الوقت- قالت صحيفة "ذا كالكاليست" العبرية، وهي وسيلة إعلامية متخصصة في الشؤون الاقتصادية، تناولت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في "إسرائيل"، إن محركات النمو توقفت، وإن الاقتصاد الإسرائيلي دخل في مسار الانهيار.
ذكرت هذه الوسيلة الإعلامية في مقدمة نصها أن الخسائر الاقتصادية ل"إسرائيل" أثرت على قطاعات حيوية مثل الاستثمار، والتصدير، والتكنولوجيا المتقدمة، ويأتي هذا التدهور في ظروف غير مسبوقة منذ تفشي فيروس كورونا.
وأضافت الوسيلة الإعلامية إن نتيجة هذه العملية حاليًا هي انخفاض حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، و حتى الاستهلاك الذي يظهر زيادة يرجع إلى الدعم الكبير الذي تقدمه البنية الحاكمة.
وكتبت الصحيفة أنه بعد ال 7 من أكتوبر، تعرض الاقتصاد الإسرائيلي للشلل، وفي الربع الأخير من عام 2023 بلغ هذا الوضع ذروته، واستمر النمط المتذبذب في عام 2024، كما استمر الانحدار مرة أخرى في الربع الثاني من هذا العام.
في جزء آخر من التقرير، أشير إلى أن أكثر الإحصاءات المثيرة للقلق التي نشرتها دائرة الإحصاءات الإسرائيلية تتعلق بحجم الاستثمارات والصادرات، على الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى زيادة بنسبة 5.2% في الاستثمار، إلا أن الدخول في التفاصيل يكشف عن العديد من المشكلات، فقد انخفض الاستثمار في صناعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بنسبة 51.3%، كما شهدت الاستثمارات في القطاعات الأخرى انخفاضاً ملحوظاً.
كما انخفض الاستثمار في إنتاج الملكية الفكرية بنسبة 2.2%، ويمكن ملاحظة تبعات ذلك في قطاع البنية التحتية وزيادة البطالة.
وفي جزء آخر من هذا التقرير، يشير إلى أن الإحصاءات المتعلقة بالصادرات شكلت مفاجآت سيئة ل"إسرائيل"، حيث انخفضت صادرات السلع والخدمات، باستثناء الألماس والشركات الناشئة، بنسبة 7.1% في الربع الثاني من عام 2024، على الرغم من أن الوضع كان أفضل مقارنة بالربع الرابع من عام 2023، الذي شهد انخفاضاً بنسبة 24.4%.
ويؤكد الخبراء الإسرائيليون أن الانخفاض بنسبة 12% في صادرات الخدمات رقم مقلق للغاية، ولا يتعلق فقط بتوقف السياحة، بل يشمل أيضًا تدهور صادرات الخدمات في القطاعات الأخرى.
وكتبت "ذا كالكاليست" أن الخسائر التي تكبدتها الصادرات الإسرائيلية سيكون لها عواقب طويلة الأجل على الاقتصاد الإسرائيلي، لأن الصادرات شكلت في السنوات الأخيرة بين 31% و32% من الناتج المحلي الإجمالي ل"إسرائيل"، ما يعني أنها تشكل حوالي ثلث الدخل القومي ويمكن اعتبارها أحد عناصر الاستقرار الاقتصادي، وإن حذف هذه النسبة يمكن أن يسبب خسائر كبيرة في مجال التوظيف والإيرادات الحكومية.
في المقابل، نشهد زيادة في استهلاك القطاعات الدفاعية التي تجاوزت 25% في الربع الثاني من عام 2024.
وتؤكد هذه الوسيلة الإعلامية العبرية المتخصصة أن أسوأ الأرقام في الربع الثاني من هذا العام تتعلق بتخفيض التوقعات للنمو والتطور في مختلف قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي، و في يوليو الماضي، خفض البنك المركزي الإسرائيلي توقعاته للنمو لعام 2024 من 2% إلى 1.5%، وفي الأسبوع الماضي، خفض توقعاته للنمو لعام 2025 من 5% إلى 4.2%.
وفي نفس السياق، خفض بنك "جي بي مورغان"، وهو أكبر بنك استثماري في العالم، توقعاته لنمو "إسرائيل" لهذا العام إلى 1.6%، في تقييمه لهذا الوضع، وصف البنك تسارع النمو الاقتصادي ل"إسرائيل" بأنه في حالة ضعف، بناءً على بيانات الربع الثاني من هذا العام، مشيراً إلى أن الوضع قد يسوء في الربع الثالث.
