الوقت- منذ شن الحرب العدوانية على غزة والأسرى الفلسطينييون في سجون الاحتلال يعيشون أصعب أيامهم من خلال انتهاج مصلحة السجون الإسرائيلية سياسة انتقامية نازية بعيدة عن الإنسانية بحق الأسرى ومن أبرز الممارسات الإسرائيلية التي شكلت نوعاً من الموت البطيء للأسرى، سياسة التجويع حتى الموت، والإهمال الطبي المتعمد الذي يُعد وجها آخر للإعدام، والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والترهيب والتهديد، والاعتداء على الكرامة الشخصية من السجّانين بمصلحة سجون الاحتلال وجميعها سياسات انتقامية من الأسرى تحظى بإجماع داخل المشهد السياسي الإسرائيلي.
وبينما تشير التقارير المختلفة إلى ارتفاع مستوى العدوان الصهيوني الغاشم على الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، فإن العديد من المنظمات الحقوقية والجهات ذات الصلة تتحدث عن حرب "إسرائيل" الكبرى مع الأسرى الفلسطينيين.
معسكر سيدي تيمان أو جحيم غوانتنامو ؟
كان الاعتداء الجنسي على الأسرى في معسكر سدي تيمان فصلا من أكثر الفصول مأساوية التي تعاني منها الحركة الأسيرة
ومنذ الأشهر الأولى لحرب غزة، نُشرت تقارير عديدة حول معسكر سيء السمعة وخطير يسمى "سيدي تيمان" وهو عبارة عن سجن في قاعدة عسكرية بصحراء النقب على بُعد 30 كيلومترا من قطاع غزة في اتجاه مدينة بئر السبع، أنشأه الجيش الإسرائيلي مباشرة بعد بداية عدوانه على غزة في ال 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب عملية طوفان الأقصى، ونقل إليه العديد ممن اعتقلهم في غزة، بينهم أطفال وشباب وكبار في السن.
يتعرض فيه السجناء لانتهاكات جسدية وجنسية فظيعة، ووثقت صحيفة نيويورك تايمز سياسة التعذيب والتنكيل الممنهجة بحق السجناء والمعتقلين الفلسطينيين من قبل "إسرائيل" منذ ال 7 من أكتوبر/تشرين الأول في تحقيق استمر ثلاثة أشهر وشمل مقابلات مع جنود صهاينة وسجناء فلسطينيين داخل معتقل سيدي تيمان.
قال أحد مراسلي صحيفة نيويورك تايمز عن حالة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في مخيم سيدي تيمان: كانوا يجلسون وأيديهم مقيدة وأعينهم مغلقة ولم يكن لهم الحق في الكلام، كما لم يُسمح لهؤلاء الأشخاص بالتحرك أو النوم دون إذن.
وفي هذا التحقيق الذي أجرته صحيفة نيويورك تايمز، تم الكشف عن أساليب تعذيب مختلفة للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك الضرب المبرح بالهراوات وأعقاب البنادق، والصعق بالكهرباء أثناء الاستجواب، والاعتداء الجنسي، والصعق الكهربائي المتكرر، وتعريض المعتقلين للموسيقا الصاخبة والمزعجة ومنعهم من النوم والتعري أثناء التحقيق ونحو ذلك.
وقال العديد من الأطباء لمراسلي شبكة CNN"" في أغلب الحالات، اضطررنا إلى بتر أيدي وأقدام المعتقلين بسبب الإصابات الخطيرة الناجمة عن القيود المستمرة على أيديهم وأقدامهم"، بالإضافة إلى ذلك، تتم العمليات الطبية لهؤلاء المعتقلين من قبل أطباء غير مؤهلين، وأصبح مركز احتجاز سيدي تيمان يعرف باسم "جنة المتدربين الطبيين"؛ حيث لا تؤخذ بعين الاعتبار الحالة الجسدية الخطيرة للمعتقلين وإصاباتهم المعدية الخطيرة، كما يتم إجراء العديد من العمليات الجراحية من دون تخدير أو مسكنات للألم.
ويقول أحد الأطباء العاملين في المستشفى فيما يتعلق بإطعام هؤلاء المعتقلين الفلسطينيين، إنه حتى داخل المستشفى الميداني فإن طريقة توزيع الطعام على المعتقلين الفلسطينيين مهينة للغاية، فالسجناء لا يستطيعون حتى استخدام المراحيض ويتعرضون للإهانة بطريقة غير إنسانية ويجبرون على اتساخ ملابسهم.
العدد مجهول!
وبسبب سياسة الإخفاء القسري، لا تملك السلطات الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية معلومات دقيقة حول أعداد أسرى القطاع، وعدد الشهداء الذين قضوا منهم داخل السجون.
