة إلى أن عدد المرضى والجرحى حاليا هو 195، في حين يبلغ عدد الطاقم الطبي 70، وقد أُصيب 3 ممرضين وعامل نظافة خلال الأحداث الجارية.
وضع كارثي يعيشه شمال القطاع
أكدت منظمة الصحة العالمية أن الوضع كارثي شمال قطاع غزة، وأن أكثر من 15 ألف شخص يحتاجون للعلاج خارج القطاع، ويتواصل التوغل والقصف الإسرائيلي لمناطق مختلفة من محافظة شمال غزة، بالتزامن مع استمرار مساعي الجيش لإفراغ المنطقة من ساكنيها عبر الإخلاء والتهجير القسري.
وفي الـ 5 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمال القطاع، قبل أن يجتاحها في اليوم التالي بذريعة منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة، بينما يقول الفلسطينيون إن "إسرائيل" ترغب في احتلال المنطقة وتهجير سكانها.
وأكد مدير منظمة الصحة أن الوصول إلى المستشفيات في جميع أنحاء غزة "أصبح أكثر صعوبة بشكل لا يصدق ويعرّض موظفينا للخطر"، وقبل فقدان الاتصال به قال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان للجزيرة إن عددا من العاملين في الطاقم الطبي بالمستشفى أصيبوا نتيجة القصف الإسرائيلي. وأضاف أبو صفية إن المستشفى كان ينتظر وصول المساعدات الطبية، لكن بدل ذلك وصلته الدبابات.
جريمة حرب بدعم أمريكي
في سياق استمرار الدعم الأمريكي لجرائم الاحتلال الصهيوني اعتبرت حركة حماس اقتحام الجيش الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان "جريمة حرب بدعم أمريكي".
وقالت الحركة في بيان "اقتحام جيش الاحتلال مستشفى كمال عدوان بمشروع بيت لاهيا وفرض حصار عليه واعتقال المرضى والجرحى والطواقم الطبية والعائلات النازحة واقتيادهم إلى جهة مجهولة يعد جريمة حرب وانتهاكا صارخا للقوانين الدولية".
وأضافت "تواصل حكومة الاحتلال الصهيوني ارتكابها حرب الإبادة شمال قطاع غزة غير مكترثة بأي تداعيات، في ظل الدعم والحماية الكاملة التي توفرها الإدارة الأمريكية لها".
وأشارت إلى أن "ما يجري شمال غزة من مجازر وقصف إجرامي مركز على المنازل ونسف مربعات سكنية على رؤوس قاطنيها، مما أدى إلى استشهاد العشرات من الأبرياء -جلهم من الأطفال والنساء- هو إمعان صهيوني في حملة التطهير العرقي".
ودعت الحركة قادة الدول العربية والإسلامية إلى "تحمّل مسؤولياتهم تجاه حماية شعبنا وعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة، والتحرك لوقف ما يتعرض له من حرب إبادة وتطهير عرقي".
وحمّلت حماس المجتمع الدولي ومؤسساته "المسؤولية السياسية والأخلاقية عن استمرار هذه الجرائم والانهيار القيمي الناتج عن الانتهاكات المتواصلة للقوانين الدولية".
عقيدة تدمير المنظومة الصحية
لم تتوقف منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تحذيرات المنظمات الإنسانية والمؤسسات الدولية من خطر انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة، ووصولها إلى مرحلة العجز أمام القيام بأبسط المهام المتمثلة بإنقاذ الحياة، وفي المقابل، كان الاحتلال يختلق ما يبرر حربه على المستشفيات والمراكز الصحية والأطقم الطبية والمسعفين، وحتى المرضى والمرافقين لهم، والنازحين المقيمين في المؤسسات الصحية، بقطاع غزة".
اختلقت حكومة الاحتلال وجيشه الأكاذيب وحاولت أن تنسب القصف والتدمير اللذين يستهدفان المستشفيات تارة إلى فصائل فلسطينية، كما حدث بعد قصف مستشفى الأهلي العربي "المعمداني"، في الـ 17 من تشرين الثاني/ أكتوبر 2023، وتارة أخرى، كان الاحتلال يزعم أن حصار واقتحام مستشفيات كمجمع الشفاء والمستشفى الإندونيسي، ناجمان عن استخدامها من طرف حركات فلسطينية لأغراض عسكرية أو لوجود أنفاق أسفلها، لكنها لم تنجح في إقناع الرأي العام العالمي، ولا حتى بعض وسائل الإعلام الغربي، التي عادة ما كانت تتبنى الرواية الإسرائيلية".
المنظومة الصحية الفلسطينية في قطاع غزة كانت هدفا أساسيًا لآلة الحرب الإسرائيلية الى جانب تدمير البنى التحتية والمرافق والمؤسسات الخدمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية بما فيها مؤسسات الأمم المتحدة، كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
واليوم ها هو العالم وعلى الهواء مباشرة يشهد انهيار المنظومة الصحية في شمال غزة دون أن يتحرك !