وفي نهاية هذا التقرير، تم ذكر أن حالة عدم اليقين، وانعدام الاستقرار الجيوسياسي والداخلي، وتدهور مكانة "إسرائيل" على المستوى الدولي، واحتمالية تخفيض الميزانية مجددًا بشكل غير مسؤول، وعدم اعتماد ميزانية لعام 2025 بسبب الخلافات السياسية بين السياسيين، بالإضافة إلى عودة التضخم المقلقة، كل هذه العوامل تشكل جزءًا من المشكلات الاقتصادية الحالية ل"إسرائيل"، تجعل هذه المشاكل من الصعب على أمير يارون، رئيس البنك المركزي الإسرائيلي، تنفيذ برامجه بنجاح.
غزة تذبح الاقتصاد الإسرائيلي بشكل مباشر وغير مباشر
الحرب على غزة لها تأثيرات متعددة الأوجه على الاقتصاد الإسرائيلي، وتشمل هذه التأثيرات جوانب مباشرة وغير مباشرة، وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي توضح كيف يمكن لحرب غزة أن تؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي:
1- تأثير مباشر على القطاعات الاقتصادية
البنية التحتية والأضرار المادية: الهجمات الصاروخية والعمليات العسكرية تؤدي إلى تدمير البنية التحتية في المدن والمناطق الحدودية، ما يتطلب إعادة بناء وإصلاحات كبيرة، هذا يؤدي إلى تكاليف اقتصادية مباشرة ويؤثر على الميزانية العامة.
تعطيل الأعمال التجارية: تتسبب العمليات العسكرية والإنذارات المستمرة في تعطيل الحياة اليومية والأعمال التجارية في المناطق المتأثرة، وخصوصاً في الجنوب، هذا التعطيل يؤثر على الإنتاجية ويؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للشركات.
2- تكلفة العمليات العسكرية والأمنية
الإنفاق الدفاعي: زيادة النفقات على العمليات العسكرية والأمنية تعتبر جزءًا كبيرًا من التأثير الاقتصادي، هذه النفقات تتضمن تكاليف تشغيل الجيش، إعادة تجهيز المخازن، ونفقات الطوارئ، كما أن زيادة الإنفاق الدفاعي يمكن أن تؤدي إلى إعادة تخصيص الموارد من القطاعات الأخرى مثل الصحة والتعليم إلى الدفاع، ما يؤثر على النمو الاقتصادي العام.
التأثير على ميزانية الدولة: إنفاق الدولة على الدفاع والأمن خلال فترات النزاع يزيد بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى عجز في الميزانية وتراكم الديون، هذا الأمر يمكن أن يؤثر على قدرة الحكومة على تمويل البرامج الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل.
3- التأثير على الاستثمارات والقطاع المالي
هروب المستثمرين وتراجع الثقة: النزاعات المستمرة تؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين في السوق الإسرائيلي، ما يدفع بعض المستثمرين إلى سحب استثماراتهم أو تأجيل خططهم الاستثمارية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى هبوط في البورصة وتراجع في قيمة الشركات الإسرائيلية.
تأثير على العملة: زيادة حالة عدم اليقين الناجمة عن النزاعات يمكن أن تؤثر على قيمة الشيكل الإسرائيلي مقابل العملات الأخرى، ما يزيد من تكاليف الاستيراد ويؤثر على الميزان التجاري.
4- تأثير طويل الأمد على الاقتصاد
تراجع النمو الاقتصادي: الحروب تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي نتيجة لتراجع النشاط الاقتصادي وتعطيل الأعمال، وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تراجع في معدلات النمو الاقتصادي وزيادة في معدلات البطالة.
الهجرة والعقول: في ظل تصاعد التوترات والنزاعات، قد يفكر بعض الإسرائيليين في الهجرة إلى الخارج بحثًا عن الأمان والاستقرار الاقتصادي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى هجرة العقول وفقدان كفاءات مهمة من القوى العاملة.
5- التأثير على التجارة والصادرات
تراجع الصادرات: النزاعات تؤدي إلى تراجع الأنشطة الاقتصادية بما في ذلك الصادرات، وبعض الأسواق الدولية قد تتجنب المنتجات الإسرائيلية نتيجة للأوضاع الأمنية، ما يؤثر على قطاع التصدير الذي يعد جزءا مهما من الاقتصاد الإسرائيلي.
زيادة التكاليف اللوجستية: التأثير على موانئ النقل والبنية التحتية اللوجستية قد يؤدي إلى زيادة تكاليف النقل والتأمين، ما يؤثر على تجارة الصادرات والواردات.
يصبح الوضع الاقتصادي في "إسرائيل" يومًا بعد يوم أكثر كآبة، وعلى عكس مزاعم الحكومة، لا يتوقع أن تُحل هذه الظروف من تلقاء نفسها، وحتى إذا تحقق النصر الحاسم الذي تنتظره الحكومة، فلن يتحسن الوضع الاقتصادي.