لكنّ صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، كانت قد كشفت يوم ال 29 من يوليو/تموز الماضي أن 36 أسيرا من غزة، قُتلوا داخل سجون الاحتلال منذ بداية الحرب، كما ذكرت في تحقيق نشرته في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، أن العديد من أسرى غزة فقدوا بعض أطرافهم بسبب تقييدهم لساعات طويلة وسوء الرعاية الطبية.
تعدت مفهوم الوحشية
بالعودة إلى النازية الصهيونية ذكر العديد من السجناء المحررين بعضا من الممارسات التي تعدت مفهوم الوحشية فالسجانون يقيدون الأسرى، ويعصبون عيونهم، ويجبرونهم على المكوث في وضعيات غير مريحة طوال الوقت، عدا عن أن حوالي 5 إلى 6 ساعات يوميا، هي ساعات النوم، ويمنعونهم من الحديث، أو تغيير شكل جلستهم، وأي أسير يقوم بأي حركة، حتى لو كانت غير إرادية كأن يغفو مثلا، يتم عقابه من خلال الشبح وقوفا أو الجلوس على ركبتيه لساعات طويلة، ويصاب الأسرى بأمراض عديدة جراء العنف الجسدي والعقاب الجماعي، والتنكيل المتواصل،
عدا عن استخدام السجانين الكلاب المتوحشة بشكل مفرط، للتنكيل بالأسرى، وبطبيعة الحال فالأمثلة على التعذيب كثيرة جدا، وما يميزها الوحشية المفرطة.
تحذيرات دولية بشأن أوضاع الأسرى الفلسطينيين
أشارت منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها، إلى الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الجيش الصهيوني ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك تكبيل الأسرى المرضى وربطهم بالأسرة وعدم تقديم العلاج الطبي المناسب لهم.
وفي هذا السياق، أعربت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء التعذيب الوحشي الذي يمارسه عناصر الشاباك ضد السجناء الفلسطينيين.
وأشارت "فرانشيسكا ألبانيز"، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، في تقرير حول الاعتقالات التعسفية للفلسطينيين من قبل الجيش الصهيوني، إلى جرائم "إسرائيل" الممنهجة وطويلة الأمد ضد الفلسطينيين، والتي حرمتهم من حريتهم لعدة أجيال ومن أبسط الحقوق التي منحها لهم القانون الدولي.
وبطبيعة الحال، لا يقتصر التعذيب الوحشي ضد السجناء والمعتقلين الفلسطينيين على معتقل سيدي تيمان الوحشي، والوضع هو نفسه في مراكز الاعتقال والسجون الأخرى، وفي هذا السياق، أعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن هناك 9400 أسير فلسطيني في مختلف السجون الإسرائيلية، منهم 53 أسيراً استشهدوا تحت التعذيب في مختلف المعتقلات والسجون، أبرزها معتقل سيدي تيمان.
وأشارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى أساليب التعذيب التي يتعرض لها الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في مختلف سجون نظام الاحتلال، والتي تشمل حرمان الأسرى من الطعام والماء، وحرق أجسادهم بالسجائر، واستخدام الكلاب البرية لمهاجمة الأسرى وغيرها.
وفي هذا السياق، اضطر الجيش الصهيوني، وتحت ضغط المنظمات الحقوقية، إلى الاعتراف بمقتل 36 أسيراً فلسطينياً من غزة في معتقل سيدي تيمان، توفوا نتيجة التعذيب، لكن بيانات الأمم المتحدة تظهر أن عدد الأسرى والمعتقلين الذين استشهدوا في معتقل سيدي تيمان أعلى بكثير من العدد الذي أعلنه الجيش الإسرائيلي.
تحريض رسمي
لطالما عمل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على التحريض على إعدام الأسرى وتعذيبهم من دون أي إنسانية بشكل خاص من خلال تصريحاته التي دعا من خلالها إلى تطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى للتخلص من اكتظاظ السجون الإسرائيلية!
وخلال الحرب على غزة، صادقت لجنة شؤون الأمن القومي بالكنيست على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، الذي ينص على "فرض عقوبة الإعدام على من يرتكب أي عمليات قتل لإسرائيليين لدوافع قومية، ومخالفات تهدف للمساس بإسرائيل، وحق الشعب اليهودي في أرضه".
ويشمل القانون "كل من يثبت ضلوعه بالمخالفات أو التخطيط لها أو دفَع أشخاصا لارتكابها"، وبهذا الشكل تستخدم القوات الصهيونية هذا القانون كذريعة لاعتقال الفلسطينيين بحجج واهية كاذبة.