الوقت - رغم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتعددة التي واجهها الكيان الصهيوني منذ زرعه، إلا أن عملية "طوفان الأقصى" وجهت ضربة قاسية لاقتصاده، ومن هنا، تتم متابعة نقاط الضعف الاقتصادية للكيان الصهيوني بعناية من قبل المحللين.
بعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، واغتيال الشهيد فؤاد شكر، القائد البارز في حزب الله لبنان في بيروت، أعلن محور المقاومة أن الرد على هذه الجرائم سيكون حتمياً وشديداً.
وفي رسالة بمناسبة استشهاد الشهيد هنية، أكد قائد الثورة الإسلامية أن الكيان الصهيوني الإجرامي والإرهابي قد قتل ضيفنا العزيز في بيتنا، ما جعلنا في حداد، ولكنه أيضًا أعد لنفسه عقوبة شديدة، وأضاف: "نحن نعتبر الانتقام لدمه واجباً علينا في هذا الحادث المؤلم والصعب الذي وقع في أراضي الجمهورية الإسلامية".
يعتقد المحللون السياسيون أن الرد الأمثل لمحور المقاومة على هذه الجرائم يتضمن أهدافاً واسعة النطاق في "إسرائيل"، ولكن الهدف الإستراتيجي وطويل الأمد الأفضل هو تشديد الحصار البحري على الصهاينة في البحر المتوسط، في التقرير التالي، نلقي الضوء على كعب أخيل اقتصاد الكيان الصهيوني في حال نشوب مواجهات عسكرية أوسع.
دور الموانئ في اقتصاد الاحتلال الصهيوني
وحسب إحصائيات البنك الدولي فإن الكيان الصهيوني دولة ذات دخل مرتفع ولديها قطاع تكنولوجي وصناعي متطور، كما أن هذا الكيان لديه قطاع شحن تجاري يضم 6 موانئ ومحطات نفطية مهمة، لقد تعرضت هذه الموانئ لأضرار جسيمة في حرب غزة وستعاني بشكل أسوأ إذا اندلعت الحرب في شمال الأراضي المحتلة.
الموانئ الرئيسية في "إسرائيل":
ميناء حيفا: يعد الميناء الرئيسي لـ"إسرائيل"، حيث يتم التعامل مع حوالي 30 مليون طن من البضائع وأكثر من 2 مليون مسافر سنويًا.
ميناء أسدود: ثاني أكبر ميناء تجاري في "إسرائيل"، يقع على بعد 40 كيلومترا من تل أبيب ويستقبل مجموعة متنوعة من البضائع.
ميناء إيلات: يقع بالقرب من خليج العقبة في البحر الأحمر ويستخدم أساسا لاستيراد السيارات من الشرق الأقصى.
ميناء تل أبيب: مركز تجاري وترفيهي، تأسس في عام 1936 ولكنه فقد أهميته بعد ظهور النقل بالحاويات.
ميناء حضره: يتضمن محطة للفحم والنفط ويخدم محطتين رئيسيتين للطاقة.
ميناء أشكلون: محطة نفطية مهمة تقع بالقرب من غزة وأسدود، تعرضت للإغلاق بعد بدء الحرب في غزة.
إغلاق موانئ الكيان الصهيوني بعد بدء حرب غزة
أعلنت القوات المسلحة اليمنية منذ بدء حرب غزة أنها ستستهدف السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني وحلفائه في البحر الأحمر حتى تتوقف الجرائم الحربية للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، وقد أدت هجمات اليمنيين على سفن المحتلين في البحر الأحمر واستهداف الميناء الوحيد المحتل في هذا الممر البحري إلى إلحاق أضرار اقتصادية كبيرة بالكيان المحتل، لم يتعرض ميناء إيلات لهجمات من اليمن فحسب، بل تعرض أيضًا لهجمات متكررة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة من العراق والبحرين، ما أدى إلى فرض خسائر اقتصادية كبيرة على المحتلين.
في أعقاب هذه الهجمات، توقفت شركات الشحن الكبرى، وخاصة تلك التي كانت تنوي تسليم البضائع للمحتلين، عن التوجه نحو ميناء إيلات وأوقفت عمليات الشحن في البحر الأحمر، أجبرت إجراءات القوات المسلحة اليمنية مئات سفن البضائع على اتخاذ مسار أطول بنحو أربعة آلاف ميل نحو إفريقيا ومن هناك إلى أوروبا، ما زاد من تكاليف النقل بشكل كبير، وعلى الرغم من أن هذا الميناء أصغر بكثير من موانئ أسدود وحيفا في البحر المتوسط، فإن تأثير هجمات القوات المسلحة اليمنية على التجارة الصهيونية كان واضحًا.
جدعون جلوبير، مدير ميناء إيلات، أقر بإفلاس هذا الميناء، وقال: "لقد أغلق اليمنيون الأبواب للوصول إلى هنا".
وأعلن ميناء إيلات إفلاسه بسبب انخفاض النشاط بنسبة 85٪ نتيجة لهجمات اليمنيين على السفن في البحر الأحمر، وطلبت سلطات الميناء المساعدة من الحكومة المحتلة.
كما أعلنت إدارة ميناء إيلات في مارس نيتها تسريح نصف موظفيها البالغ عددهم 120 بسبب انخفاض مستوى النشاط، وأعلن الاتحاد الرئيسي للعمال في الأراضي المحتلة أن ميناء إيلات تعرض لضربة مالية كبيرة بسبب أزمة الشحن في البحر الأحمر، وأن نصف عمال الميناء مهددون بفقدان وظائفهم.
