الوقت- أضرم حزب الله اللبناني منذ صباح الأحد النار في مناطق مختلفة من حيفا بصواريخ فادي 1 وفادي 2 مع هجماته الساحقة على المراكز الحساسة للكيان الصهيوني، بما في ذلك رامات دافيد، القاعدة الجوية ومجمع رافائيل الصناعي العسكري.
وكانت هذه العمليات رداً أولياً على الجريمة الإرهابية الإلكترونية التي ارتكبها كيان الاحتلال في لبنان، والتي خلفت عشرات الشهداء وآلاف الجرحى.
حزب الله لا يعرف خطا أحمر في الرد على العدوان الإسرائيلي
وهذه هي المرة الأولى التي تصل فيها صواريخ حزب الله إلى هذا العمق من فلسطين المحتلة، التي تبعد عن لبنان 50 كيلومترا، كما استهدفت منازل صهيونية، وكما حدث في كريات بياليك شمال حيفا، وكما أوردت وسائل الإعلام الصهيونية، فإن نحو مليوني مستوطن صهيوني كانوا في مرمى هجمات حزب الله، ما خلق الكثير من الرعب في صفوف الإسرائيليين.
وتأتي هجمات حزب الله هذه رداً على استهداف جيش كيان الاحتلال للمدنيين اللبنانيين خلال الأسبوع الماضي؛ ولا سيما الجريمة الإرهابية التي ارتكبها هذا الكيان يوم الجمعة في ضواحي بيروت، واستشهد حتى الآن أكثر من 50 شخصاً في جريمة العدو هذه، وأعلنت إذاعة الجيش الصهيوني أن حزب الله استهدف موقعه المنشود بعناية وأرسل الرسالة التي يريد إيصالها.
ترجمة عملية لمعادلة السيد حسن نصرالله للاجئين الصهاينة
أعلنت مصادر مطلعة في حديث مع موقع النشرة اللبنانية أن تركيز حزب الله على استهداف حيفا يعني الرد المتبادل على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف المناطق الداخلية من لبنان، وخاصة ضواحي بيروت، وضرب حزب الله بيوت الصهاينة بصواريخه كان أيضاً في إطار هذا الرد المضاد وأراد أن يوصل رسالة للصهاينة مفادها بأنهم إذا انتهكوا الخطوط الحمراء فإن حزب الله أيضاً سيتجاوز قواعد الصراع.
وأفادت هذه المصادر بأن حجم الدمار الذي لحق بالمراكز والمنازل الصهيونية يظهر أن حزب الله يمتلك صواريخ فعالة، بما في ذلك صواريخ فادي، وأطلق حزب الله هذه الصواريخ بعد ساعات من إعلان تل أبيب تدمير مواقع إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله وإطلاقها باتجاه حيفا.
وأوضحت المصادر المذكورة أن رد حزب الله على الصهاينة كان مؤلماً للغاية بالنسبة لتل أبيب؛ لأنه تم ذلك في وضع كان فيه كيان الاحتلال سعيدًا جدًا بعد اغتيال العديد من قادة حزب الله واعتقد أنه أفسد هيكل قيادة المقاومة اللبنانية، لكن الهجمات الساحقة لحزب الله دمرت كل حسابات العدو الصهيوني.
وتابعت هذه المصادر المطلعة التأكيد بالقول: لكن الأهم من ذلك، أن حزب الله هو الهدف الأكبر لكيان الاحتلال في الهجوم على لبنان، الذي ناور به كثيرا، وتحدث عنه بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء هذا الكيان، بكل فخر، أي إن عودة اللاجئين الصهاينة إلى المستوطنات الشمالية لفلسطين المحتلة باءت بالفشل.
وحسب هذا التقرير، فقد نفذت معادلة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الذي أكد أن تصعيد العدوان الصهيوني على لبنان يعني زيادة أعداد اللاجئين الصهاينة في الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة؛ حيث ارتفع عدد المناطق والمستوطنات غير الآمنة في شمال الأراضي المحتلة، والآن بدلاً من 250 ألف نسمة، هناك 500 ألف صهيوني في المناطق غير الآمنة يفضلون مغادرة المدن القريبة من حيفا والذهاب إلى المناطق الوسطى.
رفع السيد حسن نصر الله، في كلمته، الخميس، بعد الهجوم الإرهابي السيبراني الذي شنه كيان الاحتلال على لبنان، مستوى تحديات الكيان الصهيوني ومخاوف هذا الكيان من رد حزب الله في عدة مجالات، وشدد أولاً على أنه مهما كان الأمر وإذا حدث ذلك فإن مقاومة لبنان ستقدم الدعم لغزة، وهي في مكانها ولا يمكن لأي شيء أن يدمر إرادة حزب الله في دعم الشعب الفلسطيني.
وبعد ذلك اختتم الأمين العام لحزب الله حجته وأكد للصهاينة أنهم لن يتمكنوا أبداً من إعادة المستوطنين الذين يعيشون في الجزء الشمالي من فلسطين المحتلة، والذين هجروا هذه المستوطنات بسبب الخوف من عمليات حزب الله، مع استمرار العدوان العسكري على لبنان.
كما حذر السيد حسن نصر الله الصهاينة من أن التوجه نحو عملية عسكرية واسعة النطاق في جنوب لبنان يعني زيادة أعداد اللاجئين الصهاينة في شمال الأراضي المحتلة، وحزب الله ينتظر أن يلقن الجيش الإسرائيلي درسا جيدا في جنوب.
حزب الله يغير قواعد الصراع
كما أن استهداف حزب الله لمناطق حساسة جداً، أي قرب المنشآت الحيوية العسكرية والجوية لكيان الاحتلال، يعني أن المقاومة اللبنانية لم تعد تعتبر نفسها ملزمة بالامتثال لقواعد الصراع في مواجهة العدو الصهيوني، وهذا تحذير خطير للصهاينة يتعلق بالمراحل المستقبلية للحرب.
ومن أهم الرسائل التي بعثت بها هجمات حزب الله أمس، أن المقاومة اللبنانية لديها القدرة على تحقيق إنجازات عسكرية كبيرة ضد "إسرائيل"، وتستطيع اختراق أي جزء من الأراضي المحتلة تريد، وإذا تصرف الكيان الصهيوني بحماقة وينوي التوسع إذا هناك حرب، جبهة جنوب لبنان ستتحول من جبهة دعم غزة إلى جبهة هجومية كبيرة ضد "إسرائيل".
لكن هذه العمليات الساحقة لحزب الله كان لها صدى كبير في وسائل الإعلام، وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي، ونشرت العديد من وسائل الإعلام في العالم مقاطع أظهرت حجم الأضرار التي لحقت بالمستوطنات الشمالية لفلسطين المحتلة نتيجة صاروخ حزب الله.
3 أهداف رئيسية لحزب الله في قصف حيفا الصاروخي تحققت
ورداً على هذه المشاهد، اعتقد المستخدمون أن حزب الله يحاول تحقيق عدة أهداف بهجماته أمس:
- الهدف الأول هو أن حزب الله أراد أن يقول إنه دخل مرحلة هجومية ضد "إسرائيل"، أخذ فيها زمام المبادرة ووسع نطاق عملياته وكثافتها.
- وعلى هذا الأساس كان الهدف الثاني لحزب الله هو إدخال حيفا في نطاق المعركة ضد العدو الصهيوني، وأرادت المقاومة اللبنانية أن تؤسس لمعادلة جديدة تضع بموجبها نتنياهو تحت المزيد من الضغوط ضد اللاجئين الصهاينة في الشمال "فلسطين المحتلة"، وتثبت أن توسيع الحرب، خلافاً للوعد الذي قطعه نتنياهو لسكان الشمال، لن يؤدي فقط إلى عودة اللاجئين إلى هذه المنطقة، بل سيضاعف أعدادهم.
وحسب مستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الهدف الثالث لحزب الله هو طمأنة مناصريه بأنه على الرغم من الأضرار التي لحقت به، إلا أنه لا يزال في ذروة قوته ويستطيع الرد على العدو بالشكل المناسب.
وقال محللون على مواقع التواصل الاجتماعي: إن البعض يعتقد أنه بعد اغتيال عدد من قادة حزب الله، فقد هذا الحزب قدراته ولحق ضرر كبير بهيكله القيادي؛ لكن قصف حيفا وقاعدة رمات دافيد أظهرا أن الواقع شيء آخر.
وحسب هؤلاء المحللين، فإن حيفا هي الشريان الحيوي للكيان الصهيوني في شمال فلسطين المحتلة ويعيش فيها أكثر من 300 ألف نسمة، كما أن الأضرار التي ألحقها حزب الله أمس بهذه المنطقة غير مسبوقة.
كما أعلن الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ردا على المقاطع المنشورة عن الخسائر الفادحة للصهاينة بعد هجمات حزب الله، أن المقاومة اللبنانية بعد انضمامها إلى معركة عاصفة الأقصى، بعد يوم من بدء هذه المعركة، حتى اليوم بقوة لبنان وشعبه حمى ولم يسمح للعدو بتجاوز الخطوط الحمراء، إلا أن الأحداث التي جرت في الأيام الماضية والهجمات الإرهابية الإسرائيلية في لبنان دفعت حزب الله إلى شل الحياة في شمال الأراضي المحتلة، ووجهت المقاومة اللبنانية رسالة لنتنياهو وغيره من المسؤولين الصهاينة مفادها بأنه حتى المستوطنين لن يعودوا إلى الشمال من الأراضي المحتلة؛ إلا إذا توقفت الحرب في غزة بشكل كامل.
كما قال بعض المستخدمين إن "إسرائيل" اعتقدت أن تكثيف عدوانها على لبنان سيضع حزب الله أمام ثلاثة خيارات سيئة وأسوؤها الدخول في حرب شاملة لا يريدها حزب الله، وفصل جبهة جنوب لبنان عن جبهة غزة، وخضوع حزب الله لقواعد الصراع التي وضعتها "إسرائيل"، لكن حزب الله رد بسرعة كبيرة على "إسرائيل" وأثبت أن لديه القدرة على الرد على أي عدوان بالطريقة المناسبة وفي أي لحظة.
وبناء على ذلك، بعث حزب الله بهجمات الأمس رسالة إلى الصهاينة مفادها بأنه من المستحيل فصل جبهة الجنوب اللبناني عن جبهة غزة إلا بعد أن تتوقف الحرب بشكل كامل، ولا تزال المقاومة اللبنانية تتمتع بقدرة عالية على مواصلة عملياتها العسكرية.
وفي النهاية، يرى المراقبون أنه لا يزال من غير الممكن الحديث بشكل مؤكد عن بداية حرب واسعة النطاق، لكن إلى أن يتوقف عدوان الكيان الصهيوني على غزة بشكل كامل، فإن الوضع سيتجه نحو تصعيد التوترات وعلينا أن ننتظر التطورات المستقبلية.