قلق الكيان الصهيوني من انتشار الإفلاس إلى موانئ أخرى
بعد إعلان إفلاس ميناء إيلات، وهو أهم ميناء للكيان الصهيوني في البحر الأحمر الواقع في جنوب الأراضي المحتلة، أعربت السلطات الصهيونية عن قلقها من انتشار الإفلاس إلى موانئ أخرى مهمة مثل ميناء "أشكلون" و"حيفا" في البحر المتوسط.
رغم إنشاء ممر بري من الإمارات لنقل البضائع إلى الكيان الصهيوني بعد بدء حرب غزة، لتجنب مرور الشحنات البحرية عبر البحر الأحمر حيث تهاجمها أنصار الله ومن ثم تستهدف في ميناء إيلات، لم يكن هذا الممر بديلاً كافيًا للشحنات البحرية القادمة من آسيا.
مصير موانئ الكيان الصهيوني في حال فتح جبهة جديدة
يستعد ميناء أسدود لسيناريوهات تصعيد التوتر من الشمال مع حزب الله، حيث إن هذا الميناء وميناء حيفا في مرمى صواريخ حزب الله، وحذر شاؤول اشنایدر، رئيس مجلس إدارة ميناء أسدود، من أنه إذا فتحت جبهة الحرب في شمال الأراضي المحتلة، فإن جميع موانئ الكيان الصهيوني، باستثناء ميناء أسدود، ستتوقف عن العمل نتيجة التوتر في الشمال وإغلاق ميناء إيلات.
في مقابلة مع صحيفة "معاريف" العبرية، أوضح اشنایدر أن ميناء أسدود هو الميناء الحكومي الوحيد، كما أشار إلى أن 99٪ فعليًا من البضائع تصل إلى الأراضي المحتلة عبر البحر.
وقال إن هذا الميناء هو بوابة استقبال 40٪ من البضائع المستوردة، مؤكدًا أن أسدود يخدم مؤخرًا كلًا من المؤسسات الأمنية والعسكرية للمحتلين وكذلك الأمريكيين، كما ادعى اشنایدر أن ميناء أسدود هو منشأة إستراتيجية تواصل العمل تحت وابل الصواريخ.
وفي هذا السياق، حذرت وسائل إعلام إسرائيلية من التقليل من شأن اليمنيين، حيث حذرت صحيفة "إسرائيل هيوم" من عواقب التقليل من تهديد اليمن وأشارت إلى تداعياته العالمية، مؤكدة أن الأمريكيين والأوروبيين غير قادرين على مواجهة هذا التهديد.
وحذر يوئل جوزانسكي، الباحث الأمني للكيان الصهيوني من "معهد دراسات الأمن القومي"، من التقليل من شأن تهديد اليمن، وحتى حذر من حرب شاملة مع اليمن، وأعرب جوزانسكي عن قلقه من قدرات اليمنيين قائلاً إنهم يعرفون كيف يصنعون الصواريخ والطائرات المسيرة والزوارق المتفجرة، بالإضافة إلى ذلك، حذر هذا المحلل الإسرائيلي من أن "إسرائيل" لا تعرف كيف تتعامل في الوقت نفسه مع اليمن والعراق وإيران ولبنان وسوريا وقطاع غزة.
شراء ميناء في قبرص خوفاً من الحرب مع حزب الله
أفادت صحيفة "إسرائيل هيوم" في 11 مارس بأن الكيان الصهيوني يسعى لإنشاء ميناء في قبرص لاستخدامه في حال إغلاق ميناء حيفا خلال الحرب مع حزب الله، ويعد إنشاء ميناء في لارنكا للكيان الصهيوني أمراً ملحاً لتجنب الحالة الحربية التي قد تنقطع فيها الإمدادات التجارية والعسكرية، ويخشى الكيان الصهيوني بشكل خاص أن يتم إغلاق ميناء حيفا في شمال الأراضي المحتلة بسبب حرب شاملة مع حزب الله، وتملك المقاومة اللبنانية حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة، بما في ذلك صواريخ قادرة على استهداف حيفا وحتى تل أبيب.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير لها في ذلك الوقت أن تل أبيب تسعى من خلال شراء ميناء في قبرص لتحقيق هدفين رئيسيين، الأول هو استخدام هذا الميناء لتفتيش السفن المحملة بالمساعدات الإنسانية قبل وصولها إلى رصيف أو ميناء تسعى الولايات المتحدة لإنشائه على ساحل غزة، والهدف الثاني هو رفع الحصار عن موانئ المحتلين، ويعد هذا الإجراء جزءًا من جهود تل أبيب للعثور على مسارات بحرية لنقل البضائع إلى الأراضي المحتلة في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية للأمن الداخلي للكيان الصهيوني والخدمات اللوجستية البحرية.
ولكن خلافاً للتقارير الإخبارية، فإن الهدف الرئيسي من تأسيس ميناء في قبرص ليس نقل المساعدات إلى غزة، حيث ذكر مصدر مطلع لـ"إسرائيل هيوم" أن الكيان الصهيوني يعتزم أيضاً جعل ميناء لارنكا جزءًا من محور نقل بديل لربط أوروبا والهند عبر هذا الكيان، ويأمل الكيان الصهيوني في أن يتمكن من إنشاء هذا المسار في إطار تطبيع العلاقات المستقبلية مع السعودية، وسيدير الكيان الصهيوني ميناء لارنكا، وستقوم الشركات التابعة للكيان بمهام التفتيش الأمني.